تصيبُ
المراهقة المتأخرة عدداً كبيراً من الرجال الذين تخطُّوا سن 35،
فيتغيَّر نمط حياتهم، وتصبحُ تصرفاتهم مثار دهشة لمَنْ يحيطون بهم من أهل
وأصدقاء. إنهم يدخلون في قصص حب، ومغامرات عاطفية تهدِّد في غالب الأحيان
استقرار بيوتهم وعائلاتهم، والزوجة هي التي تدفع الثمن الأكبر لتلك
المراهقة التي أصابت زوجها فجأة!
فما هي أسباب المراهقة المتأخرة التي
تصيب بعض الرجال خصوصاً بعد تجاوزهم سن الأربعين أو الخمسين؟وكيف يتمُّ
التعامل معها من طرف أولئك الذين يحيطون بالمراهق «الكبير»؟
في هذا التحقيق نصغي إلى شهادات وآراء من أكثر من بلد عربي.
أعراض المراهقة المتأخرة
ترين زوجك الوقور
يقوم بأفعال صبيانية، ويطيل النظر إلى نفسه بإعجاب أمام المرآة، ويهتم
بنفسه اهتماماً مبالغاً فيه ويغير في «استايل» ملابسه ويدارى وقار الشعر
الأبيض بالصبغة السوداء. لكن لا تقلقي كثيراً فهذه أعراض إصابته بالمراهقة
المتأخرة كما يؤكد الدكتور صالح عبدالكريم مدرس علم النفس، ويضيف: هناك
أعراض أخرى منها إصابته بثورة انفعالية إزاء أتفه الأسباب ودخوله حالة
الهيام، وأحلام اليقظة.
في المجمل العام تبدو هذه الأعراض صعبة الاحتمال ومن الصعب أن تتعايشي معها، ولكن الدكتور صلاح عبد الكريم
ينصحك بتفهم المرحلة حتى تستطيعي اجتيازها معه بدون خسائر، ويقول: عليكِ
أن تستوعبي زوجكِ وان تفهمي أن هذه الأعراض سرعان ما تزول بعد فترة من
الزمن، المهم أن تظهري له دوماً أنكِ مازلتِ معجبة به وبشبابه حتى لا يبحث
عن الإعجاب في عيون أخرى، ومهم أيضاً أن تفهمي نمط شخصية زوجك، فهناك رجل
حُرم من الحب في الطفولة فيبحث عنه في المراهقة المتأخرة، وهناك من كان
مرتبطاً بحب أمه الزائد ومع تقصير زوجته في الحب والاهتمام يبحث عنه مع
أخريات في مراهقته المتأخرة، فالحل هو أن تظلي معجبة به وتظهري له أنه
مازال الفارس الشاب ومن جانب آخر اعملي على شغل فراغه باقتراح مشروع ما أو
تأليف كتاب أو ادفعيه إلى المساهمة في عمل اجتماعي خيري أو اشغليه
بالاهتمام بقضية عامة، كل ذلك يشغل ذهنه ويبعده عن التفكير في المراهقة.
ويضيف: قد يكون
الدافع إلى المراهقة المتأخرة أسباب عميقة في نفسية الرجل منها الحرمان
الزائد في التربية وفي فترة المراهقة كأن يمنعه الأهل مثلاً من الاختلاط
بالبنات بدافع أنه عيب، فيحاول تعويض ذلك في الكبر بما لم يعشه في الصغر
فيطلق على هذه التصرفات «نكوص وارتداد لمراحل سابقة من العمر» وهذا يكون
هروباً إلى الماضي، وكأنه يهرب من اعترافه بسنه وشيخوخته والتغيرات الجسدية
التي حدثت له، وكأنه يؤكد لنفسه والآخرين أنه مازال صغيراً ومرغوباً فيه.
ويأتي السبب النفسي الأعمق للمراهقة المتأخرة بأن تكون سلوكاً دفاعياً ضد
الاكتئاب، وهذا النمط من الشخصيات لو بحثنا في شخصيته سنجده يهرب من
الاكتئاب بالخروج والتعاملات والمعاكسة ونمط المراهقة المتأخرة، وكأن في
الأعماق اكتئاباً وفي السطح حالة من الهوس.
أصل التَّسمية
أماالدكتورة هدى زكريا
أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية فتقول: تصيب
المراهقة المتأخرة بعض الرجال الذين كانوا يعانون حرماناً في فترة الطفولة
والشباب، فالرجل المكافح العصامي لا يجد وقتاً ليتزوج عن حب، وعندما يجني
ثمار نجاحه وشهرته وتألقه في الخمسين من عمره يتذكر أنه لم يكن لديه وقت
ليحب فيبحث عن الحب ليعيش ما فاته ولا شك أنه يجد حوله الكثيرات من الفتيات
الصغيرات، فينسى أن زوجته رفيقة الكفاح ويتذكر فقط حاجته إلى حياة جديدة
لم يعشها من قبل، أتذكر أن إحدى الشاكيات من المراهقة المتأخرة قالت لي:
وقفت بجوار زوجي كثيراً فهل يكون هذا جزائي؟!
وتضيف: نطلق على
المراهقة لفظ متأخرة، لأن الرجل في هذا الوقت يكون في الخمسين من عمره،
وهنا يجد نفسه أوشك على الشيخوخة وفي اللحظة نفسها تكون لديه رغبه في
التمسك اكثر بالحياه وقد يقع في حب بنت صغيرة أو امرأة أخرى وتكون مشاعر
جديدة عليه، وبناء عليه قد يحتفظ بعض الرجال بزوجاتهم في المنزل من أجل
الأولاد والمظهر الاجتماعي، وقد يغير البعض حياته كاملة ويطلق أم الأولاد،
فتجني الزوجة الجديدة نتاج كفاح الأولى والزوجه عليها أن تتعامل بذكاء مع
تلك المشكلة حتى تمرّ الأزمة بسلام.