تقنية الساعات الجزيئية في نشأت الحيوانات المبكرة
قال تشن ونحن نراقب العربة تختفي عند منحنى في الطريق:في هذه الشاحنة أحفورة لحيوان متماثل الجانبين. كنت قد جمعتُ مع<تشن> [عالم الأحافير (المستحاثات) بالأكاديمية الصينية للعلوم في نانينگ] و [وهو زميل بجامعة كاليفورنيا الجنوبية] حمولة شاحنة من الصخور السوداء من ترسيبات يراوح عمرها بين580 و 600 مليون سنة في إقليم گويزو. لقد كان <تشن> متأكدا من أنها تحمل شيئا غاية في الأهمية.
نظرة إجمالية/ أقدم مما تصورنا
ترسم نشأة التماثل الجانبي علامة لخطوة حاسمة في التطور المبكر للحيوانات.
يومئ التحليل الوراثي إلى أن التماثل الجانبي نشأ وظهر قبل ما يراوح بين573 و 656 مليون سنة، إلا أن الخلاف يشوب هذا التاريخ لأسباب عديدة، أقواها أنه حتى الآن ترجع أقدم الأحافير (المستحاثات) المتماثلة الجانبين إلى555 مليون سنة مضت فقط.
حديثا، وجد المؤلف وزملاؤه دليلا من الأحافير يدعم التاريخ الأقدم: كائنات مجهرية في رواسب صينية يرجع عمرها إلى ما يراوح بين 580 و 600 مليون سنة.
إن الأحافير الصغيرة لا تدعم فقط التاريخ القديم لبداية الحياة الحيوانية المعقدة، وإنما توضح أيضا أن التعقيد الداخلي نشأ وتطور قبل أن تتطور الزيادة في الحجم.
كنا قد أتينا إلى گويزو عام 2002 للبحث عن أحافير مجهرية لبعض الحيوانات الممعنة في القدم على وجه الأرض، وبالتحديد كنا نأملُ العثورَ على حيوان متماثل الجانبين. إن ظهور التماثل الجانبي ـ توازن صورة المرآة للأطراف والأعضاء ـ يمثل خطوة بارزة في تاريخ الحياة. فلم تكن الحيوانات العديدة الخلايا الأولى متماثلة الجانبين، وإنما كانت قطرات مائية غير متماثلة ـ إسفنجيات ـ قامت بتصفية جزيئات الغذاء من تيارات الماء التي تولدها؛ أما اللواسع، وهي كائنات مائية شعاعية التماثل، فقد كانت أكثر تعقيدا، إذ كانت مزودة بخلايا لاسعة متخصصة يمكنها شل حركة الفريسة. وتشكل الحيوانات المتماثلة الجانبين بقية الحيوانات من الديدان حتى الإنسان، وفي بعض مراحل دورة حياتها لا تُظهر جميعها التوازن الأيمن-الأيسر الواضح فحسب، بل أيضا جسما متعدد الطبقات له فم ومِعى وشرج.
وحتى بضع سنوات مضت، كانت الآراء متفقة على أن الحيوانات المتماثلة الجانبين ظهرت في سجل الأحافير قبل 555 مليون سنة، مع أن معظمها ظهر في وقت لاحق في تفجر ابتكاري يعرف بالانفجار الكامبري، بدأ قبل نحو542 مليون سنة. وقد أدت ندرة الأحافير المبكرة إلى استحالة تمحيص الآراء حول ما الذي أشعل فتيل هذا الانفجار أو حتى القول بالتأكيد ما إذا كانت هذه حقيقة أو مجرد ظن، لأن الحيوانات المبكرة لم تترك سوى آثار قليلة ملموسة. ولكن البحث على مدى السنوات الست الماضية ـ بما فيه بحثنا في إقليم گويزو ـ قد أدى إلى تغيير الرأي الذي اعتقدناه طويلا، وإلى القول بأن الحيوانات المعقدة قد نشأت وظهرت قبل الانفجار الكامبري بخمسين مليون سنة على الأقل.
الساعات الجزيئية والمناطق الرئيسية (المناطق الأم)
يعتبر التحليل الجزيئي، وبخاصة تقنية ما يسمى الساعات الجزيئية، مفتاحا للتفكير الحديث في متى نشأت الحيوانات المبكرة. وتعتمد فكرة «الساعة» على افتراض حدوث بعض تغيرات تطورية بمعدلات منتظمة. فعلى سبيل المثال تندمج الطفرات في دناDNA الجينات على مدى ملايين السنين بمعدل ثابت، ومن ثم يمكن أن تعمل الاختلافات في دنا الكائنات «كعينة زمنية» لقياس التاريخ الذي انشق split فيه نسلان من سلف مشترك واتجه كل منهما في طريقه المستقل مجمِّعا لطفراته المميزة.
ولتقدير توقيت منشأ المجموعات الحيوانية الرئيسية المختلفة، استخدم وزملاؤه [من جامعة ديوك] معدل ساعة جزيئية يعتمد على الحيوانات الفقارية. وتفترض نتائجهم، التي نُشرت عام 1996، أن متماثلات الجانبين تفرعت من حيوانات أكثر بدائية في وقت موغل في القدم خلال العصر ما قبل الكامبري Precambrianera، يبلغ 1.2 بليون سنة.
إنه أقدم الأحافير الحيوانية التي اكتُشفت حتى الآن، ويظهر تماثلا جانبيا، وهو کرنانيملكيولا الذي كان يعيش في البحار قبل ما يراوح بين 580 و 600 مليون سنة. هذا الشكل من إعادة البناء يكبّر الحيوان لإظهار مدى تعقيده، لقد كان في حياته بحجم النقطة التي في نهاية هذه الجملة.
وأظهرت الدراسات التالية باستخدام الساعة الجزيئية تقديرات لهذا الانشقاق تختلف اختلافات ذات دلالة تراوح بين قديم يبلغ بليون سنة وحديثٍ عند ما قبل العصر الكامبري مباشرة. وقد أدت هذه الاختلافات في التقدير بطبيعتها إلى الشك في التقنية المستخدمة. وتناولت دراسة حديثة قام بها وزملاؤه [من كلية دارتموث] بعض هذه الجوانب. وبوجه خاص استخدموا معدل ساعة جزيئية مشتقا من اللافقاريات وهو أبطأ من المعدل المعتمد على الفقاريات.
لقد وضع هذا البحث السلف المشترك الأخير لمتماثلات الجانبين عند تاريخ أحدث كثيرا، رغم بقائه أقدم من الانفجار الكامبري في الفترة بين 656 و 573 مليون سنة مضت. وحتى هذا التاريخ أشعل الاختلاف؛ وهكذا صار واضحا أن الأحافير الفعلية هي وحدها التي سوف تقدم دليلا لا يقبل الجدل على توقيت ظهور متماثلات الجانبين. وقد أعطى هذا التحقق دافعا كبيرا لعلماء الأحافير للخروج إلى الحقل للبحث عن أحافير أقدم من العصر الكامبري، وكنتُ واحدا من هؤلاء العلماء الذين تحمسوا للبحث عن تلك العينات المراوغة.
إن إحدى المشاكل الكبرى في البحث عن هذه الحيوانات هي أنه لم يكن لها هياكل صلبة يمكن أن تتمعدن وتصبح أحافير، لذا كان علينا أن نعتمد على الترسيب النادر الذي يحتفظ ـ بسبب نوعية الصخر والعمليات الكيميائية المعقدة المتضمَّنة في توضعه ـ بالتفاصيل المعقدة للبقايا العضوية. ويطلق على هذه الترسيبات «لاجَرْستاتِن»، وهي كلمة ألمانية معناها «المناطق أو القنوات الرئيسية» أو «المناطق الأم». إن المنطقة الرئيسية التي تحتفظ بنسيج لين تعتبر ندرة مثيرة، لا نعرف منها سوى بضع عشرات مبعثرة على سطح الأرض، لعل أشهرها راسب حجر سولنوفن الكلسي (الجيري) بألمانيا، الذي يحوي عينات تحتفظ بريشها عمرها 150 مليون سنة لطائر الأركيوبتيركس الذي يعتبر عامة أول أحفورة للطيور. وفي كولومبيا البريطانية يُظهر طفل «بورگس شيل»، وهي رواسب أقدم اكتسبت شهرتها من كتابات ، وفرة من كائنات عجيبة لينة الجسم من المحيطات القديمة للعصر الكامبري.
لقد قدمت إحدى المناطق الرئيسية الأقدم من طفل پورگس، في منطقة تشنجيانج بإقليم يونّان بالصين اكتشافات مهمة حديثة كثيرة عن كائنات لينة مميزة أيضا للانفجار الكامبري. وكما في بقع عديدة على الكوكب، تؤوي مناطق إبدياكارا ـ التي سميت باسم جبال إيدياكارا الأسترالية التي وجد فيها أول مثال ـ أحافير غريبة لينة الجسم لما قبل العصر الكامبري وجحورا وملاجئ حيوانية تضم دليلا على متماثلات للجانبين مبكرة.
ومما يدعو إلى الدهشة أن مجموعتين من علماء البيولوجيا الأحفورية أعلنتا عام 1998 عثورهما على أحافير تحتفظ بنسج لينة واضحة في منطقة رئيسية أخرى هي تكوينات دوشانتو Doushantuo Formation في إقليم گويزو بجنوب الصين. وتحتوي هذه الرواسب على إسفنجيات دقيقة لينة الجسم ولاسعات وبعض البيوض والأجنة الصغيرة جدا. ويتكون الراسب الذي توجد فيه من معدن فوسفات الكالسيوم (الأباتيت) الذي حل بدقة شديدة محل النسج اللينة لهذه الأحافير. وتوضح الدراسات الأخيرة أن هذه الصخور أقدم من أحياء إيدياكارا بما يقرب من 580 إلى 600 مليون سنة، ومن ثم فإن الأحافير الدقيقة التي تحويها قد عاشت ما يراوح بين 40 و 50 مليون سنة قبل العصر الكامبري.
وأظهرت الدراسات التالية باستخدام الساعة الجزيئية تقديرات لهذا الانشقاق تختلف اختلافات ذات دلالة تراوح بين قديم يبلغ بليون سنة وحديثٍ عند ما قبل العصر الكامبري مباشرة. وقد أدت هذه الاختلافات في التقدير بطبيعتها إلى الشك في التقنية المستخدمة. وتناولت دراسة حديثة قام بها < K. بيترسون > وزملاؤه [من كلية دارتموث] بعض هذه الجوانب. وبوجه خاص استخدموا معدل ساعة جزيئية مشتقا من اللافقاريات وهو أبطأ من المعدل المعتمد على الفقاريات.
لقد وضع هذا البحث السلف المشترك الأخير لمتماثلات الجانبين عند تاريخ أحدث كثيرا، رغم بقائه أقدم من الانفجار الكامبري في الفترة بين 656 و 573 مليون سنة مضت. وحتى هذا التاريخ أشعل الاختلاف؛ وهكذا صار واضحا أن الأحافير الفعلية هي وحدها التي سوف تقدم دليلا لا يقبل الجدل على توقيت ظهور متماثلات الجانبين. وقد أعطى هذا التحقق دافعا كبيرا لعلماء الأحافير للخروج إلى الحقل للبحث عن أحافير أقدم من العصر الكامبري، وكنتُ واحدا من هؤلاء العلماء الذين تحمسوا للبحث عن تلك العينات المراوغة
وأظهرت الدراسات التالية باستخدام الساعة الجزيئية تقديرات لهذا الانشقاق تختلف اختلافات ذات دلالة تراوح بين قديم يبلغ بليون سنة وحديثٍ عند ما قبل العصر الكامبري مباشرة. وقد أدت هذه الاختلافات في التقدير بطبيعتها إلى الشك في التقنية المستخدمة. وتناولت دراسة حديثة قام بها وزملاؤه [من كلية دارتموث] بعض هذه الجوانب. وبوجه خاص استخدموا معدل ساعة جزيئية مشتقا من اللافقاريات وهو أبطأ من المعدل المعتمد على الفقاريات.
لقد وضع هذا البحث السلف المشترك الأخير لمتماثلات الجانبين عند تاريخ أحدث كثيرا، رغم بقائه أقدم من الانفجار الكامبري في الفترة بين 656 و 573 مليون سنة مضت. وحتى هذا التاريخ أشعل الاختلاف؛ وهكذا صار واضحا أن الأحافير الفعلية هي وحدها التي سوف تقدم دليلا لا يقبل الجدل على توقيت ظهور متماثلات الجانبين. وقد أعطى هذا التحقق دافعا كبيرا لعلماء الأحافير للخروج إلى الحقل للبحث عن أحافير أقدم من العصر الكامبري، وكنتُ واحدا من هؤلاء العلماء الذين تحمسوا للبحث عن تلك العينات المراوغة.
إن إحدى المشاكل الكبرى في البحث عن هذه الحيوانات هي أنه لم يكن لها هياكل صلبة يمكن أن تتمعدن وتصبح أحافير، لذا كان علينا أن نعتمد على الترسيب النادر الذي يحتفظ ـ بسبب نوعية الصخر والعمليات الكيميائية المعقدة المتضمَّنة في توضعه ـ بالتفاصيل المعقدة للبقايا العضوية. ويطلق على هذه الترسيبات «لاجَرْستاتِن»، وهي كلمة ألمانية معناها «المناطق أو القنوات الرئيسية» أو «المناطق الأم». إن المنطقة الرئيسية التي تحتفظ بنسيج لين تعتبر ندرة مثيرة، لا نعرف منها سوى بضع عشرات مبعثرة على سطح الأرض، لعل أشهرها راسب حجر سولنوفن الكلسي (الجيري) بألمانيا، الذي يحوي عينات تحتفظ بريشها عمرها 150 مليون سنة لطائر الأركيوبتيركس الذي يعتبر عامة أول أحفورة للطيور. وفي كولومبيا البريطانية يُظهر طفل «بورگس شيل»، وهي رواسب أقدم اكتسبت شهرتها من كتابات ، وفرة من كائنات عجيبة لينة الجسم من المحيطات القديمة للعصر الكامبري.
لقد قدمت إحدى المناطق الرئيسية الأقدم من طفل پورگس، في منطقة تشنجيانج بإقليم يونّان بالصين اكتشافات مهمة حديثة كثيرة عن كائنات لينة مميزة أيضا للانفجار الكامبري. وكما في بقع عديدة على الكوكب، تؤوي مناطق إبدياكارا ـ التي سميت باسم جبال إيدياكارا الأسترالية التي وجد فيها أول مثال ـ أحافير غريبة لينة الجسم لما قبل العصر الكامبري وجحورا وملاجئ حيوانية تضم دليلا على متماثلات للجانبين مبكرة.
ومما يدعو إلى الدهشة أن مجموعتين من علماء البيولوجيا الأحفورية أعلنتا عام 1998 عثورهما على أحافير تحتفظ بنسج لينة واضحة في منطقة رئيسية أخرى هي تكوينات دوشانتو Doushantuo Formation في إقليم گويزو بجنوب الصين. وتحتوي هذه الرواسب على إسفنجيات دقيقة لينة الجسم ولاسعات وبعض البيوض والأجنة الصغيرة جدا. ويتكون الراسب الذي توجد فيه من معدن فوسفات الكالسيوم (الأباتيت) الذي حل بدقة شديدة محل النسج اللينة لهذه الأحافير. وتوضح الدراسات الأخيرة أن هذه الصخور أقدم من أحياء إيدياكارا بما يقرب من 580 إلى 600 مليون سنة، ومن ثم فإن الأحافير الدقيقة التي تحويها قد عاشت ما يراوح بين 40 و 50 مليون سنة قبل العصر الكامبري
احتفظ توضُّعان في الصين ببقايا حيوانات لينة الجسم تقدم معلومات جديدة عن التطور المبكر. ففي عام 2004 اكتشف المؤلف وزملاؤه أقدم الحيوانات المتماثلة الجانبين في صخور تم جمعها من تكوينات دوشانتو التي يصل عمرها إلى ما يراوح بين 580 و 600 مليون سنة بالقرب من ونجان. وترجع أهمية ذلك إلى أن الأحافير الصغيرة من رواسب عمرها نحو 525 مليون سنة بالقرب من تشنجيانج قد وسَّعت فهمنا للانفجار الكامبري.
الأحد 13 يونيو 2021, 15:01 من طرف 
موضوع: تقنية الساعات الجزيئية في نشأت الحيوانات المبكرة 
