كيف نشأت الكائنات البحرية الأولى
البحار تمتلئ بالمياه
تكونت الأرض منذ أكثر من 4500 مليون سنة , وكانت في البدء كرة ضخمة من الغازات والمواد المتوهجة . وخلال ال500 مليون سنة الأولى من تاريخها , كانت الأرض مغطاة "بمحيطات " شاسعة من الصخر المنصهر تتدفق منها أعمدة هائلة من الحمم والغازات وبخار الماء , ترتفع مئات الأمتار في الجو (أعلى من ناطحات السحاب) . ويمكننا أن نتخيل أن الحياة لم تكن قد ظهرت بعد في هذا الجو (الجهنمي) . تشكلت البحار عندما تصلبت صخور القشرة الأرضية .
فتجمع ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء , اللذان كانا ينفثان من داخل الكوكب الى طبقات الجو العليا , وشكلا كتلا من الغيوم السوداء أغرقت الأرض في ظلام تام . عنذئذ , بدأت قطرات الماء الأولى تتساقط على الأرض تحولت الى أمطار غزيرة استمرت عدة قرون . ويقدر أن أشعة الشمس لم تتمكن طوال ألف سنة من اختراق هذا الستار الهائل من الماء والغيوم .
على مدى آلاف السنين , أحاطت بالأرض غيوم سوداء أفرغت سيلا متواصلا من الأمطار الغزيرة التي شكلت المحيطات .
عندما كان المطر يصل الى الأرض التي كانت لا تزال شديدة الحرارة , كان الماء يعود فيتبخر من جديد . ولكن , مع مرور الوقت , أخذت القشرة الأرضية تبرد شيئا فشيئا , وبدأت قطرات الماء تشكل البرك الصغيرة الأولى: وعندما تبددت الغيوم في آخر الأمر , امتدت المحيطات الأولى تحت أشعة الشمس. وكانت تختلف في تركيبها عن المحيطات الحالية إذ لم تكن تحتوي بعد على أملاح .
عندما توقفت الأمطار وبردت القشرة الأرضية ارتفعت الجبال الأولى فوق المحيطات الأولى الشاسعة .
كانت الأرض في المراحل الأولى من تكوينها , مغطاة (ببحار) من الصخر المنصهر تتدفق منها أعمدة ضخمة من الحمم والغازات .
فجر الحياة
خلال الألف مليون سنة الأولى من عمر الأرض , ظهرت الكائنات في مياه المحيطات الأولى . في أول الأمر , كانت الكائنات الحية صغيرة جدا , ولم تكن أجسامها تتضمن أي إزاء صلبة , ما أدى الى عدم بقاء احافير منها الى يومنا الحاضر . أن أول الإشكال الحية التي وصلت الينا في شكل احافير هي الكتل المتحجرة , وهي تكوينات صخرية كروية يتراوح قطرها بين بضعة سنتيمترات و عدة أمتار . وفي هذه التشكيلات حفظت بقايا غضويات مجهرية بدائية مثل الجراثيم (البكتيريا) و الجراثيم الزرقاء و الطحالب الزرقاء . لقد اكتشف هذه الأشكال الحية الأولى طريقة جديدة للاستفادة من طاقة الشمس , (فابتكرت) عملية التخليق الضوئي .
أن أهم ما نتج عن التخليق الضوئي أن هذه العضويات المهجرية اخدت تنتج كميات كبيرة من الأوكسجين و تطلقه في الجو , فتغيرت تركيبة الهواء ليصبح الهواء الذي نتنشقه اليوم .
وكان الانتقال من عضويات أحادية الخلية (تتألف من خلية واحدة) الى عضويات متعددة الخلايا , مثلنا , تضم خلايا مختلفة ذات وظائف مختلفة , من اللحظات الهامة جدا في العملية التطورية . وشيئا فشيئا اخدت تظهر حيوانات أكثر تعقيدا , كالأسفنج والمدوزة والفولفوكس وغيرها ...
الطحالب الزرقاء كما ترى تحت المجهر . يعتقد العلماء أنها كانت أول أشكال الحياة على الأرض .
الفقاريات الأولى
منذ حوالي مليون سنة ، ظهرت في البحر حيوانات دون فكوك أو أسنان ، تتغذى عن طريق امتصاص الجزئيات الغذائية الصغيرة من عوالق البحر السطحية أو من رواسب أعماق المحيطات . يطلق على هذه الحيوانات اسم اللافكيات ، أي الأسماك المجردة من الفكوك ، و قد انتشرت في بحار و انهار و بحيرات نصف الكرة الشمالي لأكثر من 100 مليون سنة .
كانت حركة اللافكيات بطيئة بعض الشئ ، إذ كانت هذه الكائنات تفتقر الى زعانف مزدوجة تساعدها في التوازن أثناء السباحة . و لم يكن لهذه الأسماك عظام ، فقد كان هيكلها الداخلي مؤلفا بكامله من مادة غضروفية. ومن خصائص هذه الحيوانات الأكثر غموضا أن لها ترسا عظيما ثقيلا يحمي رأسها والقسم الأمامي من جذعها ، بينما يغطي بقية جسمها عدد كبير من الحراشف ونظرا لافتقار هذه الأسماك الى الفكوك , كانت التروس وسيلة دفاعها الوحيدة ضد بعض الأعداء الشرسين الذين كانوا يسكنون مياه البحار في تلك الحقبة,مثل العقارب العملاقة التي كان يصل طولها الى مترين . وبسبب التروس العظيمة التي كانت تحميها أطلق أيضا على هذه الفقاريات الأولى اسم "صدفيات الجلد" , أي ذوات الجلد الصدفي أو القوقعي.
كان (الدورياسبيس)بالرغم من وزنه ترسه , سباحا ماهرا بفضل زعانفه الجانبية , وكان له أيضا امتداد جبهي غريب يخرج من ترسه الرأسي ويحمل عددا كبيرا من الأشواك المستدقة الطرف.
كانت صدفيات الجلد فريسة صعبة المنال بفضل التروس التي كنت تغطي أجسامها , فكانت العقارب العملاقة تفضل اصطياد الأسماك المجردة من مثل هذه الحماية , مثل النوع المسمى "فارنغوليبس " الظاهر في الرسم.
"الدريباناسبيس" يعيش في قاع المحيط , وكان له ترس يغلفه ويحميه.
كان (البورياسبيس) يحتمي بتروس جبهية مثلثة الشكل وكان له خطم طويل جدا يحرك به قاع البحر بحثا عن فريسة يلتهمها .