تُعرّف القوة عادةً بأنها القوة التي ينتجها أقصى حد من الفعلالعضلي الإرادي، وفي المختبر الفسيولوجي يتم قياس القوة بجهازالدينامومتر(جهاز قياس القوة)، فإذا أردنا أن نختبر القوة، يقوم الشخصببذل أقصى حد من الجهد أمام جهاز الدينامومتر إذ يقوم هذا الجهاز بتسجيلمقدار القوة المنتجة بواسطة الفعل العضلي الإرادي المبذول.
ويمكن أن تقاس القوة تحت ثلاثة ظروف رئيسة هي:
1-الأفعال التي لا يوجد فيها حركة: في مثل هذه الأفعال التي تسمى الحركاتالايزومترية (الثابتة) وفيها لا يتغير طول العضلات التي تشترك في أداءالحركة.
2- الأفعال التي يقصر فيها طول العضلات التي تنتج الحركة: وتسمى أفعال ايزوتونية (متحركة) أو حركات مركزية (كونسنتريك).
3- الأفعال التي تطول فيها العضلات التي تنتج الحركة وتسمى ايزوتونية (متحركة) أو حركات لا مركزية (اكسنتريك).
وفي الحركات المركزية واللامركزية يمكن قياس القوة بسرعات مختلفة.
إنقوة الفعل الإرادي الأقصى تعتمد بشكل رئيسي على مقدار القوة التي تولدهاالعضلات التي تعتمد بدورها وبشكل رئيس على حجم العضلات، بحيث إن الشخصالذي يمتلك عضلات اكبر يكون قادر على إنتاج قوة اكبر في اختبار القوة،فإذا أريد زيادة القوة لتحسين الإنجاز في فعالية رياضية ما فيجب استخدامتدريب القوة (التدريب بالأثقال على سبيل المثال) من اجل زيادة الكتلةالعضلية وبالتالي زيادة القوة.
وبما أن القوة تتحدد بشكل رئيسي بحجمالعضلات فإن السيطرة على العضلات بواسطة الجهاز العصبي تتحسن أيضا، فمناجل إنتاج أقصى حد من قوة الحركة الإرادية يجب أن يكون الجهاز العصبيقادراً بشكل كامل على تحفيز العضلات، وفي الحركات الأكثر تعقيدا فإنالجهاز العصبي يواجه أيضا تحدي تنسيق تحفيز المجموعات العضلية أو العضلاتضمن المجوعة العضلية، وعليه فإن الشخص عندما يخضع لبرنامج تدريب قوة فإنهسيحصل على التكيف (اثر التدريب) في كل من العضلات (زيادة حجم العضلات) وفيالجهاز العصبي (تحسن التحفيز وتنسيق العضلات).
وأخيرا فإن الجهازالعصبي من اجل أن يسيطر على العضلات بشكل منسق يعتمد على سرعة الحركة ونوعالحركة فيما إذا كانت حركة ايزومترية (ثابتة)، أو (متحركة، مركزية أولامركزية). وهنا سنتناول اثر تدريب القوة في قدرة الجهاز العصبي لتحفيزوتنسيق العضلات، ويسمى اثر التدريب على الجهاز العصبي بالتكيف العصبي .
التحفيز العضلي:
تتألفالعضلة من آلاف الخلايا أو الألياف العضلية . فعضلة مثل (العضلة ذاتالرأسين العضدية) في أعلى الذراع يمكن أن تحتوي على (300.000) ليف عضليتقريبا، وجميع هذه الألياف العضلية يجب أن يتم السيطرة عليها من قِبلالجهاز العصبي ، ويتم ذلك بالطريقة التالية:
كل عضلة مزودة بمجموعة منالخلايا العصبية الحركية التي تسمى أعصاب حركية، للعصب الحركي جسم خلوييكمن في الحبل الشوكي وليف عصبي يمتد من الحبل الشوكي إلى العضلة، إذيتفرع هذا الليف العصبي داخل العضلة إلى مئات المرات وينتهي كل فرع في ليفعضلي، وبهذا الشكل يزود كل ليف عصبي حركي مئات من الألياف العضلية. مثلاإذا كانت العضلة (ثنائية الرؤوس العضدية) تحتوي على (300.000) ليف عضليفإنها تتزود بـ (600) عصب حركي كل عصب حركي يزود بـ (500) ليف عضلي تقريبا.
انمجموعة الأعصاب الحركية التي تزود عضلة ما تسمى في بعض الأحيان بالحزمةالحركية، أما العصب الحركي الواحد مع الألياف العضلية التي يزودها فيطلقعليه (الوحدة الحركية)، وهكذا فإن نموذج العضلة ثنائية الرؤوس يتألف من(600) وحدة حركية.
إن الوحدة الحركية هي الوحدة الوظيفية الأساسيةللعضلة، فإذا كان المطلوب قوة صغيرة عندها سيتم تحفيز وحدات حركية قليلة،أما إذا كان المطلوب قوة اكبر عندها سيتم تحفيز وحدات حركية أكثر … وهكذا،إذ أنه كلما كانت القوة العضلية المطلوبة لرفع ثقل اكبر يتم تحفيز (تعزيز)وحدات حركية أكثر، وإن عدد الوحدات الحركية التي يتم تحفيزها يتحدد بمدىالإثارة من خلال مراكز اكبر من أجسام خلايا الأعصاب الحركية في الحبلالشوكي، مقدار هذه الإثارة يُحدد بدوره بواسطة مدى الجهد الإرادي .
إنالوحدات الحركية للعضلة يتم تحفيزها بشكل عام بأمر متعلق بالحجم (الحجمهنا يشير إلى حجم أجسام خلايا العصب الحركي). في الفعل العضلي الذي تتزايدفيه القوة من الصفر إلى الحد الأقصى فإن الأعصاب الحركية سوف يتم تحفيزهابالأمر من الصغير إلى الكبير.
وبما أن الأعصاب الحركية الصغيرة تحتاجإلى جهد اقل من اجل أن تتحفز فإنها سوف تتحفز أولا، فإذا كانت القوةالمطلوبة صغيرة والجهد ضعيف فإنها ستتحفز لوحدها أما الجهد الإرادي الأقصىفإنه يكون ضروري لإثارة الأعصاب الحركية الأكبر .
إن إنتاج أقصى حد منالقوة يتطلب تحفيز الوحدات الحركية جميعها، وفي بعض الحالات فإن التحفيزالكامل يكون أمراً صعبا لدى الأشخاص الذين لا يمارسون التدريب الرياضي،على سبيل المثال فإن تحفيز جميع الوحدات الحركية عند تحريك كلا الساقين أوالذراعين معا في الاتجاه نفسه يكون أصعب من تحريك ساق أو ذراع واحدة، لكنالتدريب بواسطة الحركات الجانبية يمكن ان يساعد في التغلب على هذا العجزفي تحريك كلا الجانبين من الأطراف، وبشكل خاص فإنه من الصعب تحقيق تحفيزكامل في الحركات الايزومترية (الثابتة) والحركات اللامركزية (المتحركة) إذإن الظروف الميكانيكية تؤثر في ذلك بشكل كبير جدا، وتبين البحوث أن بعضأشكال الكبح يمكن أن تحد من حدوث التحفيز الكامل تحت هذه الظروف، من ناحيةأخرى فإن تدريب القوة يمكن أن يسمح بالتغلب على الكبح بحيث أن الوحداتالحركية جميعها يمكن أن يتم تحفيزها.
معدل استجابة الوحدات الحركية:
بالإضافةإلى تحفيز الوحدة الحركية فإن هناك طريقة ثانية يسيطر من خلالها الجهازالعصبي على القوة التي تنتجها العضلة، إذ أن الجهاز العصبي يمكن أن ينظمالقوة التي ينتجها كل ليف عضلي من خلال تعديل معدل استجابة الليف، يثيرالعصب الحركي أليافه العضلية من خلال إيصال الإشارات العصبية (السيّالاتالعصبية) عبر الليف والفروع العصبية المتفرعة منه، عندما تصل الإشارةالعصبية نهاية الفرع العصبي فإنها تسبب مرسل عصبي يُطلق عند ارتباط نهايةالليف العصبي بالليف العضلي، هذه المرسلة العصبية تسبب نقل عضلي كامن يبدأفي نقطة الارتباط هذه ثم ينتقل هذا الفعل الكامن إلى نهايتي الليف العضليوهذا الفعل الكامن يسبب انقباض العضلة.
إن قوة الانقباض العضلي لليفالعضلي يعتمد على عدد الإشارات العصبية في الثانية التي يستقبلها من الليفالعصبي الحركي، ومن ناحية العصب الحركي فإن عدد الإشارات العصبية التييطلقها في الثانية تسمى (معدل الاستجابة)، بشكل عام كلما زاد معدل استجابةالوحدة الحركية كلما زاد من القوة التي تنتجها الألياف العضلية.
فإذاأطلق العصب الحركي إشارة واحدة فسيكون هناك انقباض عضلي قليل وبالتاليتكون القوة الناتجة صغيرة، من ناحية أخرى فإن العصب الحركي إذا أطلق(50-60) إشارة في الثانية فإن الانقباض العضلي سيؤدي إلى إنتاج قوة كبيرة.
إنالوحدة الحركية الأنموذجية تمتلك معدل استجابة يمثل (5-50) إشارة فيالثانية والذي يمكن أن يوفر معدل عشرة أضعاف ناتج القوة، وهكذا فإن الجهازالعصبي يمكن أن ينظم القوة من خلال تعديل القوة التي تنتجها كل وحدة حركيةبالإضافة إلى انه ينظم القوة من خلال تعديل عدد الوحدات الحركية المحفزة.
فيالجهد الواطئ فإن هناك انقباضات قليلة ووحدات حركية قليلة سوف تتحفزبمعدلات واطئة تقريبا، أما الانقباضات الأقوى فإنها تتطلب تحفيز وحداتحركية أكثر وزيادة في معدل استجابة هذه الوحدات الحركية.
لقد أشرنامسبقاً أن الأشخاص الذين لم يمارسوا التدريب الرياضي يجدون صعوبة في تحفيزجميع الوحدات الحركية عند بذل أقصى جهد إرادي بشكل خاص فإن الوحداتالحركية ذات الأجسام الخلوية الأكبر تكون هي الأصعب في التحفيز كما أن منالصعب جعل الوحدات الحركية الأكبر تصل إلى أقصى معدلات استجابتها، لكنبالتدريب يمكن التغلب على هذه الصعوبة ويكون بالإمكان إنتاج قوة اكبر.
إنالجهاز العصبي لا ينظم مقدار القوة الناتجة فحسب بل يعدل معدلات استجابةالوحدة الحركية أيضاً كما انه ينظم المعدل الذي تنتج به القوة، عندماتستلزم القوة المطلوبة إنتاج قوة بشكل سريع جدا (مثل القفز أو الرمي) فإنالجهاز العصبي سيثير الأعصاب الحركية لتستجيب بوقت قصير بمعدلات عاليةجدا، مثلا يمكن للوحدة الحركية أن تحقق أقصى حد من القوة بمعدل استجابةمقداره (50) إشارة في الثانية لكن لتحقيق هذه القوة بأسرع وقت ممكن فإنمعدل الاستجابة الابتدائي يكون (100) إشارة في الثانية.
إن التدريبالذي يؤكد على أداء حركات سريعة يمكن أن يطور القدرة (القوة والسرعة) علىاستجابة الوحدات الحركية بمعدلات عالية جدا وبهذه الطريقة يزيد معدل تطورالقوة، وفي تدريب القوة يجب ملاحظة سرعة استجابة التدريب، فالتدريب الذييؤكد على إنتاج قوة سريعة يميل إلى زيادة سرعة القوة الناتجة (القوةالمميزة بالسرعة)، في حين إن التدريب الذي تكون فيه الحركات بطيئة ينبغيأن يزيد القوة واطئة السرعة.