[rtl]مقدمة :[/rtl]
[rtl]تبقی الاوضاع سياسية ابان نكبة فلسطين وما تركت في نفس العربي عاملا اساسيا وراء كل تجديد لازم للقصيدة العربية ، فتمرد العربي عن ما هو مألوف وتحدی الخطوط الحمراء المقدسة فخرق النظام الخليلي وربط تجربته الداتية بالتجربة الانسانية فرسم واقعا معيشا عبر ما يسمی بالرمز و الأسطورة و الإيحاء ، فربط الواقع باستشراف المستقبل و قد ساهم في ترسيخ هده التجربة عدة شعراء من بينهم نازك الملائكة وادونيس و البياتي و يوسف الخال بدر شاكر السياب و شاعرنا ... الذي من بين ما اثمر ابداعه للقصيدة.[/rtl]
[rtl]و متأمل في قصيدته اليوم لا بدرك من الوهلة الأولی علی ان الشاعر قد كسر رثابة البيت الشعري و استبدله بالسطر الشعري الذي يطول و يقصر وفق حالة الشعورية للشاعر كما اعتمد علی التنويع في القافية و الروي .[/rtl]
[rtl]اما العنوان (..القدس) فهو خبر لمبتدأ محذوف و بقراءته و قراءة الاسطر الاولی للقصيدة نفترض علی انها دات حمولة انسانية و واقعية وهدا ما يجعلنا نفترض علی اننا امام عتبات تجربة الشعر الحديت[/rtl]
[rtl]فإلا اي حد استطاع الشاهر ان يتقيد بالخصائص و الموضوعية للتجربة الشعرية الحديتة ؟[/rtl]
[rtl]مضامين التكسير البنية[/rtl]
[rtl]تفصح القصيدة (اسم القصيدة) عن تجربة انسانية تنضح بالأنين و الحزن اذ يسقط شاعرنا(البرهوش) فيها ضحية الألم الذي يعتصر وجوده مما يجعله يعاني غربة في زمان و المكان و المصير
المدينة== فيصور لنا الشاعر لحظة تمزق (مدينته-قريته-وطنه-ارضه) بين (المحارق و المشانق و السجون) يلفها (الحزن و الضياع و الدخان) و يعانقها (الدم و الجريمة) فيضيع (الجميل-الانسان) و تغتصب (الطفولة) ويموت (القمر) ورغم دلك يظل الشاعر يحلم بالبعت و التجدد و اليقظة. اد يحلم بعودة (البسمة المدينة نابضة في الوجود) و ب... وب ...
الغربة== فتصور لنا الشاعر لحظة تمزقه و ضياعه في عوالم الغربة القاتلة حيت تمزقه جبال الشمال التي يعمها الأسی و رغم دلك يحلم بالعودة الی أرض الجنوب الی القلوب و الی حيت يلوح الفؤاد باللهفة و الاكتئاب ورغم دلك يظل الشاعر يحلم بالبعت و التجدد و اليقضة اد يحلم بعودته الی (+) و معانقته (+)
المرض = اد يصور لنا الشاعر لحظة تمزقه و معاناته من فرط المرض الدي يديب جسده البالي مما يجعل يصور عالمه متقلا بالضلمة و مرارة و اليأس. و رغم دلك يظل الشاعر بدر شاكر السياب يحلم بلقاء أمه و معانقة جيكور. ولقاء ابنه غيلان.
== وبدلك فقد إستطاع الشاعر أن يخرج من قدسية الوجدان الفردي إلی الوجدان الواقعي و الإنساني يؤكد رغبة الشاعر في التمرد عن كل ما هو معروف في القصائد العربية قبل المنفی.[/rtl]
[rtl]2 اللغة و المعجم
-ومن اجل التعبير عن هده مضامين الانسانية و الواقعية وضف الشاعر حقلين دلاليين :[/rtl]
[rtl]حقل دال علی..) معانات (.. تحيل عليه الالفاظ .....
حقل دال علی..) التمني (.. تحيل عليه الالفاظ .....
وتجمع بين هدين الحقلين علاقة تنافر، اد يهيمن الحقل الدال علی .... و دلك لرغبة الشاعر في ادهار مبدیء في تعبير عن حالة الانسانية و الواقعية و من ابرزها ....
اما عن معجم القصيدة فإنه يتضح حرص الشاعر علی التقييد بالألفاظ الواقعية، فمعظم الألفاظ تعبر عن معانات الشاعر ك("قلبي كبدي روحي .....") و هده كلها مؤشرات واقعية[/rtl]
[rtl]الصورة الشعرية[/rtl]
[rtl]- و من اجل اغناء الجانب التخييلي الدي يعد ذا اهمية بالغة في الإرتقاء بالقول الشعري في مدارج الشعرية و أفاق الجمال الفني ، وضف الشاعر كما من الصور الشعرية التي استلهمت من ادوات البلاغة القديمة.
من قبيل التشببه و الاستعارة و المجاز والرمز والانزياح
ففي السطر 17 ورد التشبيه في قوله ..حديتهم كأنفاس زهر الروض..)، حيت شبه الحديت اصحابه بزهر الروض في رائحته .
كما ورد في السطر السادس استعارة مكنية في قوله (تعرفني الاخلاق) علی سبيل الاستعارة المكنية ، حيت اسند صفة انسانية (المعرفة)، لغير العاقل (الاخلاق)
كما ورد المجاز في السطر الرابع ... قلب السنين
والی جانب ادوات البلاغة القديمة وظف الشاعر الرمز لاسيما رموز من الطبيعة فوظف (الليل والتعبان و الضباب ...) وهي كلمات اخرجها الشاعر من دلالتها اللفظية و شحنها بطاقة ايحائية ليرمز الی حالة الضياع و الاغتراب في الزمان و المصير كما اعتمد الشاعر الانزياح وخلق علاقات جديدة بين الكلمات تخرق المألوف في سبكها (الصمت عميق) (ساخد دربي في الوهم)
، هكدا نجد ان الشاعر ... في هده الصورة الشعرية قد تمكن من ان يمنحها وظيفة تعبيرية و ايحائية غايتها تصوير للحظة الألم و التمزق الوجودي[/rtl]
[rtl]Haut du formulaire[/rtl]
[rtl]1 الايقاع
وبالنظر إلی إيقاع القصيدة الخارجي نجد علی أن الشاعر قد إعتمد علی السطر الشعري بدل البيت الشعري التقليدي هدا السطر الدي يطول ويقصر وفق الحالة النفسية لدی الشاعر كما كسر الشاعر البحر الخليلي وستبدله بالنظام التفعلة لينقل من خلالها ما يعانيه من حزن وغربة وجودية، وجاء حرف الروي متعددا (النون_الحاء_القاف) ومقيدا يعكس انقباضا داخليا، وهو ما أثر في القافية التي جاءت
متتالية متل الأسطر 3 4 5
ومسترسلة متل الأسطر 8 9 10
ومتداركة متل الأسطر 11 12 13
ويكشف هدا التنوع في القافية و الروي اضطرابا نفسيا وغليانا داخليا، وفيما يخص الإيقاع الداخلي أهتم الشاعر كثيرا بالتكرارسواء تكرار الصوامت "النون، القاف، التاء، الميم" أو الصوانت: "السكون، ياء المد، ألف المد..." التي تعكس معاناة داخلية وحالة نفسية منقبضة، وأعطی التكرار بمختلف أنواعه تنوعا صوتيا نابعا من ترداد نفس الأصوات، الشيء الذي منح القصيدة ثراء نغميا وتنوعا موسيقيا أنقدها من السقوط في مهاوي الرتابة التي فرضها المعنی نلاحظ مما سبق تجديدا في البنية الإيقاعية؛ حيت عوض نظام البيت التفعيلية،
والشطرين المتساويين بالسطر الشعري، والقافية المطردة بالمتعددة، والروي الموحد بالمتنوع، وعليه كان الشاعر مجددا لا محافظا.[/rtl]
[rtl]3 الاساليب
اما من حيت الاساليب فقد زاوج الشاعر بين استعمال الاسلوبين الخبري و الانشائي مع هيمنة الاسلوب الخبري، ويستعمله الشاعر ليخبرنا عن تجربته الانسانية و الواقعية النابضة بالحزن و الاغتراب في زمان و مكان و المصير
اما الاساليب الانشائية فترتبط بانفعالات الشاعر، غلب عليها الانشاء الطلبي ومن ذلك النداء المستلزم حواريا العتاب (ايها الشاعر الكئيب)، و الاستفهام (هلا فرغت من احزانك)، والانشاء غير الطلبي المتمثل في الندبة (اه يا شاعري)، والتعجب (ليست للشاعر الموهوب). وهي ادوات انشائية استجدها الشاعر،تفيد الالتماس و اليائس[/rtl]
[rtl].[/rtl]
[rtl]خاتمة[/rtl]
[rtl]ان قصيدة (..البرهوش..) صورة من صور التجديد و الخروج عن المألوف الذي إعتاد عليه القارئ العربي علی مستوی الشكل الهندسي و الصور و الإيقاع و اللغة حيت عبر الشاعر بلغة مألوفة معتادة قريبة من لغة التداول اليومي ، لكن صعوبتها تكمن في إيحائتها، مما يطرح صعوبة كبيرة أمام القارئ الذي لا يمكن أن يتواصل مع إبداع الشعري إلا عبر التأويل، وهده صعوبة في مقروء الشعري الحداثي تجعل القارئ يتساءل عن قيمة هدا الشعر إدا كان الشاعر قد يقول ما يصعب فهمه، و أن هده الصعوبة ستفقد الشعر الحديت كل قدرة علی الثأتير في الواقع و تغبيره بل تبعده عن علة وجوده و أسباب تورته علی التجارب الشعرية السابقة . ومع ذلك ، فإن ميزة هدا الشعر ، في نظري ، هي قدرته علی قول مالا نتوقعه، و ان ما لا نتوقعه هو ما يضمن له الاستمرار لأنه خرق دائم و مستمر للمألوف و المعتاد، وإستشراف علی المستقبل و تحدياته.[/rtl]