القرش الأبيض.....

در
مشاهدة القرش الأبيض الضخم في وضع الصيد وخاصة عندما يقفز في الهواء ويغوص
بعدها ليفاجيء فريسته وهي في العادة حيوان الفقمة. ومن هنا تكمن أهمية
الصور التي التقطها المصور الألماني رالف كيفنر بعد انتظار دام ساعات في
قارب ضيق.

لكن الأمر كان يستحق كل ذلك العناء، فهذا المخلوق
لم يسبق أن صورت قفزته هذه على فيلم فوتوغرافي أبدا. وكان كيفنر، المصور
المتخصص في عالم البحار والذي يملك رصيدا من الخبرة يمتد إلى عشرين عاما
قد سافر إلى جزيرة «سيل آيلاند» أي جزيرة الفقمة في منطقة ساحل فولس باي
بجنوب افريقيا لمراقبة أسماك القرش.

ويذكر ان القرش الأبيض
يقفز في الهواء في نطاق واسع من الأوضاع وحتى أن قفزه ربما كان يشكل جانبا
من سلوكه الاجتماعي. وفي جنوب افريقيا، حيث يعرف باسم «كلب الصيد الأزرق»،
فإن قفزته معروفة لصيادي الأسماك المحليين لدرجة جعلتهم يصفونه بـ«القرش
الجندب».

تعتبر
جزيرة الفقمة التي يبلغ طولها 400 متر وعرضها 80 مترا فقط، موطنا لنحو 64
ألف فقمة من ذوات الفرو في جنوب افريقيا والتي تعتبر الفريسة المفضلة
للقرش الأبيض في فصل الشتاء.

ويعطي
عمق المياه حول الجزيرة القرش مساحة كافية لاندفاع عمودي إلى الأعلى على
الفقمات القابعة على سطح الماء. وفي الأماكن الأخرى، حيث تكون المياه
ضحلة، يقوم القرش الأبيض بشن هجوم أفقي من أجل صيد الفقمة. إن أساس نجاح
هجوم سمك القرش هو عنصر المفاجأة. ويوضح كلايف جيمس، مدير صندوق القرش
المعروف الذي يقع مقره في بلايماوث الأمر بقوله: إنه إذا أحست الفريسة
المختارة بوجود القرش واستدارت لتواجهه، فإن القرش في العادة لن يحاول
الهجوم.
ويضيف جيمس قائلا إن «الفقمات لديها أسنان حادة جداً وأسماك
القرش تحرص كثيرا على حماية أعينها. وقد يستخدم القرش الأبيض أسلوب القفز
في الهواء كطريقة لمفاجأة الفقمة». وهذا يعني أيضا أن عملية القفز يصعب
التنبؤ بها، مما يجعل من المستحيل عمليا دراستها أو تطويرها لكن هذه
الفرصة سنحت لكيفنر الذي انتظر بتلهف كبير لساعات طوال تلك اللحظة النادرة
ليخلدها بصوره.

ولزيادة
فرص قيام القرش بقفزته، قام كيفنر بربط فقمة من المطاط طولها 1.2 متر في
مؤخرة القارب على أمل أن ينجح في خداع القرش لكي يهاجمها. وفي الواقع ان
المفاجأة حدثت عندما بدأ الضوء يختفي وكان كيفنر على وشك الاستسلام
والعودة من حيث أتى.
ظهرت خمسة صفوف من الأسنان الحادة جداً عندما
اندفعت احدى إناث القرش الأبيض من الماء بزاوية 45 درجة كاشفة عن جسمها
الذي يبلغ طوله أربعة أمتار في أقل من ثانية قبل أن تنقلب في الهواء وتعود
لتغوص في البحر من جديد. لقد دمرت الفقمة المطاطية بالكامل، لكن الصور
التي التقطها كيفنر تشهد على البراعة البهلوانية لسمكة القرش الضخمة.

ويعتقد
بأن السبب الذي يجعل أسماك القرش تتخذ شكل الدولاب بعد قفزها من الماء
يكمن في حقيقة أن الجانب الأكبر من كتلة الحيوان مركز في الطرف الأمامي
الأمر الذي يؤدي إلى تقلب القرش في منتصف عملية القفز.لقد تطورت أسماك
القرش قبل 200 مليون عام من الديناصورات كما ان شكلها المتطور ظل دون
تغيير طوال الـ70 مليون عام الماضية. ويقول إيان فيرجوسن، الخبير في أسماك
القرش والعضو في المجموعة الاختصاصية بأسماك القرش التابعة للاتحاد
العالمي لحماية الحيوانات، يقول: «إن جميع أسماك القرش ضعيفة جداً أمام
الاستغلال السيء، بل إن بعض أنواعها يعيش حالة الخطر الحرجة في بعض أنحاء
العالم».
ويذكر ان بعض أنواع القرش قد انخفضت أعدادها بمعدل 95% خلال
السنوات القليلة الماضية، حيث أصبحت أثمن المنتجات في المحيط. ان زعنفة
واحدة من سمكة قرش يمكن أن تدر على صيادها مبلغ 15 ألف جنيه استرليني.
ويعتبر صيد القرش من أجل الزعانف تجارة رابحة ورائجة جداً خاصة في سوق
هونج كونج، حيث يعتبر حساء زعنفة سمك القرش طبقا شهيا وغاليا يحتفظ به
لمناسبات خاصة.
لكن أساليب قطع الزعانف تعتبر وحشية جدا. فعندما يتم
صيد سمك القرش يقوم الصيادون بقطع زعانفها بوحشية. ثم يتم التخلص من
السمكة في المحيط حيث ستنزف حتى الموت، فالقرش لا يستطيع أن يعيش بدون
زعانفه. أما لحم سمك القرش فلا يتميز بقيمة تجارية عالية، ولهذا فإن
الصيادين يتخلصون من الأسماك بعد أخذ الزعانف برميها في البحر بدلا من
الاحتفاظ بها من أجل الاستفادة من لحومها.
والحقيقة المؤلمة هي أن
أسماك القرش لا تملك وسيلة دفاعية ضد هذا الذبح المستمر. ومما يزيد الأمر
إيلاما هو أن العديد من أنواع سمك القرش تحتاج إلى ما بين 15 و20 عاما
لتصل إلى سن البلوغ. وحتى عندما تبدأ السمكة في التكاثر، فإن الأنثى لا
تنجب أعدادا كبيرة من الصغار.

فهي تتزاوج مرة كل عامين حيث تنجب
الأنثى ما بين أربعة إلى ستة صغار فقط في المرة الوحدة، وهو عدد لا يكفي
أبدا لكي تنجو هذه الأسماك من المذبحة التي تواجهها.