علموه!! (ثلاثية الاستقلال)
إذا تأملنا في التربية الأولى للصحابة سنجدهم تربوا
على الاستقلالية والمسئولية الفردية.
يقول الله تعالى: {وكلكم آتيه يوم القيامة فرداً}،
ويقول: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً وهم لا ينصرون}،
ويقول: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى}.
قاعدة تربوية = "علموه - أي الجيل -:
- استقلال النفس والقلب.
- استقلال الفكر والعقل.
- استقلال الجهد والعمل.
"استقلال النفس والقلب"
فيقصد
به حب الحق لا حب الأشخاص. أي التعرف على الفكرة لا التعرف على الأشخاص.
فكثير من الناس يهتم بمعرفة الأشخاص، ولا يتساءل أبداً ما هي الفكرة التي
يطرحونها. لم يناقشها أو يبحث فيها أو يرى أبعادها، لكنه مقلد في المطلق
فعندما تقال له فكرة يقول من قائلها؟ فإذا قيل له فلان رفضها- وإن كانت
حقاً- وإن قيل أن قائلها فلان قبلها ولو كان باطلا.-
كيف
يمكن تربية جيل النهضة على أهمية التعرف على الأفكار ومناقشتها مناقشة
علمية موضوعية بعيداً عن الحماس والعاطفة؟! هذه مسألة في غاية الحيوية.
وإذا
استعرضنا القطاعات الكبيرة من العاملين في ساحة النهضة اليوم لنرى كم منهم
يعرف على وجه اليقين - وليس على سبيل الظن- الفكرة التي يتحرك أو يدور
حولها، وكم منهم يستطيع أن يشرح فكرته لغيره في شكل واضح لا يقبل لبساً،
ويجيب على التساؤلات المطروحة عليه. سنجد قلة قليلة ممن تعرف ما الذيتتحدث
عنه, بينما تجد الكثرة الغالبة هم أتباع مقلدون لأشخاص أو لجماعات أو
لاتجاهات أو لتيارات.
كما أن "
استقلال النفس والقلب"
يعني
الارتباط القلبي بالله سبحانه وبالإسلام ديناً، ارتباطاً لا يعكره أي
ارتباط آخر. ومن ثم فكل من يقدم إنجازاً لنصرة دين الله فنحن نحبه وندعو
له- حتى وإن كان يخالفنا أو يتبنى فكرة غير التي نراها. إنه القلب الذي عبد
الله رب العالمين وأحب فيه وأبغض فيه، وليس القلب الذي عبد الجماعة أو
الحزب فأحب من في الحزب وأعرض عمن سواهم.
"استقلال الفكر والعقل"
فاليوم
في عمليات التدريب العام هل يلقن الناس إجابات معينة أم يدربون على النظر
الناقد وعلى الفكر المبدع و يطالبون بإيجاد حلول لما هو مطروح عليهم من
أسئلة الواقع؟! وليسأل كل منا نفسه: ما هو حجم تعليم منهجيات التفكير داخل
هذه البنية الواسعة المنتشرة من التيارات و الأحزاب و التنظيمات و غيرها؟!
سنجد أن القليل يسمح بممارسة هذا النوع من المنهجية. فبعض تلك التيارات لا
يتساءل عن أموره الداخلية ناهيك عن الواقع المحيط خارجه. فأين نحن من
استقلالية الفكر والعقل؟!!
لابد أن يمتلك طلاب النهضة
وقادتها أدوات النظر والبحث، خاصة في الشريحة العليا التي تمثل الطبقة التي
توجه الآخرين. فعندما يصل إلى هذه الطبقة العليا (القيادة) من لا يمتلك أي
ملكة في التفكير الناقد أو التحليلي أو التصوري، فإنه يقتل التفكير بين
العاملين معه. فينشأ الجمود تبعاً لذلك. هذه قضية خطيرة يجب معالجتها في
تيار النهضة الإسلامية.
لابد من تعليم الفكر الناقد -
أي تعليم المنهجيات التي يتم بناءً عليها قراءة الواقع - وتعليم الفكر
الإبداعي لإيجاد الحلول لقضايا الواقع بحيث لا يتجمد الذهن عند عمل مفكر ما
- مهما جل قدره