المراهق و العلاقات الاجتماعية

العلاقات الاجتماعية للمراهق

*
تتزايد أهمية العلاقات الاجتماعية للناشئ بتقدُّمه من الطفولة إلى المراهقة، وذلك بسبب تشعب تلك العلاقات من جهة وازدياد تأثيرها في مجمل حياته وسلوكه الشخصي من جهة ثانية. فالمراهقة باعتبارها جسر الانتقال من الطفولة إلى الشباب ومرحلة التحولات النمائية الحاسمة، تكسب علاقات الناشئ بأقرانه وعلاقاته الاجتماعية بصورة عامَّة طابعاً خاصّاً وتجعلها أكثر شمولاً وعمقاً. وبإنتهاء المراهقة والانتقال إلى مرحلة الرشد، ينخرط المراهق النازع تجاه الرشد أن يجد مكانة في مجتمع لا يضم أقرانه المراهقين فحسب بل أشخاصاً يزيدونه في السِّن زيادة كبيرة في بعض الأحيان ويعلبون الأدوار المختلفة الّتي ينيطها بهم المجتمع.
يتطلب أداء المراهق لدوره الجديد كرديف مكافئ لأشخاص يختلفون عنه في العمر تغيُّراً جذرياً في الدور السابق الذي اعتاد أن يؤدّيه في طفولته. إلّا أنّ غالبية المراهقين تئن تحت كابوس عطالة دورها الطفولي القديم. يرجع جانب كبير من عجز المراهقين عن تحقيق التغيّر في الدور إلى التعارض بين انشغال المراهق في إجراء التغيير المذكور وبين استمرار أهله في معاملته كطفل وفي الحفاظ بصورة ما، على اتكاليته السابقة. والمراهق نفسه يتمزَّق بين الرجوع إلى أهله طلباً للدعم العاطفي الّذي اعتاد التمتع به كطفل وبين الانطلاق في مجاهل استقلاليته الواعدة يكتشفها خطوة خطوة. والواقع أنّ الناشىء السوي لا ينزع بشكل مطلق إلى الاستقلالية بل يحمل مجموعة نزعات متكاملة يلعب فيها الولاء والانتماء الدور الحرج وقد تفوق النزعات المذكورة نظيرتها الاستقلالية أو تتخطاها أو تنضوي في إطارها لا لتتلاشى بل لتتصارع معها باستمرار ودونما نهاية.