يزيد بن معاوية بين طرفين
< ردا على الإفاكين الذين يزعمون أن ابن تيمية لعن يزيد >
بقلم
:::
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
هذا الغلو في يزيد من الطرفين
خلاف لما اجمع عليه أهل العلم والإيمان
فإن يزيد بن معاوية
ولد في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه
ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم
ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء
ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح
وكان من شبان المسلمين
ولا كان كافرا ولا زنديقا
وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين
ورضا من بعضهم
وكان فيه شجاعة وكرم
ولم يكن مظهرا للفواحش كما يحكي عنه خصومه
[[]]
وجرت في إمارته أمور عظيمة
أحدها مقتل الحسين رضي الله عنه
## ##
وهو لم يأمر بقتل الحسين ولا أظهر الفرح بقتله
ولا نكت بالقضيب على ثناياه رضي الله عنه
ولا حمل رأس الحسين رضي الله عنه إلى الشام
لكن أمر بمنع الحسين رضي الله عنه
وبدفعه عن الأمر ولو كان بقتاله
فزاد النواب على أمره
وحض الشمرذي الجيوش على قتله لعبيد الله بن زياد
فاعتدى عليه عبيدالله بن زياد
فطلب منهم الحسين رضي الله عنه أن يجيء إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر مرابطا
أو يعود إلى مكة فمنعوه رضي الله عنهم
إلا أن يستأسر لهم
وأمر عمر بن سعد بقتاله
فقتلوه مظلوما له ولطائفة من أهل بيته رضي الله عنهم
وكان قتله رضي الله عنه من المصائب العظيمة
فإن قتل الحسين وقتل عثمان قبله
كانا من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة
وقتلتهما من شرار الخلق عند الله
ولما قدم أهلهم رضي الله عنهم على يزيد بن معاوية أكرمهم وسيرهم إلى المدينة
وروى عنه أنه لعن ابن زياد على قتله
وقال كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين
لكنه مع هذا
لم يظهر منه إنكار قتله والانتصار له
والأخذ بثأره كان هو الواجب عليه
فصار أهل الحق يلومونه على تركه للواجب
مضافا إلى أمور أخرى
وأما خصومه فيزيدون عليه من الفرية أشياء
أما الأمر الثاني
فإن أهل المدينة النبوة نقضوا بيعته
وأخرجوا نوابه وأهله فبعث إليهم جيشا
وأمره إذا لم يطيعوه بعد ثلاث أن يدخلها بالسيف
ويبيحها ثلاثا
فصار عسكره في المدينة النبوية ثلاثا
يقتلون وينهبون ويفتضون الفروج المحرمة
ثم أرسل جيشا إلى مكة المشرفة فحاصروا مكة
وتوفي يزيد وهم محاصرون مكة
وهذا من العدوان والظلم الذي فعل بأمره
#####
ولهذا كان الذي عليه معتقد أهل السنة وأئمة الأمة
أنه لا يسب ولا يحب
قال صالح ابن أحمد بن حنبل
قلت لأبي
إن قوما يقولون إنهم يحبون يزيد
قال يا بني
وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر
فقلت يا أبت
فلماذا لا تلعنه
قال يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحدا
وروى عنه
قيل له
أتكتب الحديث عن يزيد بن معاوية
فقال لا ولا كرامة
أو ليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل
فيزيد عند علماء أئمة المسلمين
ملك من الملوك
لا يحبونه محبة الصالحين وأولياء الله ولا يسبونه
فإنهم لا يحبون لعنة المسلم المعين
لما روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أن رجلا كان يدعى حمارا
وكان يكثر شرب الخمر وكان كلما أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضربه فقال
رجل لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي
فقال النبي
لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله
ومع هذا
فطائفة من أهل السنة يجيزون لعنه
لأنهم يعتقدون أنه فعل من الظلم ما يجوز لعن فاعله
وطائفة أخرى
ترى محبته لأنه مسلم تولى على عهد الصحابة وبايعه الصحابة
ويقولون لم يصح عنه ما نقل عنه
وكانت له محاسن أو كان مجتهدا فيما فعله
والصواب
هو ما عليه الأئمة
من أنه لا يخص بمحبة ولا يلعن
ومع هذا
فإن كان فاسقا أو ظالما
فالله يغفر للفاسق والظالم لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة
وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن النبي قال
أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له
وأول جيش غزاها كان أميرهم يزيد بن معاوية
وكان معه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه
وقد يشتبه يزيد بن معاوية بعمه يزيد بن أبي سفيان
فإن يزيد بن أبي سفيان كان من الصحابة
وكان من خيار الصحابة
وهو خير آل حرب
وكان أحد أمراء الشام الذين بعثهم أبو بكر رضي الله عنه في فتوح الشام
ومشى أبو بكر في ركابه يوصيه مشيعا له
فقال له
يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل
فقال لست براكب ولست بنازل
إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله
فلما توفى بعد فتوح الشام في خلافة عمر
ولي عمر رضي الله عنه مكانه أخاه معاوية
وولد له يزيد في خلافة عثمان بن عفان
وأقام معاوية بالشام إلى أن وقع ما وقع
فالواجب
الاقتصار في ذلك
والإعراض عن ذكر يزيد بن معاوية
وامتحان المسلمين به
فإن هذا من البدع المخالفة لأهل السنة والجماعة
فإنه بسبب ذلك اعتقد قوم من الجهال أن يزيد بن معاوية من الصحابة
وأنه من أكابر الصالحين وأئمة العدل
وهو خطأ بَيِّنٌ .