تاريخ حمام الزاجل
كان حمام الزاجل يحمل الرسائل لقدماء المصريين والفرس (الإيرانيون حالياً) منذ 3000 عام. وفي اليونان كان الحَمَام يحمل أخبار انتصارات الألعاب الأوليمبية إلى مُختلف الدول. واستخدم الرومان الحَمَام لإرسال الرسائل العسكرية. وقد استخدم الفرنسيون حَمَام الزاجل في الحرب الفرنسية ـ البروسية، كما قام الألمان بتدريب الصقور على الإمساك بها. وقد قام حَمَام الزاجل بخدمة سلاح الإشارة الأمريكي في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفي الحرب الكورية. وقد سجلت الحرب العالمية الأولى قصصًا مُذهلة عن قيام حَمَام الزاجل بتوصيل الرسائل أثناء القتال. فقد حَملت حمامة رسالة من على بعد 40كم في 25 دقيقة، ووصلت مقطوعة الرِّجل وجريحة الصدر إثر رصاصة.
اعتنى العرب بحمام الزاجل لنقل رسائلهم، البريدية، وجعلوا لها إدارات تشرف على الحمام في أنحاء الدولة الإسلامية، وعمال يراقبون وصول الحمام في الأبراج وسفره. وكان أول استخدام لحمام الزاجل في الموصل بالعراق، ثم مصر في عهد الفاطميين ثم العباسيين.
كيفية التراسل كان العرب يشدون الرسالة تحت جناح الحمامة أو إلى ذيلها، وكانوا يحتاطون عند إرسالهم للرسائل المهمة بكتابة صورتين من الرسالة ترسلان مع حمامتين تطلق الثانية عقب الأولى بساعتين، حتى إذا ضلت إحداهما أو قتلت أمكن الاعتماد على الأخرى، وكانوا لا يطلقون الحمام في الجو الممطر، ولا يطلق إلا بعد أن يغذى الغذاء الكافي. أما إذا كانت الرسالة مضمنة أخبارًا عسكرية فكانوا يضعون الرسالة في غلاف صغير من الورق المزيت أو بكيس من الجلد الرقيق، ويعلقونها في عنق الحمامة أو في جوف ريشه يربطونها بالريشة المتوسطة من ذنب الحمامة، إلا أن الرسالة في هذه الحالة تكون صغيرة وقصيرة جدًا.
وكان الإيجاز أهم مميزات رسائل حمام الزاجل؛ فقد كان يستغنى فيها عن البسملة، والمقدمة واللقب، ويكتفى بذكر التاريخ والساعة وموضوع الرسالة باختصار شديد.
أهم خطوط سير حمام الزاجل
نظمت خطوط كثيرة بين عواصم ومدن البلدان العربية والإسلامية لنقل البريد المستعجل، وأهم هذه الخطوط ذلك الذي أقيم بين مصر والشام في عهد نور الدين محمود (1146م)، وأعد له مطارات (محطات) ذات أبراج في كل 13 ميلاً (21كم تقريبًا) وكانت هناك خطوط ثانوية تتفرع عن الخطوط الرئيسية منها: خط القاهرة ـ دمشق عن طريق غزة والقدس، ثم غزة وكرك على البحر الميت. ودمشق وبعلبك وغيرها. وفي الرسائل السلطانية، كان ينقش اسم السلطان على منقار الحمام، وتوضع أرقام خاصة على رجله، وكان لا يستخدم للرسائل السلطانية إلا الحمام الأزرق اللون، كما كان هناك البريد المباشر السريع الذي لا يتوقف بالمطارات الفرعية. وكان ذلك بين عاصمة الدولة وعواصم الولايات؛ فإذا أراد السلطان مثلاً أن يبعث رسالة من القاهرة إلى دمشق، أطلق من أبراجه حمامة من حمام دمشق فتصل إليها الرسالة دون توقف. [1]