رحلة في تاريخ القدس
أولا:: من بَنى المسجد الأقصى؟
عند الشروع في التعرف إلى المسجد الأقصى المبارك، في مفهومه وتاريخه، فإن أول ما نحتاج للإجابة عليه، هو متى بنيَ المسجد الأقصى، ومن بناه؟
بقيت هذه المسألة شغل العلماء والمؤرخين المسلمين، ووضعوا لتفسيرها عدَّة فرضيات مدعومة بقرائن واستقراءات منطقية من الحديث والسنة المشرفة، فوصلتنا من هذه الآراء ثلاثة أقوال ، هي:
1. الملائكة هم من بنوا المسجد الأقصى.
1. سيدنا آدم عليه السلام.
2. سيدنا إبراهيم عليه السلام.
إلا أنَّ الرأي الأول القائل بأن الملائكة هم بُناة المسجد الأقصى، ضعفه كثير من العلماء، مرجِّحين أن يكون البشر هم بُناة المسجد لا الملائكة، فالملائكة لهم بيتهم وبناؤهم في السماء وهو البيت المعمور المقابل للكعبة المشرَّفة في الأرض.
وبذلك نستبعد الرأي الأول ، ونبحث في المقارنة بين فرضيّتي سيدنا آدم وسيدنا إبراهيم عليهما السلام.
وللانطلاق في هذا البحث نعود إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ اَبِي ذَرٍّ، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِيالاَرْضِ اَوَّلُ قَالَ "الْمَسْجِدُالْحَرَامُ " . قُلْتُ ثُمَّ اَىٌّ قَالَ "الْمَسْجِدُالاَقْصَى " .قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ " اَرْبَعُونَ سَنَةً .." (متفق عليه..)
بالاستناد إلى هذا الحديث، فإننا نستطيع الاجابة على سؤال: متى بني الأقصى؟ فنقول أنه بني بعد بناء المسجد الحرام بأربعين سنة كما ثبت بالحديث الصحيح..
أمّا كلمة ( وُضع ) التي جاءت في الحديث الشريف، فإنها تؤشّر بوضوح على معنى : ( التسمية والتحديد ) لتلك البقعة المباركة، وتخصيصها بكونها مسجداً لله دوناً عن ما جاورها من الأرض.
أصحابُ الرأي القائل أن إبراهيم -عليه السلام- هو الباني للمسجد الأقصى، يستدلّون على ذلك بأن القرآن الكريم ذكر قصة بناء الكعبة المشرفة على يد إبراهيم –عليه السلام- ويرون بما أن المسافة الزمنية ما بين بناء المسجدين هي أربعون سنة، فإن الباني واحد وهو سيدنا إبراهيم. ويدعمون رأيهم بأن إبراهيم-عليه السلام- كان يعيش في الارض المقدسة (فلسطين) وثبُت تاريخياً أنه دخل المسجد الأقصى وصلى فيه، والتقى بملك اليبوسيين الصالح "ملكي صادق".
يقول تعالى: " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " (127 : البقرة)
لكن الآية الكريمة أساس الاستدلال، تقطع بوضوح، أنّ سيدنا إبراهيم حين بنى الكعبة فإنه رفَع قواعدَ كانت موجودةً أصلاً في المكان، فكان بناء إبراهيم للكعبة بناء ترميم وتجديد ، وليس بناء إيجادٍ من العدم، مما يؤشّر على أن الكعبة كانت مبنيَّة قبل إبراهيم –عليه السلام- ، ومما يعزّز هذا الرأي، قوله عز وجل في سياق قصة ارتحال إسماعيل –عليه السلام- رضيعاً مع أمه إلى مكة : " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " ( إبراهيم: 37)
حيثُ سمّى إبراهيم –عليه السلام- منطقة مكة المكرمة بالبيت المحرَّم دلالة على وجود الكعبة المشرفة في ذلك الوقت الذي شهد ولادة إبنه إسماعيل، ومعلوم أنّ اسماعيل قد شارك والده في بناء البيت الحرام. بالتالي تسقط بالاستناد إلى النص القرآني فرضية بناء سيدنا إبراهيم للمسجد الأقصى، ويثبُت أن المسجد بني قبله عليه السلام، مرجّحاً بذلك فرضية بناء آدم – عليه السلام- للمسجد الأقصى.
وفي بحث للمحاضر في كلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية الدكتور هيثم الرطروط نشرته مجلة دراسات بيت المقدس في عددها الصادر عام 2005، اكتشف الدكتور الرطروط تشابهاً هندسياً تاماً ما بين بناء الكعبة المشرفة وبناء المسجد الأقصى المبارك، وباستخدام برامج هندسية ثلاثية الأبعاد وبإهمال المساحتين المختلفين للكعبة والمسجد الأقصى، وضَّح الرطروط بالخرائط والصور تطابقاً تاماً في زوايا البنائين الأربعة. مما يدعم بمزيد من الأدلة العملية فرضية بناء آدم عليه السلام للمسجدين وتحديد حدودهما، بوحي من الله عز وجل، وهي الحدود التي ما زال المسجد الأقصى يحتفظ بها حتى يومنا هذا بواقع 142-144 دونماً..
مقاربة هندسية ما بين بناء المسجد الأقصى المبارك بشكله الاصلي قبل التوسعة الأموية
وما بين بناء الكعبة المشرفة بشكلها الاصلي الذي بناه عبدالله بن الزبير نقلاً عن وصف النبي عليه الصلاة والسلام لشكل الكعبة في عهد إبراهيم عليه السلام.
ثانياً:: اليبوسيون والكنعانيون
كان العرب اليبوسيون أول من حفِظ التاريخ الإنساني سكنهم في القدس، فقديماً لم تكن أنواع الكتابة والتدوين قد اكتشفت بعد، وبقي الاعتماد في دراسة التاريخ على الأحافير كمصدر وحيد إلى أن اكتشفت الكتابة وابتدأ التأريخ الإنساني، وكان ذلك قبل أكثر من ستة آلاف عام حين هاجرت قبائل اليبوسيين من موطنهم الأصلي في الجزيرة العربية واستوطنوا مدينة القدس وما حولها، فعرفت أرض فلسطين بأرض اليبوسيين، الذين سُجّل لهم إنشاء عاصمة دولتهم في مدينة القدس، حيث كانت تعرف آنذاك باسم (يبوس) أو ( أورسالم).
وبالتزامن مع اليبوسيين هاجرت قبائل العرب الكنعانيين من جزيرة العرب إلى فلسطين، وهاجر الفينقيون الذين كانوا من بطون الكنعانيين العرب أيضاً، و تركز وجود هؤلاء في مناطق الشمال الفلسطينية، وأسسوا في فلسطين ما يزيد على مئتي مدينة كانت أبرزها (يبوس) القدس التابعة لليبوسيين، إضافة إلى (شكيم) نابلس، و (حبرون) الخليل.
كما عاش في فلسطين في ذات الفترة، شعب العموريين أو الأموريين، وهي قبائل عربية نتج عنها على مدى مئات السنين شعب الهكسوس الذي كان له دور بالغ الأهمية في مدينة القدس.
جدير بالإشارة أن أقوام (اليبوسيين) الذين حكموا القدس كانوا وثنيين غير مؤمنين، ومن هنا لا يأتي الاستشهاد بسكنهم لمدينة القدس من باب الفخر بأن العرب كانوا أول من سكن هذه المدينة، إنما يأتي في سياق دحض الافتراءات اليهودية التي تدّعي أنّ اليهود هم سكان القدس الأصليون، وأنهم أول من عمر المدينة المقدسة وسكنها، مزيّفين بذلك فترة تاريخية هامة تمثلت بهذه الشعوب العربية التي سبق وجودها في القدس الوجود اليهودي بأكثر من 1500 عام.
ثالثاً:: الهكسوسوالفراعنة
غزت قبائل الهكسوس مدينة القدس قرابة العام 1774 ق.م ، ضمن حملة كبيرة قامت بهذا هذه القبائل لغزو مصر والشام، واستطاع الهكسوس إجلاء حكم الفراعنة وبقايا اليبوسيين في القدس وما حولها، وأصبحوا حكامها.
ووفق المصادر التاريخية فإن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عاصر الحكم الهكسوسي للقدس، ودخل المسجد الاقصى وبعض المدن المحيطة بالمدينة المقدسة.
وتحت حكم الهكسوس للمدينة ظهر سيدنا يعقوب وإسحاق –عليهما السلام- ، وظهر بنو إسرائيل جنوبي النقب (صحراء فلسطين) إلى أن ارتحلوا مع سيدنا يوسف إلى مصر كما ورد في القرآن الكريم. وعاش نسل يعقوب عليه السلام قرابة 150 عاماً في مصر تحت حكم الهكسوس الذين كانوا يعطون رعيتهم حرية دينية، إلى أن ضعف الهكسوس وهزموا على يد الفراعنة وطردوا من أرض مصر والشام، وأصبحت مدينة القدس تحت الحكم الفرعوني، الذي تميّز بالاضطهاد الديني والسياسي، وعمِد الفراعنة إلى صياغة حكم ذاتي لمدينة القدس موالي للدولة الفرعونية وحاكماً باسمها.
وإحقاقًا لسنة الله في الأرض، بدأت الدولة الفرعونية تضعف تدريجياً وتتقلص مساحتها، بفعل التناحر العرقي والتناحر على الملك داخل الدولة، وعادت أجيال اليبوسيين والكنعانيين إلى لملمة صفوفها من جديد، والاهتمام بزيادة تسليحهم وقوتهم إلى أن استطاعوا الاستئثار بحكم القدس وما حولها من جديد، والانخلاع تدريجياً من سلطة دولة الفراعنة.
تميّزت أجيال اليبوسيين والكنعانيين العرب في تلك الفترة بالشدة والغلظة، وقد أشار القرآن الكريم إليهم في معرض قصة بني إسرائيل في القرآن الكريم: " قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ " ( المائدة : 22)
رابعاً:: بنو إسرائيل ومدينة القدس
بعث سيدنا موسى -عليه السلام- إلى بني اسرائيل في مصر ، خلال نهاية الحكم الفرعوني، وكانت الدولة الفرعونية تضطهد بني اسرائيل بشكل خاص، لأنها كانت ترى فيهم عملاء ومقرّبين لدولة الهكسوس التي حاربت الفراعنة واستطاعت إنهاء حكمهم لاكثر من 200 عام.
لم تكن دعوة نبي الله موسى عليه السلام، مقصورة على دعوة بني إسرائيل والمصريين إلى الايمان بالله عز وجل، فقد كان الإيمان موجوداً أصلاً في بني إسرائيل في ذاك الزمان ، وكان هناك جوهر آخر تدور حوله دعوة موسى-عليه السلام-، وهو الخروج ببني إسرائيل من مصرَ إلى الأرض المقدسة، قال تعالى على لسان موسى عليه السلام: " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ" ( المائدة: 21 )
ويظهر جوهر دعوة موسى – عليه السلام- في عديد من الآيات القرآنية التي حدثتنا عن قصة بني اسرائيل:
"حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ" ( الأعراف: 105)
"وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ۖ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (الأعراف: 134)
"فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ" (17) (الشعراء: 16-17)
فأراد الله عز وجل لهذه الفئة التي كانت مؤمنة في ذلك الزمان الانعتاق من اضطهاد فرعون، والتوجه إلى الأرض المقدسة التي كان يحكمها آنذلك ( القوم الجبَّارين ) أو العمالقة كما سمّاهم التاريخ. ليحلّ بنو اسرائيل مكانهم، وفي لغة هذا العصر كان على بني اسرائيل تحرير الأرض المقدسة من احتلال القوم الجبارين، فهل فعلوا ذلك؟!
رغم الآيات المُعجزة والعظيمة التي أجراها الله على مرأى بني اسرائيل، من انشقاق البحر وإهلاك عدوهم، ورغم ما شهدوا من إعطائهم شريعة الألواح، والمنّ والسلوى، وتخويفهم بنتق الجبل فوقه، ثّ إماتتهم وإحيائهم من جديد، ورغم ما لاقوه من عنت وعذاب في سبيل الانعتاق من اضطهاد الفراعنة والنجاة بأنفسهم إلى أرض كتبها الله لهم، وأراد أن يمكِّن لهم فيها، إلا أن موقفهم كان برفض دخول الارض المقدسة خشية من القوم الجبَّارين، وعدم رغبة منهم في القتال، فقالوا لموسى عليه السلام: إذهب أنتَ وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون، فجازاهم الله بالتيه في الأرض وتحريم الارض المقدسة عليهم، ويرجّح العلماء أن مكان التيه كان على الأغلب في صحراء سيناء، قريباً من مكان إهلاك الله لفرعون عند الفرع الأيسر للبحر الأحمر المواجه لسيناء.
وفي التيه يعاقب الله بحكمته جيل بني اسرائيل الذي اتصف بالكفر والعناد، ولم تردعه الآيات العظام التي أجراها الله أمام أعينهم عن استكبارهم، ليظهر فيهم جيل جديد فيه بعض من إيمان، ويستحق أن يجري الله على يده دخول الأرض المقدسة وعمارتها.
فوفق المصادر التاريخية فإن العام 1186 ق.م شهد قيادة "يوشع بن نون" لبني إسرائيل من سيناء نحو الأرض المقدسة، أما موسى -عليه السلام- فكان قد توفي قبل هذه المرحلة، وقاد فتاه "يوشع" بني إسرائيل إلى فلسطين ( الأرض المقدسة) عبر المنطقة الشرقية لنهر الأردن ، لكنهم لم يدخلوا مدينة القدس أبداً، وإنما عبَروا نهر الأردن إلى أريحا واستقروا هناك سنين طويلة. ويشير القرآن الكريم إلى هذا الدخول في قوله عز وجل : " وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ" ( البقرة : 58 ).
وبوفاة يوشع بن نون، تشتعل الخلافات الداخلية بين أسباط اليهود المقيمين في أريحا، ويضعف بنيانهم بضعف إيمانهم، فيتمكن منهم (العمالقة)، ويسلطون عليهم ألوان الاضطهاد والعذاب.
ويظهر في صفوف (العمالقة) ملك قوي يقال له (جالوت) الذي حكم الأرض المقدسة ( فلسطين) وكان مقرّه في القدس، وفق المصادر اليهودية والتاريخية، مما يدعّم الرأي القائل بأن اليهود استقروا فعلاً في أريحا ولم تطأ أقدامهم القدس أبداً.
وينظر بنو اسرائيل بعين الغبطة للعمالقة على ملكهم العظيم، ويطلبون من نبيّهم أن ينصّب عليهم ملكاً عظيماً كجالوت، يعيد إليهم مجدهم ورفعتهم، فيجيبهم النبي سائلاً إياهم عن طاعتهم للملك الجديد؟ فيجيبون بالتأكيد، ويقولون كيف لنا ألا نطيعه ونحن اليوم أذلّ الناس، وهو من سينشلنا من ذلنا إلى عزة ورفعة؟!
وما إن يختار لهم داوود -عليه السلام- الملك (طالوت) حتى ينقلبون عليه، ويستنكفوا عن طاعته وحكمه، وتفصّل سورة البقرة قصة المعركة التي وقعت قرب أريحا –على الراجح من أقوال العلماء- بين العمالقة وبني اسرائيل، والتي شهدت عصيان بني اسرائيل لقائدهم إلا قليلاً منهم، وتنتهي المعركة بقتل النبي داوود –عليه السلام- لقائد العمالقة، ممهداً بذلك لأول دخول يهودي في التاريخ إلى مدينة القدس.
وبهذا النصر أيضاً يؤول حكم الأرض المقدسة إلى بني اسرائيل لأول مرة وذلك قرابة العام 995 ق.م، ويتوجه نبي الله داوود –عليه السلام- إلى القدس ويقيم فيها مملكته التي تشير المصادر التاريخية انها كانت في قرية سلوان قرب عين الماء على الأطراف الخارجية لمدينة القدس القديمة.
ويدوم حكم بني اسرائيل للقدس سبعون عاماً أو ثمانون، تداولها النبي سليمان من بعد داوود –عليهما السلام- ، وحصل خلالها ما ذكره النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- من تجديد سليمان لبناء المسجد الأقصى المبارك.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ".
وتجدر الإشارة أن هذا البناء لسليمان، كان بناء تجديد وإعادة إعمار، وأن الباني الأول للمسجد الأقصى هو النبي آدم –عليه السلام- بوحي من الله، كما ورد سابقاً..
خامساً:: السبي البابلي والفرس
بعد وفاة سليمان عليه السلام ضعفت الدولة وتفككت إلى مملكتين متصارعتين؛ مملكة شمالية (إسرائيل) عاصمتها شكيم، ومملكة جنوبية (يهوذا) وعاصمتها أورشاليم.
وكان اليهود في حينها قد انحرفوا بعيداً عن عقيدتهم، وساد الظلم وأشكال المفاسد دولتيهم، وأخذ الصراع ما بين الدولتين يستنزف بقية ما تبقى من أسباب القوة، وبعد مناوشات طويلة تمكَّن الأشوريون من تدمير مملكة الشمال في القرن السابع قبل الميلاد، وصمدت مملكة الجنوب قليلاً ثم ما لبثت أن سقطت في يد البابليين في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد ، لتصبح مدينة القدس تحت حكم البابليين الذين نفوا اليهود خارج المدينة، واتخذوهم سبايا نحو بابل، ودمّروا المسجد الاقصى الذي أعاد سليمان بناءه تدميراً كاملاً وفق المصادر التوراتية، ويشير كتاب التلمود اليهودي أن السبي البابلي كان عقاباً لليهود على "كثرة ذنوب بني اسرائيل وتفاقمها حتى فاقت حدود ما يطيقه الإله الأعظم".
ثم ما لبثت دولة فارس أن غزت دولة البابليين، وبسطت سيطرتها على مملكتها ومن بينها مدينة القدس، وسمح الملك (قورش) الفارسي لليهود الموجودين في بابل بالعودة إلى القدس إن شاؤوا، فرجعت أعداد قليلة منهم وفقاً للمصادر التوراتية، أما الغالبية العظمى فلم تهاجر، لأنها فضلت البقاء في بابل عاصمة الرخاء الاقتصادي والثروات في ذلك الزمان، تاركين مدينتهم المقدسة وراء أطماع المال.
تشير المصادر التوراتية إلى النخبة القليلة من اليهود الذين عادوا إلى القدس، وتقول أنهم عكفوا هناك على إعادة بناء معبد سليمان الذي دمّره البابليون على يد (نبوخذ نصر) إبَّان السبي، ويُشار إلى أن الفارسيين كانوا في ذلك الزمان متسامحين مع اليهود بالمقارنة مع البابليين ، وسمحوا لهم بأداء طقوسهم الدينية في القدس، مُفردين لهم ثلاثين كيلومتراً من مساحة المدينة، ليحكموها حكماً ذاتياً يدين بالولاء لدولة فارس، مقابل السماح لليهود بالعبادة.
سادساً:: اليونان ( الاغريق ) ومدينة القدس
بقيت القدس تحت الحكم الفارسي حتى منتصف القرن الثالث قبل الميلاد ، حين استطاع الاسكندر المقدوني انتزاع المدينة المقدسة من الفرس مع أجزاءٍ واسعة من مصر والشام، فبسط اليونان نفوذهم على مدينة القدس بعد ان اجتاحوها بجيوشهم ودمّروا أجزاءً كبيرة منها.
اصطبغت المدينة المقدسة بصبغة الإغريق، وكانوا قوماً يعبدون الأوثان، فحاولوا السيطرة على المسجد الاقصى والسماح بعبادة الأوثان في داخله.
لكن الاسكندر المقدوني توفي فجأة، مخلفاً وراءه تركة ثقيلة، فاقتسم قادته الأرض المقدسة من بعده، وأقاموا فيها معبداً وثنياً لهم، وبينما عاشوا في القدس قرابة المئة والعشرين عاماً يعبدون الأوثان، فإن اليهود كانوا يعبدون الله على حرف.
واستغل العرب الأنباط تفكك حكم اليونان بعد وفاة الاسكندر، فقاموا بغزو الأجزاء الجنوبية من فلسطين، واحتلوها بما فيها مدينة القدس التي بقيت في قبضتهم مئة عامٍ تقريباً، لكنها متقطعة بفترات حكم إغريقية كانت تجيء وتذهب.
سابعاً:: الرومان وظهور المسيح عليه السلام
وفي منتصف القرن الأول قبل الميلاد، بدأت دولة الرومان في التحرك وتكثيف حملاتها الهادفة لتوسيع مملكة الروم، فبدأوا بالاستيلاء على ممالِك الاغريق مملكة تلو الأخرى، وفي العام 63 ق.م استطاعوا الاستيلاء على منطقة سورية وفلسطين، فأصبحت القدس خاضعة للدولة الرومانية، فسارع اليهود لإعطاء الولاء لروما مقابل أن أعطاهم الرومان حكماً ذاتياً محدوداً في مدينة القدس. هذا الحكم المحدود والذي لم يغيّر من نظرة اليهود إلى "الاحتلال الروماني" ، أدّى في كثير من الأحيان إلى اشتعال الثورات والاضطرابات الداخلية، التي أذكاها اليهود بتحريض من الأحبار ورجال الدين، حيث كانت لهم في تلك الفترة زعامة روحية كبيرة، وسطوة على المسجد الأقصى في سدانته ورعاية شؤونه.
كثيراً ما كان الرومان يقمعون ثورات اليهود بقوة السلاح والنار، إلا أنه وفي العام 43 ق.م ارتأى الرومان وضع شخصية مثيرة للجدل وصفت بأنها من دهاة السياسة، في منصب والي القدس، وكانت هذه الشخصية هي الملك ( هيرودس) وهو من أصل روماني.. ادعى أنّ أمه رومانية وأبوه يهودي، وخطب ودّ اليهود في المدينة المقدسة عن طريق اعتناقه لليهودية ومحاولات التقرب لليهود.
وعلى الرغم من أن غالبية اليهود لم يعترفوا بهيرودس، نظراً لأنهم يعتبرون اليهودية موروثة من جانب الأم، إلا أن هيرودس استطاع اخماد الثورات في المدينة وتحييد اليهود قليلاً، وطغت أجواء الصراع ما بين الرومان والفرس، وتناوب المدينة المقدسة ما بين المملكتين على أية أجواء صراع داخلي بين اليهود والرومان، وإن كانت بعض المصادر التاريخية تشير إلى خيانات يهودية متكررة كانت تتم لصالح الفرس ضد دولة الروم.
قام هيرودس خلال حكمه، ببناء قلعة داوود الموجودة حالياً في مدينة القدس قرب باب الخليل. كما قام بإعادة تجديد المسجد الاقصى، إلا أن اليهود لم يعترفوا له بهذا البناء، وبقيت المصادر اليهودية إلى الآن تقول أن (المعبد) لم يُبني سوى مرّتين متجاهلين بناء هيردوس لأنه لم يكن رجلاً يهودياً صافياً.
تطرقنا في معرض الحديث عن القدس تحت الحكم اليوناني، أن اليهود كانوا قد وصلوا إلى مرحلة شديدة الانحراف عن الدين، وازداد الأمر سوءاً مع مرور السنين، حتى وصل الأمر بهم إلى الحضيض، وظهر في ذلك الوقت بيتٌ يهودي فريد، من البيوت القليلة التي ما زالت تعرف الدين الحقّ وتعمل به، كان هذا بيت ( آل عمران ) الذين اصطفاهم الله عز وجل، وجعل من نسلهم مريم –عليها السلام- وجعل من نسلها الطاهر النبي عيسى وابنَ خالته النبي يحيى –عليهما السلام-.
وفي تلك الفترة اجتمع لبني اسرائيل ثلاثة أنبياء دفعة واحدة، هم زكريا وعيسى ويحيى –عليهم السلام-، ليؤشر لنا ذلك عن مدى الانحراف الديني والانحطاط الإنساني الذي آل إليه بنو إسرائيل في تلك الحقبة.
أمّا المسجد الأقصى فقد فاض الطابع المادّي لليهود ليصل إلى أماكن العبادة والمقدسات، فحوّله اليهود إلى سوقٍ للبيع والشراء، ومكانٍ لتداول الربا.
ولعل ظهور الأنبياء الثلاثة كان بمثابة الإنذار الأخير الذي تلقاه بنو اسرائيل، قبل أن تجري عليهم سنة الله في استبدال من أبى وأفسد من الأمم.
لكنّ اليهود لم يقتنصوا فرصتهم الأخيرة، بل أمعنوا في الافساد والاستكبار، فقتلوا زكريا ويحيى، وتآمروا مع (بطليموس) قائد الرومان وحرّضوه من أجل قتل المسيح عيسى عليه السلام وصلبه، لولا أن نجّاه الله منهم، ولم يرحموا من تبقى من أتباع المسيح فقتّلوهم وشرّدوهم خارج البلاد.
وبرَفع المسيح إلى السماء في العام 33 م وفق المصادر التاريخية، سادت الاضطرابات وعادت الثورات إلى القدس من جديد، وبدأ اليهود في الاشتغال بقطاعة الطرق للقوافل الرومانية، وانتهجوا تخريب تجارتهم وبيوعهم، ما حدا الدولة الرومانية إلى وضع حدّ لهذا التمرد في العام السبعين للميلاد، فيما سمي بالثورة (المكابية).
فحاصر القائد (تيطس) الروماني مدينة القدس، ثم سقطت في يد جيشه ليستبيح بيوتها ويدمّر جميع معالمها بما في ذلك المسجد الأقصى، حتى قيل إنه لم يترك في المدينة حجراً على حجر، وأجلى الرومانُ من بقي حياً من اليهود وأبعدوهم عن مدينة القدس مسافاتِ قرىً وجبالٍ شاسعة، وبقيَت القدس مدينة خراباً فارغة حتى العام 135 للميلاد.
حيث تذكر المصادر التاريخية أن الإمبراطور الروماني (هادريان) أمر بحرث المدينة المقدسة، وإقامة مدينة رومانية جديدة على أنقاضها، سميت في ذلك الحين باسم (إيليا كابيتولينا)، وكانت منطقة المسجد الأقصى خارج حدود هذه المدينة وخارج أسوارها، كما تشير الخرائط الرومانية القديمة، كالموجودة في مدينة مأدبا الأردنية مرسومةً بالفسيفساء، ويمكن الرجوع إليها في كتاب تاريخ فلسطين المصور، وبقي الأقصى أرضاً خواءً تتوسطها صخرة مرتفعة، مهملة كما حولها من مساحات.
ثامناً:: البيزنطة
كما هو معلوم فإن الدولة الرومانية كانت في بدايات نشأتها تتخذ من الوثنية ديناً ومذهباً، وبقيت كذلك حتى قرابة العام 300 للميلاد، حين أعلن الامبراطور الروماني ( قستنطين) وأمه الملكة الرومانية (هيلانا) إعتقناقهما للديانة النصرانية، على مذهب (بولس أو شاول) الذي كان من أدخل الإيمان بالطبيعة الإلهية للمسيح داخل الديانة النصرانية.
هذا التحول شكل سابقة خطيرة في تاريخ دولة الرومان، وجعل من الديانة النصرانية ديانة رسمية للدولة، وانقسمت على إثر ذلك إلى إمبراطورية بيزنطية في الشرق، وأخرى رومانية في الغرب، وبطبيعة الحال أصبحت القدس تتبع لامبراطورية بيزنطة الشرقية.
إعلان الدولة النصرانية في القدس، ساهم كثيراً في زيادة الاهتمام البيزنطي بها، فبنى الامبراطور النصراني (قستنطين) العديد من الأبنية والمرافق في المدينة، لعل أشهرها هو كنيسة القيامة، التي اعتقدت الملكة هيلانة أنها بنتها في مكان صلب المسيح.
وبسبب العداء القائم بين اليهود والنصارى، لتحميل الأخيرين مسؤولية قتل المسيح وصلبه لليهود ونسلهم أبداً، فإن اليهود كانوا ما زالوا منفيين خارج المدينة المقدسة وبعيداً عنها، وسمح لهم على فترات متباينة من الحكم الروماني المتأخر أن يزوروا القدس لقاء رسوم تدفع للدولة البيزنطية. وبقي المسجد الأقصى في تلك الحقبة الزمنية خرِباً وخالياً.
تاسعاً:: الفرس من جديد
ولد النبي عليه الصلاة والسلام في العام 571 للميلاد، وبعث رسولاً بعد أربعين سنة، ليشهدَ حادثة هزيمة الرومان على يد الفرس، واحتلال فارس لمدينة القدس من جديد، وتنزَّلت عليه حينها آيات مطلع سورة الروم : " الم (1)
غُلِبَتِ الرُّومُ (2)
فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)
فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)
بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) "
كانت هذه الحادثة بعد أربعة أعوام من بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، وشهدت تحالفاً ما بين اليهود والفرس ضد دولة الرومان النصرانية في القدس وما حولها، فدخل الفرس المدينة المقدسة وأعملوا فيها قتلاً وتدميراً، فتهدمت كنيسة القيامة، ونُهبت ما فيها من كنوز، وقتل ما يزيد على 60 ألف نصراني.
كان اليهود يتحالفهم مع الفرس ينتقمون ممن يرونهم أصحاب العقيدة المحرَّفة (النصاري) إضافة إلى رغبتهم في التملق لدولة فارس، علَّها تعطيهم حكماً ذاتياً في القدس، لكنّ هذا لم يحدث.
وتحققت نبوءة القرآن الكريم في سورة الروم، وعاد الرومان للسيطرة على القدس، بعد هزيمة الفرس، وتجدر الإشارة إلى أنّ اليهود الذين خُذلوا من الفرس عاودوا التحالف مع الرومان ضد الفرس، مقابل تطمينات لهم بالحماية والتمكين، وما إن انتصر الرومان حتى نقض قائدهم هرقل وعود الرومان لليهود، لأن النصارى لم يكونوا قد نسوا ما ارتكبه اليهود من مجازر بحقهم وحق مقدساتهم قبل ثماني سنوات، وعاد اليهود إلى الاضطهاد من جديد جزاءً لهم على خيانتهم العظمى في حق دولة الروم، وتبدّل ولاءاتهم، فقتل هرقل بعضاً منهم ونفى الغالبية بعيداً عن القدس.
عاشراً:: الإسراء والمعراج والفتح الأول لبيت المقدس
عند الحديث عن فتح مدينة القدس، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وفتحه العمريّ الميمون، لكنّ هذا الفتح الذي تجلَّى في العام الخامس عشر للهجرة – في غالب الروايات- كانت له مقدّمات جليلة، مهّد لها الله عز وجل وأجراها بمعجزاته تارة، وعلى يد نبيّه تارة أخرى، وعلى يد الصحابة الكرام من بعده، ليأتي الفتح العمري كنتاج وقطاف لثمرة الجهود الاسلامية لفتح بيت المقدس، الذي كانت بوصلةُ المسلمين ومجتمع النبوة مركزةًً صوبه بعد فتح مكة المكرمة.
شاءت حكمة الباري عزّ وجل، أن يجعل أول فتح ووراثة للمسلمين لبيت المقدس، يأتي عن طرق معجزة ربّانية بيّنة وجليّة بجلاء أحقية المؤمنين المسلمين بهذا المكان المقدس الطاهر! وشاء سبحانه أن يفتتح هذه الوراثة الأبدية نبي المسلمين محمد –عليه الصلاة والسلام- لتكون القدس منارة لأصحابه والمؤمنين به من بعده.
وبعد سنوات عصيبة مرَّت على النبي والمؤمنين من كفر وتكذيب وأذيّة، تركزت في عام الحزن، بوفاة آخر الحصون خديجة رضي الله عنها، وأبوطالب، أذِن الله لنبيّه الكريم أن ينتقل من ضيق الدنيا وكدرها إلى سعة السماوات وأنسها، في ليلة الإسراء والمعراج العظيمة.
ومن على ثرى القدس الطاهرة، ومن على أقدس بقاعها (المسجد الأقصى)، دارت أعظم عملية وراثة وتسليم للراية من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، إلى النبي محمد رسول الاسلام والدين الخالد، لترتبط وراثة المسلمين للمدينة المقدسة، بوراثة الإسلام وأتباع محمد عليه السلام لراية التوحيد حتى قيام الساعة، ويبقى هذا الارتباط الإسلامي بالقدس وثيقاً أبدياً لا يزول إلا بزوال الدين- حاشى أن يزول - !