الكفاية في التعليم
الهدف العام: إدراك وتمييز الاستعمال المدرسي للكفاية عن استعمالات أخرى
· يعود الاستعمال المدرسي للكفاية إلى عدة خاصيات مختلفة للكفاية عن تلك الموجودة في عالم الشغل والمقاولة. فمادامت المدرسة وسطا لتعلم
الحياة الاجتماعية عوض ممارستها
فعليا فإننا لا نهتم إلا بشكل أقل بالاعتقاد بأن الفرد ونتيجة لأسباب
مجهولة يكون صاحب كفاية، بل سيكون الاهتمام منصبا على الطريقة التي تجعله
صاحب كفاية: كيف؟ (ص13).
ستظل
الآثار المرتبطة بأصلها المقاولاتي حاضرة مثل القدرة على التكيف. غير أننا
نجد وحدة في تعريف الكفاية في الأدبيات البيداغوجية من قبيل مايلي:
1- الكفاية هي استعداد لتنفيذ مجموعة من المعارف والمهارات المنظمة والمواقف التي تسمح بإتمام مجموعة من المهام.
2- هي المعرفة بالفعل المعقد المؤسس على التحريك والاستعمال الناجع لمجموعة من الموارد.
3- هي المعرفة بإتمام مهمة.
4-
يلاحظ أن التعاريف المقدمة أعلاه تركز على الحركة. ولذلك ورود الفعل الذي
يفيد (الحركة، التصرف، السلوك) والتتميم ( التتميم، تكميل، إنهاء) وهما معا
يفيدان الحركة اليدوية أو الفكرية. ثم إن الحركة تكون نافعة ووظيفية، أي
لها هدف معين. من هنا كان الحديث عن المهمة والنجاعة بالنظر إلى النتائج
المرتقبة والغاية المرجوة؛ لهذا فإن الكفاية ليست سلوكية بالمعنى السلوكي
كما هو الحال عند بافلوف(ص14-15). ولا علاقة لها كذلك بالسيرورات السايكولوجية أو الفزيولوجية(ص15).
والواجب الانتباه إليه أن لفظ المهمة لا يعني تنفيذ أمر يأمر به صاحب سلطة
ما ، ينبغي أن يؤخذ في معنى نشاط هادف. كما تحيل المهمة على نشاط جزئي مثل
القيام بجدول للضرب.
Bernard Rey, Vincent Carrette, Anne Defrance, Sabine Khan Préface de Ph.Meirieu
Les compétences a l'école, Apprentissage et évaluation. Ed.deboek2003.Bruxelles
لماذا اللجوء إلى الكفايات في التعليم؟
· هناك
عدة أسباب تلعب لصالح التكوين الممركز على تنمية الكفايات وليس فقط على
اكتساب المعارف. فالمرور من البرامج بالأهداف إلى الكفايات يمكن أن يرتبط
بمايلي:
أولا:
الرؤية النقدية لنتائج التمدرس: يلاحظ أن المكتسبات المدرسية لم تعد لها
إلا نفعية أقل مادامت ليست هدفا لإعادة الاستثمار أو التحويل (النقل)
(تارديف1999).نسجل
أن هناك ثغرات مهمة ليست فقط في الكفايات والقدرات، وبخاصة في كيفية
استعمالها، ولكن كذلك في المهارات الثقافية المعنية بالتكيف مع التطور
المستمر للمعارف وتحولات العمل نفسه.
لقد
أدت هذه الرؤية النقدية إلى إعادة التفكير في التكوين المدرسي المتبع.
ففكرة الكفاية تهم التحسيس منذ المدرسة بتطوير المهارات المركبة التي تبدو
أساسية لتكيف لاحق للفرد. والتكيف هنا في معنى متنامي في محيط متبدل ومتغير
الذي يفترض تطوير أدوات فكرية مرنة مناسبة والتحولات، وقادرة على تخويل
الفرد معارف جديدة. وهكذا فإن إيلاء الأهمية للكفايات يعني التمركز على
تكوين الفكر والمباشرة المختلفة لعلاقة الفرد بالمعرفة.
ثانيا:
حسب رؤية التدريس بالأهداف كان ينظر إلى البرامج على شكل سلسلة تامة
وشاملة بتراتبية الأهداف وبأهداف صغرى موحدة ونوعية سهلة التقويم. وقد كانت
هذه المقاربة أصل كثير من الاشتقاقات منها كثرة الأهداف أو تكاثرها و
تجزيئ المعارف وإضفاء الصبغة الذرية على الكفايات والتركيز على الأهداف
القصيرة المدى، والتركيز كذلك على المهارات الثانوية التي تضر بالكفايات
الأكثر تعقيدا، والتركيز على التقويم عوض التعلم.
لقد
قاد كل ذلك إلى إعادة التفكير في طريقة صياغة البرامج. لهذا فإن استهداف
الكفايات المدمجة وليس فقط المعارف المفككة و المقسمة هو الذي دفع إلى
إعادة النظر في بنية البرامج الموجودة والطريقة التي ستوضع بها مرامي
التكوين المتبعة انطلاقا من البرامج.
ثالثا:
تأثير التكوين المهني على التكوين العام: يتعلق الأمر بعلاقة أكثر
براجماتية بالمعرفة لأن المعارف المكتسبة في المدرسة وجب أن تكون قابلة
للاستعمال والتحويل أو النقل. كما يجب أن تتوفر على معنى لرؤية المشاكل
التي يواجهها الفرد في الحياة اليومية والمساهمة بذلك في اندماجه الاجتماعي
والمهني.
إن
هذا التأثير الذي مارسه التكوين المهني على التكوين العام لا يقود مع ذلك
إلى رؤية نفعية، ولكنه يعني أننا لا يجب أن نكتفي بملء رأس التلميذ
بالمعارف التخصصية (المواد) المتنوعة " في حالة ما إذا كانت" هذه المعارف
نافعة في يوم ما. ينبغي الاستفاضة في نفعيتها في لحظة تحصيلها لأن معرفة لا
تستعمل وغير قابلة للتحديد الوظيفي تفضي إلى ما يسمى "بالمعارف الجامدة"،
أي المعارف التي لا تقبل التحريك وإعادة الاستثمار بشكل دائم. وفي هذا
المعنى تطلب مهمة التأهيل في المدرسة.
Marie-Françoise Legendre, Rencontre avec les responsables des programmes d'études et de l'évaluation du MEQ, Avril 2000.
المدرسة والحياة اليومية
· إذا
كانت المدرسة مورطة في تحديد الكفايات المطلوبة بوضوح في وضعيات الحياة
سنكون أمام سؤال صعب هو: إلى أي فاعل اجتماعي تحيل المدرسة؟ لا نكون في
المدرسة التلاميذ ليصبحوا وزراء أولين ولا للحصول على جائزة نوبل في الطب
أو أبطال في كرة المضرب لأن من يحصلون على مثل ذلك هم أقلية نادرة ولهم
ظروف لبناء كفايات مناسبة عبر تكوينات نوعية أو من خلال تجاربهم. إن ما
يهمنا أكثر هنا هم رجال ونساء الشارع والوضعيات التي عليهم التصرف فيها في
أسرهم ومع أطفالهم وفي العمل وخلال وقت الفراغ وأمام الإدارة و التأمينات
والأبناك والتكنولوجيا والأنترنت (...) فبفضل قائمة للكفايات يستطيع فرد
"عاد" الإقرار بأنه في حاجة إلى كفايات لا ليصير كائنا خارج المألوف، بل
ليصير كائنا يستطيع العيش في شروط عادية للمرأة والرجل الحديثين.
Philippe Perrenoud, Vie Pédagogique, Septembre-Octobre1999.Revue sur net
تحويل المعارف المدرسية
· يرى
فليب بيرنو أن النجاح في المدرسة ليس غاية في ذاته لأن ما يهم هو أن
يستطيع التلميذ حشد مكتسباته خارج المدرسة في وضعيات معقدة ومفاجئة؛ لذلك
بدا الاهتمام بإعادة استثمار المكتسبات المدرسية للاستجابة لهم نجاعة
التعليم والملاءمة الواسعة للتعلمات المدرسية في وضعيات العمل وخارج العمل.
ويتمثل هذا الاهتمام الحالي فيما يطلق عليه إشكالية تحويل المعارف أو بناء
الكفايات. وذلك ما يعني في نظر بيرنو النفعية والتحكم والتحويل والإدماج
وكفايات رد الفعل والقرار في الوضعية التي تتطلب ذلك.
Philippe Perrenoud, Des savoir aux compétences:de quoi parle-t-on en parlant de compétences?
تعبئة المعارف في وضعيات
· يخرج
الشباب في أحسن الأحوال من المدرسة "عالمين" لا أصحاب كفايات بالضرورة.
وبتعبير آخر لم يتعلموا كيف يعبئوا معارفهم خارج وضعيات الامتحان. فما
يعرفونه ليس ضروريا بالنسبة إليهم خارج المدرسة إلا إذا تمكنوا من تحديد
وتنشيط وتنظيم معارفهم واستطاعوا إبداع حلول أصيلة حينما تتطلب وضعية معينة
الوصول إلى ما وراء المعارف المعروفة لديهم.وقد عرفنا الآن أن حشد هذه
المعارف لا يتأتى تلقائيا وإنما بالتدريب الدائم كرهان للتكوين والتكوين
المهني. وذلك هو الحدث الجديد الذي نهتم به منذ التمدرس الأساسي.
Philippe Perrenoud, Vie Pédagogique, Septembre-Octobre1999revue sur net.
استخلاصات
أولا: المدرسة وسط لتعلم الحياة الاجتماعية
ثانيا: الرؤية
النقدية لنتائج التمدرس: يلاحظ أن المكتسبات المدرسية لم تعد لها إلا
نفعية أقل مادامت ليست هدفا لإعادة الاستثمار أو التحويل (النقل).
ثالثا: التركيز على التكيف في محيط متبدل ومتغير يفترض تطوير أدوات فكرية مرنة مناسبة والتحولات الجارية
رابعا: تجاوز
بيداغوجيا الأهداف التي تقوم على كثير من الاشتقاقات منها كثرة الأهداف أو
تكاثرها و تجزيئ المعارف وإضفاء الصبغة الذرية على الكفايات والتركيز على
الأهداف القصيرة المدى، والتركيز كذلك على المهارات الثانوية التي تضر
بالكفايات الأكثر تعقيدا
خامسا: الرؤية البراجماتية للمعرفة لأن المعارف المكتسبة في المدرسة وجب أن تكون قابلة للاستعمال والتحويل أو النقل
سادسا: ربط المدرسة بالمعيش اليومي (وضعيات الحياة اليومية)
سابعا: نجاعة التعليم والملاءمة الواسعة للتعلمات المدرسية مع وضعيات العمل وخارج العمل: إشكالية تحويل المعارف أو بناء الكفايات
ثامنا: تعبئة المعارف (من قبل التلاميذ) خارج وضعيات الامتحان