مدخل: يتميز الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل، و هو ما جعله كائنا ثقافيابامتياز. و تتجلى ثقافته في العديد من المظاهر و التجليات، و من أبرزهااللغة و المؤسسات و انماط العيش و التبادل. فبأي معنى يمكن اعتبار الإنسانكائنا لغويا ؟ و ما الذي يميز اللغة الإنسانية عن اللغة الحيوانية ؟ ما هيالمؤسسة؟ و كيف ظهرت؟ و بأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهرالثقافة لدى الإنسان؟
- نص ستراوس c.l.strauss ص 84.
فهم النص : تتميز اللغة الإنسانية حسب أندري مارتيني بخاصية رئيسية هي التمفصلالمزدوج. و هو ما يعني أن اللغة الإنسانية تتكون من فونيمات phonèmes ؛ و هي أبسط و حدات غير دالة في اللغة، و تسمى بالوحدات الصوتية.
المونيمات monèmes : وهي أبسط و حدات دالة في اللغة، و هي بمثابة الكلمات في اللغة العربية.
- يرفضصاحب النص فكرة تعريف الإنسان بأنه صانع كعلامة مميزة للثقافة، لأننا نجدالحيوانات أيضا تقوم بمحاولات لصنع الأدوات. كما أن افتراض وجود كائنات فيكوكب ما تصنع أدوات لا يسمح لنا بالقول بأنها كائنات ثقافية.
- مايشير إلى اللغة كظاهرة ثقافية في النص هو أنها جزء من الثقافة، لأننانتعلم ثقافة المجتمع و عاداته من خلال تعلم اللغة. كما تعتبر اللغةالوسيلة الأساسية للتواصل و تبادل الأفكار و نقلها من جيل إلى آخر.
- يمكن النظر إلى المظاهر الثقافية كسنن؛ ذلك أن الثقافة ظاهرة رمزية لها قوانينها الخاصة يمكن فهمها من خلالها.
← رفض صاحب النص معيار صنع الأدوات باعتباره علامة مميزة للثقافة، لأن الحيوانات هي الأخرى تصنع الأدوات.
و قد اعتبر ستراوس بأن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز، و هي العلامة المميزة للثقافة عن الطبيعة.
و ما يجعل الإنسان منتميا إلى عالم الثقافة هي قدرته على التواصل اللغوي مع أفراد جماعته البشرية.
الإطار المفاهيمي:
- الثقافة هي مجموع الأنشطة الفكرية التي ينتجها الإنسان في مجتمع معين ( فن – تقنية – لغة - مؤسسات – عادات .. )
- الإنسان الصانع : هو الكائن الذي يصنع الأدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية إلى منتوجات صناعية و ثقافية قابلة للاستعمال.
- تعتبراللغة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى الإنسان؛ فهي منظومة رمزية تحمل الأفكارو المعارف التي ينتجها الإنسان و تنقلها من جيل لآخر.
- تعتبراللغة الأداة الأساسية التي نتمثل من خلالها ثقافة الجماعة، و من أهمالوسائل لمعرفة هذه الثقافة هي : التواصل عن طريق الكلمات .
الإطار الحجاجي:
- لقدفنذ كلود ليفي ستراوس فكرة أساسية قال بها كثير من علماء الأنثربولوجيا، ومفادها أن صنع الأدوات هو ما يميز الثقافة عند الإنسان، و هي الخط الفاصلبين الطبيعة و الثقافة، لذلك تم تعريف الإنسان بأنه حيوان صانع. و يتجلى أسلوب الدحض من خلال المؤشرات اللغوية التالية:
- إنني لست متفقا مع هذا الرأي...
- لا في صنع الأدوات...
- إننا لن نكون على يقين من...
- فنحن لا نعتقد...
كما استخدم صاحب النص أساليب حجاجية أخرى:
- أسلوب العرض : و تدل عليه المؤشرات اللغوية التالية:
- ... و إنما في اللغة المنطوقة....
- يبدو لي أن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز
- إن اللغة هي الأداة الأساسية ...
أسلوب المثال: مثال كائنات في كوكب مجهول تصنع أدوات.
- مثال: كائنات تمتلك لغة قابلة للترجمة إلى لغتنا
- الطفل الذي يتعلم الثقافة من خلال اللغة.
أسلوب الجرد و الإحصاء:
- و تدل عليه المؤشرات التالية:
- أولا لأن اللغة...
- و ثانيا لأن...
- و أخيرا...
II
- المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة :
- نص مالينو فسكي « malinovski »
فهم النص: 1- يعتبر الإنسان كائنا ثقافيا. و المؤسسات هي مظهر من مظاهر الثقافة لديه، و التي من خلالها يحقق حاجياته بشكل منظم و هادف.
2-تقوم كل مؤسسة يبتكرها الإنسان على تلبية حاجات إنسانية إما بيولوجية أوثقافية. و يتم عملها من خلال ميثاق أو مذهب ترتكز عليه المؤسسة، و تصوغ منخلاله قوانينا تنظم العمل داخلها.
3- يربط النص بين المؤسسة والحاجات؛ لأن المؤسسة تلبي بشكل غير مباشر رغبات الأفراد و تتحكم فيها، وذلك من خلال إخضاعها إلى ميثاق و قوانين منظمة تسمح بتلبية الحاجاتالبيولوجية بشكل ثقافي
و مؤسساتي .
4-كل مؤسسة تخضع لميثاق و قوانين. و لكنها أيضا تتوفر على جهاز مادي تشتغلمن خلاله و تمارس وظائفها. و المقصود بالجهاز المادي للمؤسسة هو البنيةالتحتية و الأجهزة المادية، و الوسائل و الرأسمال المادي و غير ذلك.فبالنسبة للأسرة يتمثل الجهاز المادي مثلا في البيت و الحقل و الأرض، وبالنسبة لمؤسسة الدولة نذكر الوحدة الترابية و القوة العسكرية و الرأسمالالمالي.
الإطار المفاهيمي:
- المؤسسة : هي نظام اجتماعي يخضع لميثاق و قوانين منظمة، الهدف منها هو تلبية حاجيات إنسانية انطلاقا من وسائل و أجهزة مادية.
- الحاجة : هي الضرورة البيولوجية التي تتوقف عليها حياة الإنسان و الحيوان.
- الميثاق: هو مجموعة من القوانين و القواعد التي تتحكم في سلوك الأفراد داخل مؤسسة من المؤسسات.
-الأسرة: هي مؤسسة اجتماعية تتم من خلال ميثاق يجمع بين أبو أم، و تهدف إلى تربية الأطفال و تعليمهم مجموعة من المبادئ و العادات والتقاليد التربوية.
- العلاقةالتي تجمع بين الميثاق و الحاجة، هو أن الميثاق يضع المعايير و القوانين والمبادئ التي تنظم سلوك الأفراد و تؤطر حاجياتهم.
- لكلمؤسسة نظام تراتبي. هكذا فلفظ <الشخصي> يدل على الطريقة التي يتموضعمن خلالها كل فرد من أفراد الجماعة، كما يدل على الطريقة التي تتوزع بهاالسلطة و الأدوار و المهام بين الأفراد.
- كلمؤسسة تخضع لميثاق ينظم العمل داخلها، كما يحدد قوانين الشغل و العلاقاتبين العمال و رب العمل. لكن هذا الميثاق لا يتكفل بحل المشكلات النفسيةالناتجة عن العمل لأنها تخرج عن اختصاصه، كما أنها مشكلات يصعب ضبطها والتحكم فيها، فضلا عن أنها تختلف من فرد لآخر.
الإطار الحجاجي: اعتمد صاحب النص على مجموعة من الآليات و الأساليب الحجاجية للدفاع عنأطروحته و توضيح معنى المؤسسة و عملها، و تمثلت هذه الأساليب أساسا فيالتفسير و الشرح و إعطاء الأمثلة كالأسرة والمصنع.
خلاصة:إن الإنسان كائن ثقافي منتج للثقافة و نتاج لها في نفس الوقت. و تتجلىثقافته في عدة مظاهر من أهمها اللغة و المؤسسات. هكذا يعتبر الإنسان كائنالغويا يبتكر منظومة لغوية رمزية تتميز بالتمفصل، و بارتباطها بالوعي والعقل لدى الإنسان، و هو ما يجعلها لغة إبداعية و متطورة عكس اللغةالحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية و غريزية. كما تتجلى ثقافةالإنسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خلالها حاجاته عبر ميثاق وقوانين.