تعريف مدينة الرباط المغربيةثاني أكبر مدينة في المغرب بعد الدار البيضاء، تقع على ساحل المحيط الأطلسي
في سهل منبسط فسيح، وعند مصب نهر بورقراق الذي يفصل المدينة عن « سلا»
المدينة القديمة حتى أنهما أصبحتا تشكلان مدينة واحدة.وقد شيدت احدى
القبائل البربرية المسلمة حصناً أطلقت عليه اسم الرباط" ومن هنا حملت
العاصمة الادارية والسياسية للمغرب اسم الرباط منذ عام1912 .
يرجع
تاريخ مدينة الرباط إلى فترات تاريخية مختلفة، إلا أن التأسيس الأولي
للمدينة يعود إلى عهد المرابطين الذين أنشأوا رباطا محصنا ، ذلك أن هاجس
الأمن كان أقوى العوامل التي كانت وراء هذا الإختيار ليكون نقطة لتجمع
المجاهدين، ورد الهجومات البورغواطية.
خلال العهد الموحدي عرفت المدينة
إشعاعا تاريخيا وحضاريا، حيث تم تحويل الرباط (الحصن) على عهد عبد المومن
الموحدي إلى قصبة محصنة لحماية جيوشه التي كانت تنطلق في حملات جهادية صوب
الأندلس.
وفي عهد حفيده يعقوب المنصور، أراد أن يجعل من رباط الفتح
عاصمة لدولته، وهكذا أمر بتحصينها بأسوار متينة. وشيد بها عدة بنايات من
أشهرها مسجد حسان بصومعته الشامخة. وفي القرن الرابع عشر بدأت الرباط تعرف
اضمحلالا بسبب المحاولات المتتالية
للمرنيين للاستيلاء عليها. وإنشاؤهم لمقبرة ملكية بموقع شالة لخير دليل على ذلك.
وفي
عهد السعديين 1609 سمح للمسلمين القادمين من الأندلس بالإقامة بالمدينة،
فقاموا بتحصينها بأسوار منيعة والتي ما زالت تعرف بالسور الأندلسي. وفي هذا
العهد تم توحيد العدوتين (مدينة الرباط وسلا) تحت حكم دويلة أبي رقراق،
التي أنشأها الموريسكيون. ومنذ ذلك الحين اشتهر مجاهدوا القصبة بنشاطهم
البحري، وعرفوا عند الأوربيين باسم "قراصنة سلا" وقد استمروا في جهادهم ضد
البواخر الأوربية إلى غاية سنة 1829.
يعد واحدا من بين المباني
التاريخية المتميزة بمدينة الرباط التي تقع عليها عين الزائر، شيد من طرف
السلطان يعقوب المنصور الموحدي، كان يعتبر من أكبر المساجد في عهده. لكن
هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب
الزلزال الذي ضربه سنة 1755م. وتشهد آثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية
للمسجد، حيث يصل طوله 180 مترا وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد
إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتبية بمراكش ، والخيرالدا بإشبيلية على
وجود المسجد وضخامته. هي مربعة الشكل تقف شامخة حيث يصل علوها 44 مترا،
ولها مطلع داخلي ملتو، يؤدي إلى أعلى الصومعة ويمر على ست غرف تشكل طبقات.
وقد زينت واجهاتها الأربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر المنحوت وذلك على
النمط الأندلسي المغربي من القرن الثاني عشر.
شالة
بقيت شالة
مهجورة منذ القرن الخامس حتى القرن العاشر الميلادي حيث تحول الموقع إلى
رباط يتجمع فيه المجاهدون لمواجهة قبيلة برغواطة. لكن هذه المرحلة
التاريخية تبقى غامضة إلى أن اتخذ السلطان المريني أبو يوسف يعقوب سنة
1284م من الموقع مقبرة لدفن ملوك وأعيان بني مرين حيث شيد النواة الأولى
لمجمع ضم مسجدا ودارا للوضوء وقبة دفنت بها زوجته أم العز.
حضيت
شالة على عهد السلطان أبي الحسن باهتمام بالغ. أما ابنه السلطان أبو عنان
فقد أتم المشروع، فبنى المدرسة شمال المسجد والحمام والنزالة وزين أضرحة
أجداده بقبب مزخرفة تعتبر نموذجا حيا للفن المعماري المتميز لدولة بني
مرين. تراجعت شالة مباشرة بعد قرار المرينيين بإعادة فتح مقبرة القلة بفاس،
فأهملت بناياتها، بل وتعرضت في بداية القرن الخامس عشر الميلادي للنهب
والتدمير لتحتفظ بقدسيتها العريقة وتعيش بفضل ذكريات تاريخها القديم على
هامش مدينة رباط الفتح ، وتصبح تدريجيا مقبرة ومحجا لساكنة المنطقة، بل
معلمة تاريخية متميزة تجتذب الأنظار.
في القرن الرابع عشر الميلادي
(1339) أحيط الموقع بسور خماسي الأضلاع مدعم بعشرين برجا مربعا وثلاث
بوابات أكبرها وأجملها زخرفة وعمارة الباب الرئيسي للموقع المقابل للسور
الموحدي لرباط الفتح. أما داخل الموقع فقد تم تشييد أربع مجموعات معمارية
مستقلة ومتكاملة تجسد كلها عظمة ومكانة مقبرة شالة على العهد المريني.
ففي
الزاوية الغربية للموقع ترتفع بقايا النزالة التي كانت تأوي الحجاج
والزوار. وفي الجزء السفلي تنتصب بقايا المقبرة المرينية المعروفة بالخلوة،
والتي تضم مسجدا ومجموعة من القبب أهمها قبة السلطان أبي الحسن وزوجته شمس
الضحى، والمدرسة التي تبقى منارتها المكسوة بزخرفة هندسية متشابكة
ومتكاملة وزليجها المتقن الصنع نموذجا أصيلا للعمارة المغربية في القرن
الرابع العاشر.
في الجهة الجنوبية الشرقية للموقع يوجد الحمام
المتميزبقببه النصف دائرية، التي تحتضن أربع قاعات متوازية: الأولى لخلع
الملابس والثانية باردة والثالثة دافئة و الرابعة اكثر سخونة.
أما
حوض النون، فيقع في الجهة الجنوبية الغربية للخلوة وقد كان في الأصل قاعة
للوضوء لمسجد أبي يوسف، وقد نسجت حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطير جعلت
منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها.
السور الموحدي:
شيد هذا السور من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، حيث يبلغ طوله 2263م،
وهو يمتد من الغرب حتى جنوب مدينة الرباط، ويبلغ عرضه 2.5م وعلوه 10 أمتار
وهذا السور مدعم ب 74 برجا، كما تتخلله 5 أبواب ضخمة (باب لعلو، باب الحد،
باب الرواح، وباب زعير).
السور الأندلسي: شيد على عهد السعديين من
طرف المورسكيين، يقع على بعد21م تقريبا جنوب باب الحد، ليمتد شرقا إلى برج
سيدي مخلوف، وهو يمتد على طول 2400م. وقد تم هدم جزء من هذا السور 110م بما
فيه باب التبن، والذي يعتبر الباب الثالث لهذا السور مع باب لبويبة وباب
شالة. وهو على غرار السور الموحدي مدعم بعدة أبراج مستطيلة الشكل تقريبا،
ويبلغ عددها 26 برجا، وتبلغ المسافة بين كل برج 35 مترا
قصبة الوداية
كانت
الأوداية في الأصل قلعة محصنة، تم تشييدها من طرف المرابطين لمحاربة قبائل
برغواطية، ازدادت أهميتها في عهد الموحدين، الذين جعلوا منها رباطا على
مصب وادي أبي رقراق، وأطلقوا عليها إسم المهدية. بعد الموحدين أصبحت مهملة
إلى أن استوطنها الموريسكيون الذين جاءوا من الأندلس، فأعادوا إليها الحياة
بتدعيمها بأسوار محصنة.
وفي عهد العلويين عرفت قصبة الأوداية عدة
تغييرات وإصلاحات ما بين ســــــــنة (1757-1789)، وكذلك ما بين سنة (1790 و
1792). وقد عرف هذا الموقع تاريخا متنوعا ومتميزا، يتجلى خصوصا في المباني
التي تتكون منها قصبة الأوداية. فسورها الموحدي وبابها الأثري (الباب
الكبير) يعتبران من رموز الفن المعماري الموحدي. بالإضافة إلى مسجدها
المعروف بالجامع العتيق، أما المنشآت العلوية فتتجلى في الأسوار الرشيدية،
والقصر الأميري الذي يقع غربا وكذلك منشئتها العسكرية برج صقالة.
الثقافة
وتعتبر
الرباط عاصمة ثقافية، وهي أيضا مدينة المتاحف، فمتحف الأوداية المقام في
مبنى يعود للقرن السابع عشر وتم ترميمه حاليا، يعرض قطعا فنية مختلفة من
الخزف والحلي والمجوهرات والملابس التقليدية والمطرزات والسجاد
والاسطرلابات وبعض المخطوطات من عصر الموحدين، أما على شاطئ النهر فيقع
متحف الفنون الشعبية مقابل مجمع الصناعات التقليدية، حيث يمكن تأمل
الحرفيين أثناء عملهم، ويقع متحف الآثار القديمة في المدينة الحديثة، ويعرض
للزائر نماذج من القطع التي تعود إلى ما قبل التأريخ، وأخرى من العصر
الإسلامي الوسيط
مشهد ساحلي من مدينة الرباط
تملأ
المكان وتضفي عليه مسحة من جمال أخّاذ أصوات النوارس البيضاء بمناظرها
البديعة، وهي تطير غير بعيد من الماء، أو تحط فيه، أو تتلاعب على أطرافه في
اليابسة... هكذا الحال عند مصب وادي أبي رقراق، حيث يرتمي النهر القادم من
مسافات بعيدة، في أحضان المحيط الأطلسي ويذوب في مياهه.
إنك تقف
الآن في المكان الفاصل الواصل بين البر والبحر، والفاصل الواصل بين مدينة
الرباط، عاصمة المملكة المغربية، ومدينة سلا المجاورة لها المعروفة
بأسوارها، التي قامت أصلا لحمياتها من غزوات كانت تأتي بلا توقف، على
امتداد القرون المتطاولة، عبر المحيط.
فبقدر ما يفصل نهر أبو رقراق
الرباط عن سلا، بقدر ما يربط بينهما، عبر مياهه، أو عبر الجسور والقناطر،
التي تعبرها يوميا الآلاف من العربات والسيارات والحافلات والقاطرات، تنقل
المسافرين بين شمال المغرب وجنوبه. ويصل أبو رقراق كذلك بين اليابسة وشواطئ
المحيط الأطلسي، فهو نهر بحري، ينتهي مصبه عند حدود المدينتين المتجاورتين
والمتكاملتين منذ سنين بعيدة، حيث المحيط الأطلسي يتاخمهما، لكنه في
منطلقه يمتد لأزيد من 250 كلم، حيث يتضايف مع مجموعة من وديان أخرى، مثل
وادي "عكراش" ووادي "كرو"، وغيرهما.
المراكب من أقدم وسائل النقل على نهر أبي رقراق الفاصل بين مديني الرباط وسلا
زوارق نقل ونزهة
ولأجل
ذلك فإن جريانه دائم لا يتوقف. ولو توقف لأي سبب كان لتوقفت الحياة
اليومية لتلك الزوارق الصغيرة، التي تنقل كل حين العابرين من وإلى الرباط
أو سلا. إنه شكل بسيط من أشكال طلب الرزق العديدة والبسيطة، التي تنتعش على
هامش جريان المياه في نهر أبي رقراق. ومن هذه الأشكال قارب صغير يحتمل من 8
إلى 10 ركاب، كل راكب يدفع درهما واحدا، أي ما يقارب 0.1 دولارا، ليعبر
ويصل إلى اليابسة في هذا الاتجاه أو ذاك، في رحلة لا تتجاوز في الأقصى سبع
أو ثماني دقائق، يجدف خلالها صاحب الزورق بكل جهده، ويجتهد أن لا يصطدم
ببعض الزوارق الأخرى العابرة أو الراسية.
ولأجل تأمين الطريق،
وتنظيم حركة المرور النهري، عمد أصحاب الزوارق إلى فصل محطة الذهاب عن محطة
الإياب، بحيث صارت المعابر والممرات تتسع أكثر فأكثر لعدد أوفر من
الزوارق. ولما كانت حركة "المسافرين" أو العابرين قوية وكثيفة، وهي ليست
دائما بدافع التنقل والحاجة، بل في الغالب بدافع الفضول والتنزه والاكتشاف،
يشجعهم الثمن البخس من ناحية، والرحلة القصيرة، التي يتوفر فيها الأمان،
لصغر المسافة المقطوعة، وكل ذلك يجعل أعداد الناس تتزايد.