السيرة الغيريّة:
هي أن يكتب المؤلف تاريخ شخصية أخرى، وهو في هذه الحالة يتمثل تلك الشخصية في البيئة والزمان، اللذين عاش فيهما، معتمدًا على الذاكرة أو المشاهدة، ملتزمًا الحياد فيما يكتب. والسيرة الغيرية يستعين فيها الكاتب بكل ما لديه من وثائق حتى يصل إلى داخل النفس التي يكتب عنها ويظهرها.
وليس هناك أي فرق لغوي بين كلمة السيرة والترجمة.
محاذير أمام كاتب السيرة الغيرية :
1-لا يجوز له أن يسبق الزمن فيقول عند حديثه عن شاعر مثلًا " ولد الشاعر الكبير..." لأنه لم يكن شاعرًا ولم يكن كبيرًا يوم ولد.
2-ألاّ يستخدم الأعمال الأدبية للشاعر أو الأديب في الدلالة على شخصيته، لأن عبارة "حياة الشاعر فلان من خلال شعره " عبارة مضللة. صحيح أن القصيدة تحوي التعبير عن نفس الشاعر،وأن القصة يكون جانب منها جزءًا من شخصية كاتبها، وأن كاتب المسرحية قد يوزع بعض خصائصه وصفاته الشخصية على عدد من شخصيات المسرحية، إلا أن الشعر يصور حالة وجدانية في لحظات معدودات من حياة الشاعر الطويلة، ووجود عناصر من حياة الكاتب في روايته لا يصح أن تنتزع من إطارها وتدرج في سيرته. إن ما يصرح به الشاعر أو الأديب ربما لم يقع حقيقة، وإنما هو حلم وأمنية تمناها. ولكن قد يستفيد كاتب السيرة من كل ذلك في تعزيز الشواهد من مذكرات وروايات وغيرها.
3-يجب على كاتب السيرة ألاّ يقيم السيرة على إحدى المشكلات أو المعضلات، ويبتعد عن روح الخطابة والوعظ ، فإن خير السير ما أوحى بالدرس الأخلاقي ولم ينص عليه.
4- عليه أن يبعث الحيوية والحركة في الشخصيات الثانوية في السيرة، والسير بهم في مراحل الحياة مع سير البطل نفسه، ولا يجوز الاستخفاف بهم. كما لا يجوز جعل أدوارهم في السيرة طاغية تتجاوز ما قدر لهم في واقع الحياة.
الفرق بين كاتب السيرة الذاتية وكاتب السيرة الغيرية:
أنّ الأول يعتمد على ما عاشه ومارسه وما مر به من تجارب وأحداث، ويكتب عن إحساسه الشخصي، فهو الذي يفهم ذلك الإحساس، وهو صاحب الكلمة الأخيرة في موضوعه، فلا يستطيع أحد أن يضيف لمادته شيئًا جديدًا.
وهو يستعين بما في داخل نفسه، حتى يجعل من مادته شيئًا ظاهرًا مفهومًا.
أمَّا الثاني فهو يعتمد على الوثائق والمعلومات التي جمعها، ويكتب عن الحقائق دون الأحاسيس والمشاعر، ويكتب بفهمه. وهو كاتب بين كتاب كثيرين يمكن أن يضيفوا شيئًا جديدًا إلى ما كتبه.
وهو يستعين بما لديه من مادة حتى يصل إلى داخل نفس صاحب السيرة ويظهرها.