مهم جداً للمعرفة -عشرة أسباب تجعل الزواج المدني محرماً في الاسلام لفضيلة الشيخ القاضي محمد كنعان رحمه الله
الشيخ
محمد كنعان رحمه الله رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا في لبنان
سابقاً كان خط الدفاع الأمامي حول خطورة هذا الموضوع.... فالزواج هو آخر
قلاعنا الاسلامية في لبنان ولن نرضى لأحد بان يأخذ هذه القلعة منا.... نسأل
الله أن يجمع صفوفنا ويوحد كلمتنا... تضمّن هذا المشروع أحكاما تتعلّق
بالخطبة والزواج, والطلاق والهجر, والحضانة والنفقة والبنوّة الشرعيّة
والبنوّة غير الشرعية, والتبني ونفي الأبوّة , والاقراربالنسب , والولاية
والوصاية, والمفقود والارث والوصيّة, وتحرير التركات. ويُلاحظ أن المشروع
خلا عن أحكام, هدايا الخطبة, والعلامة , والمهر, والجهاز, ومشاهدة الأولاد,
والوقف, كما أنّه لم يبيّن من يدير أموال فاقدي الأهليّة من الصغار
والمحجور عليهم وكيف يتم ذلك, كما أنه لم يتّخذ موقفا مما اعتبره خرقا
للسيادة الوطنية في المادة /25/ من القرار /60ل ر/ التي ستظل سارية
المفعول, وسيظل القضاء المدني اللبناني ملزما بتطبيق قانون أحكام البلد
الأجنبي الذي جرى في ظله العقد في الخارج وكأن شيئا لم يكن. وباستعراض
أحكام هذا المشروع مقارنة بالأحكام الشرعية, نجد مخالفات خطيرة للشرع
الشريف, نستعرض أهمها وأبرزها في المسائل العشر الآتية. المسألة الأولى:
منع تعدد الزوجات شرط القانون لصحّة عق الزواج, أن لا يكون أحد طالبي
العقد مرتبطا بزواج قائم والا كان العقد باطلا ( المادة 9 والبند الأول من
المادة 21). ان هذا الشرط الرامي الى منع أن يكون للرجل المسلم أكثر من
زوجة واحدة, هو شرط مخالف لصريح القرآن الكريم والسنّة النبوية, واجماع
المسلمين ععبر العصور على مشروعية تعدد الزوجات وفق الحاجة,, ولكن هذا
الشرط موافق لما عليه العمل لدى الكنائس كلها, فهو شرط مرفوض اسلاميا,
مقبول كنسيّا. وسنذكر في المسألة الثانية, ما يترتبه هذا المشروع من نتائج
غريبة غير انسانية, بخصوص نسب الأولاد الحاصلين من زواج آخر. والغريب في
هذا الأمر, أن يفرض على المسلم الامتناع عن فعل شئ أباحه له دينه, وهو لا
يضرّ أحدا ولا يأخذ من حقّه شيئا, ولا يتم باكراه واجبار, فاذا تزوج المسلم
مثنى وثلاث ورباع, فما الذي يزعج غير المسلمين من هذا الأمر؟ وما الذي
يغيظهم؟ مع العلم أن تعدد الزوجات ليس الزاميا ولا واجبا, فباستطاعة الرجل
أن يكتفي بمرأة واحدة ,وأكثر الرجال كذلك يفعلون, فباستطاعة المرأة أن ارفض
زواج رجل متزوّج, وهذا يحدث أحيانا, ولا يحدث أحيانا فتقبل المرأة أن تكون
زوجة ثانية, فاذا كان الزوجان راضيين, فعلام هذه الضجة؟ وما هو سبب هذا
الحقد الدفين على الدين الاسلامي؟ المسألة الثانية: البنوّة غير الشرعيّة
نصّت المادّة /61/ من المشروع على ما يلي: {البنوّة غير الشرعية في نطاق
تطبيق هذا القانون هي: البنوّة الناتجة من علاقة شخصين أحدهما متزوّج وفقا
لأحكام هذا القانون}. ومعنى هذا: أن الرجل الذي تزوّج طبقا لهذا القانون,
ثم تزوّج امرأة أخرى فأنجب منها ولدا, فان هذا الولد يعتبر غير شرعي, ولا
تثبت بنوّته الا باعتراف رضائي يعلن بقرار من المحكمة المختصّة بعد مطالعة
النيابة العامّة, ويشترط لصحّة هذا الاعتراف موافقة الزوج الآخر والا لم
يصح الاعتراف (المادتان 62 و 46 منه) ويقبل الاعتراف بالولد من الزنى, سواء
كان من زنى الزوج أو الزوجة. والغريب في هذه المسألة: أن المشروع أعطى
الولد الشرعي المولود نتيجة علاقة غير شرعيّة ناتجة عن الخطف أو الاغتصاب
أو الاغراء بالطرق الاحتياليّة, حقّ طلب اثبات انتسابه الى والده لدى
القضاء, ولم يعط هذا الحق للولد المولود نتيجة زواج آخر, بل يظل هذا الولد
اذا لم يعترف به والده من دون نسب (المواد 65-68 منه). والأغرب مما تقدّم:
أن المشروع منع على الوالدين أن يتبنّيا أولادهما غير الشرعيين, فقد نصّت
المادة (80) على ما يلي: { لا يصح تبني الوالدين أولادهما غير الشرعيين}.
ومعنى هذا أن الولد الناتج عن زواج ثاني, لا يصح لوالده أن ينسبه اليه ولو
بطريق التبنّي, في حين أجاز المشروع تبنّي أولاد الآخرين كما سنبيّن في
المسألة الثالثة, وهذا قي باب الامعان في منع تعدد الزوجات, ومعاقبة
المعددين وأولادهم أيضا, معاقبة لا أقسى ولا أفظع, بحرمان الأولاد حقّهم
الشرعي في النسب. وهذا كلّه تخليط, وتخبّط عشواء في أنساب الناس وكراماتهم,
لا يجيزه الاسلام الذي يحرص كل الحرص على مراعاة حرمة النسب واثباته بأيسر
الأسباب, ولو من زواج فاسد أو وطء بشبهة. المسألة الثالثة: اباحة
التبنّي أجاز المشروع في " الفصل السادس" من الباب الثاني منه بالتبنّي,
وأعطى عقد التبنّي الناشئ بين المتبنيﱢوالمتبنى, الحقوق والواجبات العائدة
للبنوّة الشرعيّة بكل جوانبها, وأجاز أيضا الغاءه في حالات عدّدها, فتزول
بالغائه كلّ الحقوق والواجبات التي ترـبت عليه, فبعد أن كان المتبنّى أخا
لولد المتبنّي, يمتنع أن يتزوّج أحدهما الآخر , اذا كان أحدهما ذكرا والآخر
أنثى. والغريب أيضا في هذه المسألة: أنّ المشروع أجاز تبنّي أولاد والدهم
على قيد الحياة, ويتم التبنّي بموافقتهما, وهذا الترخيص سيفسح المجال
للمتاجرة بالأولد وبخاصّة أولاد الفقراء, ولا نستغرب أن تفتح مكاتب للتبنّي
على غرار مكتب الخادمات. والأغرب مما تقدّم: أن يمنع المشروع على
الوالدين, أن يتبنّيا أولادهما غير الشرعيين كما أشرنا في المسألة الثانية,
وذلك من أجل محاصرة عمليّة الزواج الثاني, وتقييد حريّة المسلم في تعدد
الزوجات. ومعلوم شرعا: أن التبنّي بجميع وجوهه محرّم وغير جائز, بصريح
القرآن الكريم والسنّة النبوية واجماع الأمّة, فلا تجوز اباحته اباحته في
حال من الأحوال. المسألة الرابعة: الغاء شرط الدين في الزواج ألغى
المشروع شرط الدين لصحّة عقد الزواج, من أجل افساح المجال لزواج المسلمة
غير المسام, لأن العكس حاصل بالفعل على نحو شرعي وقانوني, وهذا الاجراء
مخالف لأحكام الاسلام, اذ من البديهي في الشرع الاسلامي: أنّه لا يتزوّج
المسلمة الا مسلم, وغير هذا باطل مرفوض لا يُقبل. المسألة الخامسة: الغاء
مانع اختلاف الدين في الارث نصّت المادّة /110/ من المشروع على مايلي:
{تطبّق على الزوجين اللذين عقدا زواجهما وفقا لهذا القانون, أحكام الارث
والوصيّة وتحرير التركات العائدة الى نظام الأحوال الشخصيّة التابع له كل
منهما, مع مراعاة المبدأين الآتيين: 1- لا يحول اختلاف الدين دون التوارث
بين الزوجين, ودون افادة الأولاد. 2- يبقى اختصاص النظر في قضايا الارث
والوصيّة وتحرير التركات والنزاعات الناشئة عنها, للمحاكم المدنيّة دون
سواها}. ان مرادهم من هذه المادّة هو افادة المسلم من تركة غير المسلم
والعكس, وتعليقنا على المسألة هو السؤال التالي: هل يقوم المسؤولون بتوزيع
ميزانيّة الدولة على الشعب والمناطق بالعدل؟ والا فلماذا توجد منطقة
محرومة؟ وقرى وأحياء فقيرة؟ ان توزيع الميراث على الورثة, هو حكم شرعيّ
لخّص رب العالمين تعليله في قوله: آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم
نفعا, فريضة من الله, انّ الله كان عليما حكيما. المسألة السادسة: في
العدّة, أو متى تتزوّج المطلّقة نصّت المادّة /34/ من المشروع على ما
يلي: { يمتنع على المرأة أن تتزوّج قبل انقضاء ثلاثمئة يوم على ابطال
الزواج, أو انحلاله الا اذا كانت حاملا ووضعت مولودها قبل انقضاء هذه
المدّة, أو اذا رُخّص بالزواج بقرار معلّل تتخذه المحكمة المختصة في غرفة
المذاكرة}. والغريب في هذه المادّة هو: جعل العدّة أكثر من ثلاثة أضعاف
العدّة الشرعية, والأغرب هو جعلها قابلة للتقصير حسب رأي القاضي من دون
حسبان لمفاجآت الحمل والخصومة بشأنه, ولسنا ندري ما هو التعليل الذي يعلّل
به القاضي قراره بتقصير هذه المدة والسماح للزوجة المعتدّة بالزواج من رجل
آخر. مع الاشارة الى أن العدّة كانت في الجاهليّة قبل الاسلام سنة كاملة.
المسألة السابعة: منع الطلاق بالتراضي نصّت المادّة (26) من المشروع أنه
{لا يصح الطلاق بالتراضي}. أي بتراضي الزوجين واتفاقهما, فاذا جاء الزوجان
الى المحكمة, وعرضا أنهما قد اتفقا على الطلاق, فان المحكمة لا تقبل
طلبهما ولا تحكم لهما به, لأن هذا القانون أوجب أن يكون الطلاق بسبب خصومة
ولأسباب مكشوفة مفضوحة, أي: يجب على الزوجين نشر أسرارهما وفضائحهما
وخصوصيتهما أمام المحكمة ليحصلا على حكم بالطلاق, وان هما اتفقا على ستر ما
بينهما, وعلى حفظ أسرارهما وكرامتهما, وعلى أن يفترقا بالحسنى, فان طلبهما
يردّ ولا يقبل, وعلى سبيل المثال: اذا اطّلع أحد الزوجين أو علم, أن زوجه
الآخر قد زنى وتصارحا بهذا الأمر, فانهما لا يستطيعان أن يحتفظان بهذا السر
فيما بينهما ويفترقا بالحسنى لأن القانون _المنتظر_ يلزمهما بالبوح بهذه
الفضيحة وتدوينها في الحكم كسبٍ للطلاق, من دون مبالاة بردّة الفعل لدى
الأهل, وانعكاس هذا الأمر بالسوء على الزاني في حياته وسمعته ومستقبله.
فأين الحريّة والحرص على كرامات الناس وأسرار حياتهم؟ وهل يوجد قانون في
العالم لا يجيز للخصوم أن يتراضوا على انهاء النزاع؟ فاذا اتفقوا دوّن
اتفاقهم وصدّقت المحكمة عليه؟ فلماذا يرفض هذا المبدأ في مؤسسة الزواج؟
المسألة الثامنة: في أسباب انحلال الزواج أورد المشروع سببا غؤيبا عجيبا
لانحلال الزواج في المادة (24) منه, وهو : أن الزواج ينحل بتحوّل جنس أحد
الزوجين الى الآخر}. وسنناقش هذا السبب من الناحية الواقعية والعلمية, لأنه
يدلّ على سطحيّة في التفكير عند الذين وضعوا هذا السبب, الذي معناه: أنه
يمكن للزوج أن يجري عملية استئصال لجهازه التناسلي الذكري, ويزرع مكانه
جهازا أنثويا, فينهد له ثديان, ويتساقط شعر لحيته وينعم صوته وجلده, ويصبح
مهيّأ لأن يكون زوجة يحبل كسائر النساء, وأنه يمكن للزوجة أن تفعل مثل ذلك,
فيختفي ثدياها, وينبت شعر لحيتها, وتصبح رجلا زوجا. هذا ما يفهمه عقلاء
البشر من نص هذه المادة, وهو تصوّر لا مستند له ولا أصل الا في أوهام بعض
الناس الذين يأخذون معلوماتهم مما تكتبه بعض المجلات والصحف تحت عناوين
مثيرة لافتة, عن حالات نادرة يطلقون عليها, أنها تحوّل شاب الى شابّة
اوالعكس, حتى توهّم الكثيرون أن تحويل الذكر الى أنثى والأنثى الى ذكر, بات
ممكنا من غير أن يعلرفوا حقيقة الأمر, فاذا كان واضعو هذا المشروع مقتنعين
ومصدّقين بأن الرجل كامل الرجولة يمكن أن يحوّل الى امرأة تحبل وترضع, وأن
المرأة يمكن تحويلها الى رجل,فعلى العقل والعلم والفهم السلام, وأما اذا
كان مرادهم بهذا التحوّل, ما يُعرف بالفقه الاسلامي ب "الخنثى" فلا يصح
ايراد أحكام الخنثى بهذه العبارة, لأن الخنثى لا تتحوّل من جنس لى آخر,
ولكنّه مولود له حالتان: فهو اما يولد حاملا عضوي الذكورة والانوثة معا,
وهذ يتّضح حاله بالتدرّج حتى سن البلوغ حيث يغلب أحد العضوين, وهنا يمكن
للطب مساعدته على ابراز حالته الغالبة واستئصال العضو الزائد, وهذا ليس
تحوّلا من جنس الى آخر كما يحلو للبعض أن يسميّه, بل هو اتّضاح جنسه الذي
كان غير واضح عند الولادة, بوجود العضو الآخر لديه, واما أن يولد الخنثى
مبهم الجنس لا يظهر فيه أي عضو, وهو يبوّل من ثقب, ويسمّى "الخنثى
المشكّل", فهذا اذا كان جهازه التناسلي موجودا في تكوينه, أمكن للطب
مساعدته على ابراز جنسه, والا ظلّ طوال حياته مشكّلا, والخنثى في حالتيه لا
يصح زواجه أصلا الا بعد اتضّح حالته. المسألة التاسعة: اباحة الزواج بين
قرابة الرضاع لم ينص المشروع في موانع الزواج الا على قرابتس النسب
والمصاهرة, كما في المادّة "العاشرة" منه, وهذا يعني أن: قرابة الرضاع غير
معتبرة من موانع الزواج, وهذا موقف الكنائس, فيجوز للرجل بموجب هذا القانون
أن يتزوّج أمّه وابنته وأخته... من الرضاع, ويجوز للمرأة أن تتزوّج أباها
وابنها وأخاها... من الرضاع, وهذا مخالف لصريح القرآن والسنّة النبويّة.
المسألة العاشرة: تعقيدات في التطبيق في حال اقرار هذا القانون, فسيعان
القضاء الشرعي ومعه جميع المسلمين, ومن تعقيدات تخالف الشرع مخالفة صريحة,
من دون أن يكون للقضاء الشرعي صلاحيّة تطبيق الأحكام الشرعيّة بخصوصها,
ونذكر منها على سبيل المثال ما يلي: 1) اذا ارتد مسلم أو مسلمة بسبب رضوخه
لاحكام هذا القانون فتوفيّ أحد والديه مثلا, فان على المحكمة الشرعيّة حين
تصدر قرار حصر ارث المتوفّى أن تورث ذلك الرجل المرتد وتلك المرأة المرتدة
من المتوفّى, لأن مذهبهما في دوائر النفوس ما زال كمذهب المورث, وهذا أمر
لا يجوز شرعا, وستكون المحاكم الشرعية مضطرة ومجبورة بحكم القانون على
فعله, والا عرّضت حكمها للفسخ أو لعدم التنفيذ. 2) تعهد المشروع موضوع
النفقة الواجبة على الوالدين للأولاد الناتجين عن الزواج طبقا لأحكامه دون
العكس, حيث يظلّ النظر في دعاوى نفقة الوالدين على أولادهم هؤلاء من اختصاص
القضاء الشرعي, وهنا سيواجه القضاء الشرعي قضايا يكون فيها الزواج باطلا
ويكون نسب الأولاد غير ثابت شرعا بذلك الزواج, فلا يستطيع القاضي الشرعي
الا التقيّد بما في اخراج القيد وان كان مخالفا للشرع في الواقع.
وخلاصة القول: أن هذا المشروع لن ينتج انصهارا وطنيا , بل أولاد طائفيين
يُفر ضون على الطوائف فرضا, من دون أن يكون للطائفة أن تطبّق أحكامها على
ذلك الوافد الغريب. وأن هذا المشروع لن يحلّ أزمة أحد, بل سيورّط المجتمع
بسيل من الأزمات, ونحن سلفا نقول لأولئك المتلهفين الى اقرار هذا القانون:
انه سينطبق عليكم المثل القائل:" افرح تفرح,جرّب تحزن" فانتبهوا. وأن هذا
المشروع مخالف لأحكام الشريعة الاسلاميّة, فهو مرفوض جملة وتفصيلا, ولن
نقبل بأن نترك تراثنا وتاريخنا وشريعتنا, لنأخذ لمامات من قوانين الغرب, أو
من تهيؤات بعض المنظّرين أعداء الدين في لبنان. ونحن ما زلنا نأمل في أن
يعمد المسؤولون الى طيّ هذا الموضوع, والاهتمام بدلا عنه بالقضايا الملحة
والمهمة والنافعة للبلاد والعباد. والحمد لله رب العالمين وبه المستعان