كعادة مجموعة «الواينرز» قام قياديو هذا الفصيل باستعدادات مكثفة لمباراة الديربي ضد الرجاء، حيث تم إنجاز لوحة فنية أو ما يعرف في ثقافة الإيلترا ب«التيفو»، وتم فتح اكتتاب بين الوداديين في المغرب والخارج من أجل جمع مبلغ مالي لا يقل عن 40 ألف درهم رصد لإنجاز اللوحة الفنية التي تؤرخ لإنجازات وداد الأمة والتي تم تعزيزها بعبارات تشير إلى دور الوداد في مقاومة المستعمر.
الساعة الثامنة صباحا من يوم أول أمس الأحد، المكان محطة القطار الرباط المدينة، الشوارع والأزقة شبه خالية وصمت كئيب يخيم على المكان. وحده هدير القطارات التي تقترب يبدو قادرا على تكسير هذا الهدوء. «القطار القادم من القنيطرة والمتوجه الى الدار البيضاء الميناء يدخل المحطة بعد قليل» يردد الصوت النسائي الذي ينبئ بوصول القطارات، وحالة من الاستنفار والاضطرب ترافق دخول القطار، وأصوات متعالية تصدر من داخله تختلط فيها نبرة الاحتجاج بهتافات الاحتفال والتهليل. المقطورات الأخيرة التي عادة ما تكون أقل ازدحاما واكثر هدوءا كانت على غير عادتها صاخبة؛ شبان ومراهقون يشغلون الممرات ذهابا وجيئة، وحراس الأمن يحملون عصيهم في استنفار واضح.
«أولي أولي أولي هاحنا جينا.. أولي أولي أولي من هنا بدات لحكاية والرجا تبعوها هركاوا... حطهوم الكار ونساو الدوار...» رددت مجموعة ودادية «سيطرت» على إحدى المقطورات، وما إن يخفت الصوت حتى تنطلق الأحاديث الجانبية: «واش لباسبور موجود؟ راه لي ديبلاسمون لبرّا جايين؟... واش عندك بعدا لاكارت ولا باقي؟» يتعلق الامر هنا ببطاقة العضوية في «أولترا واينرز 2005» أحد الفصائل الأكثر تنظيما و«راديكالية» في صفوف الجماهير الحمراء. وسرعان ما تخرج الحوارات عن إطار الديربي المنتظر، لتنتقل إلى تبادل أخبار اللقاء الذي جمع في اليوم السابق فريق الجيش الملكي بشباب المحمدية وانتهى بالتعادل. «الرباطيين داو ما يعاودو» يقول أحدهم في إشارة الى نتيجة اللقاء واضطرار جماهير العاصمة إلى الانسحاب في صمت بعد المباراة. «ففي الدار البيضاء يكونون في حماية جيدة، لكنهم في المحمدية لا يجرؤون على إعلان وجودهم» يضيف آخر.
اسمهم يدل على حداثة عهد تأسيسهم، أي العام 2005، لكن الوثائق التي ينشرها الموقع الرسمي ل«الوينرز» تعود بك إلى سنوات تأسيس نادي الوداد، في عز عهد الحماية الفرنسية. ويعتبرون أنفسهم امتدادا لمشجعي الفريق خلال سنوات الأربعينيات والخمسينيات، والذين كانوا «يقاومون» الاحتلال بتأييدهم الفريق الذي كان حينها بمثابة رمز للوطنية ومصارعة الأندية المدعومة من السلطات الفرنسية.
كعادة مجموعة «الوينرز» قام قياديو هذا الفصيل باستعدادات مكثفة لمباراة الديربي ضد الرجاء، حيث تم إنجاز لوحة فنية أو ما يعرف في ثقافة الإيلترا ب«التيفو»، وتم فتح اكتتاب بين الوداديين في المغرب والخارج من أجل جمع مبلغ مالي لا يقل عن 40 ألف درهم رصد لإنجاز اللوحة الفنية التي تؤرخ لإنجازات وداد الأمة والتي تم تعزيزها بعبارات تشير إلى دور الوداد في مقاومة المستعمر.
اللوحة التي حطمت كل الأرقام في ديربي البيضاء الأخير، والبالغ طولها زهاء 30 مترا، كانت من صنع هؤلاء ال«وينرز»، بعد أن قدموا أولى لافتاتهم إلى الجمهور في 13 نونبر 2005، تاريخ الميلاد الرسمي ل«الفصيل» الذي يطلق على نفسه لقب «فدائيي الوداد». ويهدي الفدائيون أغانيهم لضحايا النادي وإلى الذين لقوا حتفهم في مختلف التنقلات والمباريات، بل إن الألبوم الأخير الذي يلهب الجماهير في المدرجات الجانبية تم إهداؤه لروح الفقيدين أمين الروف ومحمد فلاح.
يتوفر «الواينرز» حاليا على بنية تنظيمية محكمة ودقيقة، وأصبحت له طقوسه وشعاراته الخاصة، من قبيل «يا لعاشق فسبور.. تفرج في الودادية.. الوداد هي لو بلو فور على شمال إفريقيا...». فيما يتوفر ال«وينرز» على تمويل قار بفضل مساهمات الانخراط، التي تقدر ب120 درهم لكل منخرط. وما يميزهم، البعد الوطني الذي اتخذوه منذ البداية، خلافا لعدد من المجموعات الداعمة للفريق الأحمر، والتي تتخذ لنفسها بعدا محليا من خلال احد الأحياء أو جزء من المدينة.
منذ الساعات الأولى من صباح أول أمس، ضرب أعضاء مجموعة الفدائيين موعدا أمام البوابة المتواجدة خلف المدرجات الشمالية أو ما يعرف ب«فريميجة» نسبة لشكلها الهندسي الشبيه بالجبنة الكبرى.
قبل الموعد حل قياديو الفصيل ودخلوا في مفاوضات مع البوليس من أجل تسهيل عملية إدخال «التيفو» كما تم الاتفاق على منع كل الوسائل المحظورة، فيما أرسل قياديو المجموعة نداءات لعموم المتفرجين بعدم إدخال الشهب النارية وأعلنوا براءتهم من كل انسلال غير مشروع.
على امتداد ساعتين ظل مناصرو الوداد يتغنون بإنجازاتهم، بشكل يعيد إلى أذهان الحاضرين ما تبقى من مجد لا يعرفه العديد من اليافعين الذين يشكلون نسبة كبيرة من المشجعين.
وعلى غرار المدرجات المقابلة كان الفصيلان الرجاوي والودادي يتبادلان الشتائم، هنا اللون الأخضر مرفوض واسم الرجاء ممنوع من التداول في فضاء أشبه بمزار.
مهمة الوينرز» على مستوى الفروع الأربعة، تتمثل في تعبئة الجمهور الودادي وجمع التبرعات اللازمة والتحضير للمباريات الهامة مثل مباراة الديربي، ثم السهر على ترويج وبيع المنتوجات الحاملة لرمز ال«وينرز»، مثل اللافتات الرسمية المعتمدة لدى المجموعة. منذ تأسيس هذه الأخيرة، تقدم العديد من عشاق الفريق بطلب إحداث فرع لها في مختلف المدن، لكن جلها كان مآله الرفض، نظرا لعدم الاستجابة للشروط الضرورية، والمتمثلة في عدم إحداث فرع داخل مدينة الدار البيضاء، الخاضعة لتسيير النواة الصلبة للمجموعة، وضرورة توفر الفرع على 10 أعضاء على الأقل يؤدون واجب الانخراط، ويشاركون في عمليات المساهمات المالية الكبرى للمجموعة، مع تسجيلهم لحضورهم المواظب في خمس مباريات في موسم واحد على الأقل.
طوال دقائق مباراة الديربي الأخير، ظلت الموشحات تصنف الرجاويين في خانة البدو من خلال قطعة غنائية عنوانها «المكانة دوار»، بل إن الفدائيين حملوا لافتة رسم عليها سهم يشير إلى وجود بدو في الجانب الآخر من الملعب في إشارة إلى مدرجات الرجاء، وفي «الحمرا والبيضا مون أمور» في حالة واحدة يحصل التوافق ويصبح الاتفاق عنوانا لكل الأهازيج، حين يوجه الرجاويون والوداديون على حد سواء إدانة جماعية للجيش ولجمهور العاصمة.