المراهقة والأسرة وانحرافات المراهقين
من أهم المشكلات التي يتعرض لها المراهق في
حياته اليومية التي تحول بينه وبين التكيف السليم هي علاقة المراهق بالراشدين
وعلى وجه الخصوص الوالدين وسعيه
من أجل التحرر من سلطتهم والوصول إلى درجة من الاستقلالية والمساواة معهم
.
لكن هذه الرغبة تصطدم في الغالب مع ميل
الوالدين إلى الارتقاء على علاقة التبعية التي كانت
سائدة بينه وبينهم في مرحلة الطفولة وهذا مايؤدي إلى انكار حريته التي يطالب بها والتدخل في شؤون الخاصة والتي تدفعه إلى التحدي والخروج عن طاعة الوالدين . وفي ظل هذه الظروف يتحول المنزل إلى مايشبه » الشرطة « بالنسبة للمراهق إن كل ماقيل يبرز الدور الفائق الأهمية للأسرة في عمليات التكيف والنمو في مختلف مراحل النمو وخصوصاً في مرحلة المراهقة ذلك أن النمو السليم وفي جميع المجالات يتوقف إلى حد كبير على اتجاه الوالدين وعلى المناخ السيكولوجي والاجتماعي السائد في الأسرة .
علماً أن الأجواء الأسرية ليست كلها من نمط
واحد فهي تختلف من بيت إلى آخر فبعض البيوت تبدو
اماكن مناسبة لرعاية وتربية الأطفال بينما تبدو بيوت
أخرى على العكس من الأولى .
ونظراً للعلاقة الوثيقة بين نمط البيت وطراز
العلاقات السائدة فيه وبين نمو المراهقين نشير إلى أن هناك نماذج عديدة
للمنازل ولأشكال السلطة فيها نذكر منها .
المنزل النابذ :
وهو المنزل المتصف بانعدام التكيف والصراع
والمشاجرات والاستياء بين الأب والأم وبينهما وبين الأبناء والذي يفتقر
بدرجة كبيرة إلى العلاقات الاجتماعية الطيبة سواء بين
افراد الأسرة وبين الأسرة والعالم الخارجي حيث تميز
حياة المراهق في مثل هذا المنزل أن اهتماماته ورغباته تنكر أو تعد غير هامة وعندما يسعى لإثارة انتباه والديه أو يحاول اثبات ذاته فإنه
يقابل بالانكار والتجاهل وربما يعاقب بدنياً وفي كل هذا
لايحاول الوالدين أن يفهموا ولدهم المراهق أو
العطف عليه لأنه غير مرغوب فيه . أما السلطة السائدة
في مثل هذا المنزل فيكون في الغالب نمطاً استبدادياً .
2- المنزل الديمقراطي :
إن هذا النمط يعد عاملاً هاماً من عوامل
تكيف المراهق ونموه السليم حين تقوم السلطة فيه على الحرية الديمقراطية
فالابوان يحترمان فردية المراهق ولايستخدمان القسر
والتعسف من أجل فرض سلطتهم وهذا ما يساعد على نمو
الاستقلالية والاعتماد على النفس أما الوسائل التي يعتمد عليها هذا المنزل لتحقيق الديمقراطية بين افراد جماعته فهي التالية :
أ- احترام شخصية المراهق في المنزل ب - العمل
على تنمية شخصيته .
ج- اعطاءالمراهق الحرية في التفكير والتعبير
وضمان حق الاختيار في كل موقف وحيال أية مسألة .
3- المنزل المتساهل :
إن هذا الطراز من المنازل يوفر للمراهق
الشعور بالأمن ويخلق شروطاً مناسبة تدفع به نحو الاستقلال والتحرر التدريجي . لكن
التسامح يجب أن لايتحول إلى تساهل واستهتار أو إلى حماية زائدة لأن
هذا يؤدي إلى عكس النتائج المرجوة من التسامح .
وهنا أشير إلى ماقاله » هات ويك hat week
» إن المراهقين التي تظهر منازلهم اهتماماً
زائداً بهم يكون سلوكهم أقرب إلى
سلوك الأطفال« فالمراهق الذي يجد في منزله عناية زائدة وتساهلاً مبالغاً فيه يلاقي صعوبات أعظم من المألوف في تكيفه مع العالم الخارجي كما يعاق النمو الاستقلالي لديه .
انحرافات المراهقين :
أن مجمل شروط الحياة وماتنطوي عليه من
صعوبات وماتجر إليه من احباطات هي التي تقود المراهق وغير المراهق إلى
الانحراف والجنوح .
على أن المراهقة هي السن الذي تبرز فيه
إمكانية كبيرة جسدية وعقلية تساعد على خرق النظام العام وبهذا العدد تشير
الدراسات النفسية والاجتماعية أن نسبة المراهقين من المنحرفين
والجانحين تزيد على النسبة المئوية لهذه الفئة بالنسبة
لمجموع السكان العام .
فقد بينت بعض الدراسات التي اجريت في
الولايات المتحدة الأميركية أن 40 - 60 % من نزلاء السجون
تقل اعمارهم عن خمس وعشرين سنة .
أما الأسباب التي تدفع المراهقين إلى
الانحراف والجنوح فيمكن الإشارة إلى أهمها على النحو التالي :
1- رغبة المراهق في الانفلات من رقابة
المنزل والانخراط في عصابات الأحداث .
2- رغبة المراهق في الخبرات الجديدة وسهولة
دفعه إلى ذلك والتقرير به .
3- الاحباطات المختلفة :
الفقر وعدم توافر الموارد المالية لتلبية
الحاجات الأساسية والثانوية والفشل الدراسي والبحث عن مواقف لتأكيد
الذات والتفكك الأسري بمختلف أشكاله وصورة
والمنازعات الاجتماعية ..الخ
مما تقدم يبدو واضحاً أثر المنزل في نمو
المراهق سلباً أم ايجاباً وهذا يشير بدوره إلى ضرورة توفير مناخ مناسب في
الأسرة يتميز بالثقة المتبادلة بين الآباء
والأنباء في إطار من المودة والمحبة لأن هذا يوفر للمراهق
بيئة منزلية مساعدة على النمو السوي ويؤمن له خلفية مستقرة ونظاماً من القيم الاخلاقية الرفيعة المستوى وإذا لم تتوفر له فإن نموه السوي يعاق إعاقة خطيرة .
فيقع المراهق ضحية فقدان الثقة بالنفس
وبالآخرين ويواجه احتمالات الانحراف والشذوذ وبصورة خاصة إذا كانت الأسرة
مفككة لأن تفكك الأسرة يؤدي إلى ضرر نفسي بالغ في أي عمر
كان .
لكن الضرر يكون على أشده في فترة المراهقة .
ولهذا يجدر بنا أن نعمل في
البيت والمدرسة من أجل معرفة أسباب انحراف المراهقين أولاً والعمل على تجنب النتائج التي تقود إلى ذلك ثانياً