فإن التدخين محرم شرعا لكونه خبيثا يشتمل على أضرار كثيرة ومفاسدعظيمة، والله جل وعلاأباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغير ذلك، وحرمعليهم كل خبيث، قال تعالى: (يسْألُونك ماذا أُحل لهُمْ قُلْ أُحل لكُمْ الطيباتُ) (المائدة: 4)، وقال عز من قائل في وصف أتباع النبي صلي الله عليه وسلم: (يأْمُرُهُمْ بالْمعْرُوف وينْهاهُمْ عنْ الْمُنكر ويُحلُ لهُمْ الطيبات ويُحرمُ عليْهمْ الْخبائث) (الأعراف: 157). ولايستريب عاقل أن الدخان من الخبائث وليس من الطيبات. وفيه من المفاسد مهلكة النفسوالمال، والله جل وعلا يقول: (ولا تقْتُلُوا أنفُسكُمْ إن الله كان بكُمْ رحيما) (النساء: 29)،وقد ثبت طبيا ضرر الدخان البالغ على النفس وأنه سبب لكثير من الأمراض الفتاكة. وقد قال عز من قائل: (ولا تُلْقُوا بأيْديكُمْ إلى التهْلُكة) (البقرة: 195)، وروى مالك فيموطئه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار"، ومعلوم الضرر الذي يصيبالمدخن، وكذلك الذي يلحق بغير المدخن إذا استنشق ما يخرج من المدخن. والتدخين مهلكةللمال الذي جعله الله قياما للحياة قال تعالى: (ولا تُؤْتُوا السُفهاء أمْوالكُمْ التي جعل اللهُ لكُمْ قياما) (النساء: 5)، وروى الترمذي عن أبي برزة رضي الله عنه قال: قالرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيمأفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه"، ولا شك أن إنفاق المال في هذا الأمر يعد أمرا محرما لأنه في الحقيقة حرق له، وإذا كان التدخين بكلأنواعه وأشكاله حراما فيكونبيعه حراما أيضا. لأن الله إذا حرمشيئا حرم ثمنه، والله الهادي إلى سواء السبيل.