قامت فرنسا وإسبانيا باستعمار المغرب بعد توقيع معاهدة الحماية بهدف استغلال ثرواته،ولذلك وضعت أجهزة إدارية وهياكل اقتصادية لتحقيق أهدافها.
أحدثت سلطات الحماية أجهزة موازية لأجهزة المخزن المغربي
نهج الجنرال ليوطي سياسة الأهالي تجاه المغاربة
- يعتبر الجنرال ليوطي أول مقيم عام(1912-1925)بالمغرب السلطاني(من سوق أربعاء الغرب ووجدة إلى سوس ومحاميد الغزلان)،وضع سياسة خاصة للتعامل مع المغاربة عرفت بالسياسة الأهلية(ارتبط ذلك بظروف الحرب العالمية الأولى)،بإظهار المساواة بين المغاربة والفرنسيين،والحرص على احترام الشؤون الدينية والقضائية للمغاربة،وتقريب بعض المغاربة منه وخاصة الأعيان والقياد،والحفاظ على موظفي المخزن(الباشا، المحتسب،أمين المستفاد..)في موازاة إحداث أجهزة الحماية،وإحداث مجالس بلدية لإدارة الأملاك البلدية ودورها الإشراف على الأشغال العامة وتحديد الرسوم الجمركية.
وضعت فرنسا أجهزة مركزية ومحلية موازية لأجهزة المخزن التقليدية
- الأجهزة المركزية: •المقيم العام والإقامة العامة:يرأس الإقامة العامة بالمغرب(إدارة الحماية الفرنسية)،يمثل فرنسا ويسير جميع المصالح الإدارية والعسكرية،ويعين الموظفين،ويصدر القوانين،ويشرف على الشؤون الخارجية،وقد ينوب عنه وزير مفوض،وتوجد تحت إدارته: •إدارة الشؤون الشريفة:يرأسها مستشار الحكومة الشريفة،وهو صلة وصل بين المقيم العام والسلطان والصدر الأعظم ويراقب وزارات المخزن،ويشرف على الأشغال العمومية والمالية والفلاحة والغابات. •إدارة الداخلية:تشرف على الشؤون الداخلية للبلاد. •إدارة مصالح الأمن:دورها حفظ الأمن ومراقبة الوطنيين والقوميين. •المحاكم الفرنسية:تم إحداث محاكم فرنسية قضاتها فرنسيون وتعتمد على ظهائر فرنسية مع الحفاظ على القضاء المخزني. •المصالح المخزنية الجديدة:تم إحداث تسعة مصالح وهي إدارة المالية والجمارك والأشغال العمومية والفلاحة والإنتاج الصناعي والمعدني والبريد والتلغراف والتلفون والصحة العمومية وإدارة الشغل والشؤون الاجتماعية،ويرأسها الفرنسيون، تخضع للكاتب العام للإقامة العامة،ودورها تحضير الميزانية وحساب الموارد الجبائية والجمركية وموارد الأملاك المخزنية ودراسة التجهيز الأساسي وتنفيذ الأشغال.. - الأجهزة المحلية: •الباشوات والقياد:يتم تعيينهم من طرف السلطان،حيث يعين في المدينة الباشا ويمثل المخزن،ويرأس المجلس البلدي، ومسؤول عن الأمن والمحافظة على الأملاك،ويحكم في بعض القضايا المدنية والجنائية،ويسير الإدارة البلدية،ويضع ميزانية المدينة،وستتراجع سلطاته لصالح المراقب المدني(الفرنسي)منذ1917،ويعين في البادية القايد الذي منح سلطات واسعة،يحكم في القضايا المدنية والجنائية،ويساعده الأشياخ والمقدمين. •ضباط الشؤون الأهلية والمراقبون المدنيون:قسم المغرب إلى ست جهات:مدنية(البيضاء،الرباط ووجدة)وعسكرية(فاس، مكناس ومراكش)،ويعين ضابط شؤون الأهالي في المناطق العسكرية،ويعين المراقب المدني في المناطق ذات الحكم المدني، ولهم سلطات واسعة ويمثلون إدارة الحماية والمخزن في المجال القضائي والاقتصادي والصحي،ويستعينون بقوات الكوم والمخازنية.
أحدثت تنظيمات إدارية في المنطقة الإسبانية وفي طنجة الدولية
- المنطقة الإسبانية:وهي المنطقة الخليفية يعين بها خليفة السلطان(المهدي ابن عم السلطان)،يصدر الظهائر.وعينت إسبانيا مندوبا ساميامنذ1913،يراقب أعمال الخليفة،ويسير شؤون منطقته،وتساعده خمس إدارات:نيابة الأمور الأهلية،نيابة الثقافة والتعليم،نيابة الاقتصاد والفلاحة والميزانية وحفظ الصحة،نيابة الغابات وتربية الماشية،ونيابة الأشغال العمومية والمالية.ويمثل الخليفة في المدن الباشاوات،وفي البوادي القياد،ويخضعون لسلطة ومراقبة القناصل والضباط العسكريين الإسبان. - طنجة الدولية:كانت لها وضعية خاصة بعد الاتفاق بين فرنسا وإسبانيا وإنجلترا حول نظامها وحدودها سنة1913،وبعد اتفاقية18دجنبر1923التي نظمت الإدارة الدولية للمدينة.ويمثل السلطان المندوب يساعده القاضي وموظفي الأحباس،له سلطات محدودة ويترأس المجلس التشريعي الدولي ولا يساهم في التصويت.ويسير المدينة مجلس تشريعي يضم27عضوا،ولجنة المراقبة تمثل الدول المشرفة على المدينة(إنجلترا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا والبرتغال والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا)، ومدير ينفذ قرارات المجلس ويسير المدينة(يتم التناوب على هذه المهمة بين الدول المعنية)،وسلطة قضائية تتكون من سبع قضاة،ويبثون في النزاعات التجارية والمدنية والجنائية.ورغم الطابع الدولي للمدينة فإن الإسبان كان لهم حضور بشري هام والفرنسيين والإسبان هيمنة اقتصادية.
تم استغلال اقتصادي للمغرب خلف نتائج اقتصادية واجتماعية
حدث استغلال استعماري في مختلف المرافق الاقتصادية
- قامت فرنسا وإسبانيا بتجهيز البلاد بالطرق والسكك الحديدية والموانئ،لمساعدة المؤسسات المالية والصناعية والفلاحية على استغلال البلاد،معتمدة في هذا الاستغلال على الاستثمار العمومي وشبه العمومي والاستثمار الخاص. - في الميدان الفلاحي: •الاستغلال الفلاحي:تمت السيطرة على أخصب الأراضي الزراعية،وتم وضع ظهائر حول تحفيظ الأراضي،لتسهيل عملية الاستيلاء على أراضي الجماعة والأحباس والكيش،وتمت السيطرة على الأراضي من طرف الدولة،ومثلت أراضي الاستعمار الرسمي،وتم توزيعها على المعمرين والشركات بأثمان منخفضة وتسهيلات في الأداء،وهناك أراضي الاستعمار الخاص التي استولى عليها المعمرون بوسائل مختلفة،ومنحت القروض والآليات الحديثة للمعمرين. •الإنتاج الفلاحي:وأنتجت منتجات معيشية وتسويقية(الكروم،الحوامض،الفواكه..).وساهم حدوث الأزمة الاقتصادية سنة1929، واندلاع الحرب العالمية الثانية في توجيه الإنتاج الفلاحي حسب حاجيات السوق الفرنسية،ولذلك تراجع إنتاج الحبوب وعدد رؤوس المواشي.وأثر هذا الاستغلال على السكان إذ حدث نقص في المزروعات المعيشية واللحوم(وخاصة خلال الحرب العالمية الثانية)وعم الجوع البلاد والأوبئة(التيفوس والطاعون)،وفرضت فرنسا استعمال أوراق الإذن لشراء بعض المواد(عام البون الذي وزعت فيه أوراق الإذن بالشراء). - في الميدان الصناعي: •الحرف التقليدية:أنشأت فرنسا مكتب الصناعات والحرف التقليدية،واهتمت بالحرف التقليدية،التي شهدت تراجعا بعد ذلك بسبب منافسة منتجات الصناعة الحديثة،وأنشأت بعد سنة1920شركةSAFT للغزل والنسيج،وأثر ذلك سلبا على منتجات الحرف التقليدية،وانتعشت نسبيا خلال الحرب العالمية الثانية لتلبية حاجيات السوق الفرنسية. •استغلال الثروات الطبيعية:اهتمت فرنسا باستغلال المناجم منذ1914،وأسست المكتب الشريف للفوسفاط سنة1921ومكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية في دجنبر1928،واحتكرت الشركات الأجنبية استغلال المناجم المغربية. •الصناعة الحديثة:أهملت فرنسا الإنتاج الصناعي بالمغرب،لأنها ترغب فقط في استغلال الثروات الطبيعية المغربية وجعل المغرب سوقا للمنتجات الصناعية الفرنسية،وبعد الحرب العالمية الثانية تطورت الصناعة فظهرت صناعة البناء والمواد الغذائية والمنسوجات والجلود مستفيدة من توفر المواد الأولية واليد العاملة الرخيصة وانخفاض الضرائب. - في الميدان التجاري: •بالنسبة التجارة الداخلية:أنشأ الاستعمار محلات تجارية صغرى وكبرى،واحتكر المواد الفلاحية،وأشرف على تسويقها. •بالنسبة للتجارة الخارجية:كان أساسها تزويد فرنسا بالمواد الأولية الفلاحية والمنجمية،واعتبار المغرب سوقا للمنتجات الصناعية