الرشوة، "الحلاوة، التدويرة، الدهنة، القهوة.." إلخ كلها أسماء لآفة واحدة تنخر الجسد الاجتماعي وتحكم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتطبع سلوك الفرد في علاقته بمحيطه المجتمعي. وميزة هذه الآفة الاجتماعية أنها منتشرة بشكل مهول داخل كل المجتمعات فقيرها وغنيها، ذلك أنها استطاعت أن تتحدى كل الآليات القانونية والزجرية التي وضعت للقضاء عليها أو الحد منها في أحسن الأحوال، إذ تكيفت مع متغيرات العولمة وأصبح لها بالتالي بعد دولي. فما هي، إذن، الأسباب الخفية والمعلنة التي تقف وراء تفشي هذه الآفة وما هي تداعياتها ؟ وما هي الآليات الكفيلة بالحد منها؟ وإلى أي حد استطاعت الجهود الرسمية تطويق مخاطرها، ونفس الأمر بالنسبة إلى المجتمع المدني وخصوصا جمعية "ترانسبرانسي المغرب" التي تشكل مسألة محاربة الرشوة قضيتها المركزية الأولى؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول ملامسة الاجابة عنها في هذه الورقة بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الرشوة بالمغرب(6 يناير2004):
الأكيد أن مجموعة من الأسباب الاقتصادية وغير الاقتصادية( هيكلية على الخصوص) تقف وراء انتشار هذه الآفة التي أضحت تجلياتها تلمس في غالبية مجالات الحياة العامة.
الأسبــاب
يمكن في هذا السياق تسجيل مجموعة من العوامل السوسيوـ ثقافية المسؤولة عن استفحال هذه الآفة، أولها سيادة ثقافة الخوف والعلاقات الاجتماعية المتخلفة التي تعلو وتسمو على علاقات المواطنة، وثانيها هشاشة التنشئة الاجتماعية، وثالثها شيوع الأمية والجهل وثقل الثقافة الشعبية المساعدة على تغلغل هذه الآفة في السلوك الاجتماعي والتي يعكسها بوضوح الأمثال والعبارات التي تحيل على الرشوة و تبررها وتجلعها بالتالي معطى اجتماعيا قائما بذاته يتعين التعامل معه كمعطى بديهي ودونما نقاش، فضلا عن تقاعس الإعلام في أداء وظيفته التنويرية والتنموية في هذا المجال وغياب التربية على المواطنة في المقررات التعليمية.
أما على المستوى الإداري فنسجل تعدد مستويات الهيكلة الإدارية وتعقد مساطرها..
وللإشارة فقد سبق أن تحدثت عن هذا العامل بإسهاب تقارير البنك الدولي في جانبه المتعلق بالإدارة المغربية، علاوة على غياب تفعيل النص القانوني المتعلق بتعليل القرارات وغياب الشفافية داخل الإدارة المغربية، نظرا لطبيعة النسق الإداري المتسم بالانغلاق ناهيك عن سيادة الزبونية والمحسوبية وما شابه ذلك من السلوكات الإدارية الفاسدة.
العامل السياسي له أيضا دوره في هذا الباب، ذلك أن توظيف المال يسهم بقوة في مسألة تعطيل مسلسل الدمقرطة وعدم فتح أوراش الإصلاح والتغيير، إضافة إلى غياب مجتمع المواطنة المبني في ثقافته على أسس المحاسبة والمساءلة والعقاب، وعدم انخراط الدولة بشكل جدي في محاربة هذه الآفة في إطار برنامج حقيقي لتخليق الحياة العامة.. كما أن الأحزاب السياسية لا تقوم بوظيفتها الطبيعية المخولة لها وفق الدستور في التعبئة والتأطير..
في حين يبقى للعامل الاقتصادي دور كبير في سريان هذه الآفة داخل الجسد الاجتماعي.
ولعل هيمنة اقتصاد الريع والاقتصاد غير المهيكل بنسبة مهولة جدا خاصة في شمال وجنوب المملكة المغربية فضلا عن ضعف الأجور..، كلها محددات أساسية في انتشار الرشوة داخل مختلف مجالات الحياة العامة.
المضـاعفات
اقتصاديا، فالرشوة تلعب دورا أساسيا في عرقلة التنمية الاقتصادية من خلال: تنشيط القطاع غير المهيكل الذي يضر بالتنمية الوطنية، عدم تكافؤ الفرص بين الفاعلين الاقتصاديين لغياب المنافسة الشريفة وعرقلة توسيع المقاولات المتوسطة والصغيرة خصوصا الناشئة منها، مما ينتج عنه تشجيع التهرب الضريبي الذي يكرسه غياب الحس الوطني ـ الذي يحمل على التعامل مع المسألة الضريبية كعبء مالي ينضاف إلى أعباء المقاولة لا كواجب وطني ـ وبالتالي هروب الرساميل.. إلا أن البعض يرى في هذه الآفة منافع خاصة بالنسبة للمؤسسات الإنتاجية ذات الطابع الدولي من حيث تسهيلها للحصول على الصفقات الدولية وتذليلها للإجراءات الجمركية لربح الوقت على اعتبار أن الفاعل الاقتصادي لا يطيق الانتظارية القاتلة ومن حين تمكينها من اختراق منافذ جديدة لتسويق منتوجات هذه المؤسسات.
ومن هذا المنطلق تلجأ بعض الشركات المتعددة الجنسية في غالب الأحيان إلى تخصيص غلاف مالي للقيام بمثل هذه الإجراءات في دفتر تحملاتها.. أما على المستوى الاجتماعي فمضاعفات الرشوة تتمثل، أولا، في إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية المتخلفة، ثانيا في عرقلة فاعلية المجتمع المدني من خلال ضعف تجذره داخل النسيج المجتمعي، وثالثها تقوية نفوذ "اللوبيات" المتمركزة داخل المجتمع كما هو الحال بالنسبة للإدارة من خلال تشجيع انتشار دور الصفيح على سبيل المثال لا الحصر، ورابعها في تنامي الإجرام والانحراف وتعمق الفوارق الاجتماعية من خلال الإثراء غير المشروع في مقابل اتساع دائرة التهميش والفقر والإقصاء الاجتماعي. وبخصوص الإدارة، فالثقة التي من المفترض أن يوليها المواطن إياها ستنعدم، بدون شك نظرا لغياب الفعالية والمهنية والاحترافية وتهميش الكفاءات والطاقات، ولكون الأساس في التعامل مع المواطن سيصبح هو مدى قدرته على أن يدفع أكثر..
وتبقى مضاعفات الرشوة على المستوى السياسي جد خطيرة لكونها تؤدي في نهاية المطاف إلى السقوط في أحضان التطرف.
بداية، يجب التأكيد على أن الرشوة تعد أحد الميكانيزمات الهامة التي استعملتها الدولة لضمان إعادة إنتاج النخب والاستمراريتها، وكذا الحفاظ على التوازنات السياسية القائمة داخل المجتمع، وتدخل الرشوة في هذا السياق ضمن مايسمى بنظام المكافآت والامتيازات، وهو نظام قائم بذاته، يعرف على أساس أنه مجموعة من الموارد المادية والمعنوية التي تحتكرها الدولة قانونيا وتوظفها عند الحاجة بغية تجديد قواعدها الاجتماعية، وتتكون هذه الموارد من الأراضي التي كانت في السابق في يد المعمر ومن أراضي الجموع، والرخص التي تبدأ من رخص سيارات الأجرة الصغيرة إلى رخص الصيد في أعالي البحار، والتعيين في المناصب السياسية وغير السياسية التي يمكن أن تدر على أصحابها بمنافع مادية وتمكنهم من الإرتقاء في السلم الاجتماعي.. وهذا ما يطلق عليه الرشوة الكبيرة أي الرشوة التي تقدمها الدولة إلى النخب مقابل الرشوة الصغيرة التي يقدمها المواطن العادي إلى رجل السلطة وأعوانها داخل الإدارة المحلية. مع الإشارة في هذا الصدد إلى أن بعض الأحزاب السياسية لم تسلم علاقاتها الداخلية من سلوكات يطبعها استعمال الرشوة من خلال شراء تزكيات الانتخابات وتقريب الموالين وتهميش المعارضين وما شابه ذلك من المظاهر التي تعج بها الحياة الحزبية ببلادنا.
فإبان الانتخابات تستعمل الرشوة بقوة وبمختلف أشكالها سواء منها تلك التي تهم الناخبين الصغار أو الناخبين الكبار، ذلك أنها تكون ضمن الوسائل الأساسية التي يتم الاعتماد عليها من طرف المرشحين لشراء أصوات الناخبين، مما تنتج عنه فبركة المجالس المنتخبة، وبالتالي غياب التمثيلية الحقيقية التي هي أساس الديمقراطية.
وقد سبق لوزير الداخلية السابق أحمد الميداوي أن اعترف علانية باستعمال قوي للمال في انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين التي أجريت في عهده، وذلك خلال الندوة الصحفية التي بثت أشغالها مباشرة على شاشة التلفزة!؟ وهذا اعتراف رسمي باستشار الرشوة داخل العملية الانتخابية!؟ وهو اعتراف لو حدث، فعلا، داخل انظمة ديمقراطية تحترم نفسها لتوبع الوزير المذكور بسبب تصريحه..أو قدم استقالته في أحسن الأحوال.._؟؟________
وجذير بالذكر أن استعمال المال لازال أهم العوامل التي تفسد العمليات الانتخابية وتضرب صميم مصداقيتها، الشيء الذي تكون له تأثيرات سلبية على السلوك السياسي للمواطن، ويتجلى هذا التأثير أساسا في عدم اهتمام المواطنين الشباب منهم على وجه الخصوص بمسلسل الانتخابات (التصويت الأبيض) وهو سلوك ينم عن فقدان هذا الشباب الثقة في المؤسسات السياسية، مما يجعله فريسة سهلة للاتجاهات المتطرفة التي تستغل يأسه وسخطه في مشاريعها السياسية الظلامية الهدامة..
وعليه فإن الرشوة تعد أحد أهم المخاطر التي تهدد الديمقراطيات الناشئة والتي لا يضاهيها إلا التطرف الديني، هذا الأخير الذي لمس المغاربة عواقبه عن قرب من خلال الأحداث الإرهابية التي كانت العاصمة الاقتصادية للمملكة مسرحا لها.
المفــاتيح
تعتبر الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة أن هذه الأخيرة (أي الرشوة) غدت خطورتها معترف بها من قبل كافة قطاعات المجتمع بما فيها السلطات العمومية، لكن هذا الاعتراف ـ حسب بيان للجمعية ـ لم يعرف طريقه بعد إلى الترجمة على شكل مخطط عمل ملموس قادر على التصدي لجسامة هذه الظاهرة. فمختلف مشاريع محاربة الرشوة تصطدم بالباب المسدود عند التطبيق العملي، فالانتقال إلى الفعل ـ حسب ذات المصدر ـ يتطلب إرادة سياسية قوية والتزاما صارما من أجل وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب وتحييد التدخلات السياسية في شؤون وقضايا الرشوة. ومن هذا المنطلق تؤكد تراسبرانسي المغرب بأن التشريعات تتطلب إصلاحات ودعم، لكون خطوات تقدم ذات دلالة هي ممكنة ببساطة عن طريق وإعمال كل النصوص المتوفرة حاليا( إخبار، مراقبة، افتحاص، عقوبات جنائية..)، وبالرغم من ذلك يظل أي عمل يتوخى محاربة الرشوة معوقا بعاملين اثنين: الأول تتجلى سمته في غياب استراتيجية للوقوف في وجه هذا الورم الخبيث. أما الثاني فيتتمثل في غياب شراكات فعلية( في ما بين السلطات العمومية والفاعلين الخواص والمجتمع المدني) تتحدد أهدافها في محاربة الرشوة والإعلاء من شأن الشفافية والأخلاق وتحديث الإدارة ووضعها في خدمة المواطنين. فالمعركة، إذن، تتطلب تعبئة كل الوسائل والأدوات المؤسساتية والقانونية والتربوية والتواصلية، كما أن التزام الحكومة والمجتمع بمحاربة الرشوة يجب أن يترجم عن طريق إجراءات ملموسة مخصصة للتشييد التدريجي لنظام وطني للنزاهة( انظر وصفة جمعية ترانسبرانسي المغرب).
يبقى الاعتماد على الآلية القانونية بمفردها للحد من الرشوة من خلال تطبيق مساطرالزجر في حق المرتشين صعبا أمام التداعيات الخطيرة لهذه الآفة التي تنخر جسدنا الاجتماعي، ذلك أن النص القانوني عندنا لا يحمي الأشخاص الذين يبلغون عن الرشوة سواء في مدونة القانون الجنائي أو في قانون محكمة العدل الخاصة، بل يضع الراشي والمرتشي في كفة واحدة (أي في نفس الوضعية)، بالإضافة إلى صعوبة الإثيان بالبراهين والحجج الممكنة لأن الرشوة تتم ـ كما هو معلوم ـ في سرية بالغة داخل البنية الخفية للمجتمع (إدارة الظل أو إدارة في قلب إدارة) والتي لها ميكانيزماتها وطقوسها وفضاءاتها وأزمنتها الخاصة..
ومن هذا المنطلق يتضح أن هذه المقاربة القانونية شكلانية ولا يمكن أن تكون فعالة ضد الرشوة لأن الحد من هذه الأخيرة يقتضي محاربتها ضمن مقاربة شاملة ترتكز على تفكيك الميكانيزمات المتحكمة فيها.
ولم يبرهن، تاريخيا، القضاء المغربي عن فاعليته في هذا الإتجاه مما يفيد عدم قوة الإرادة السياسية لمحاربة الارتشاء واستغلال النفوذ. فقضاؤناـ المتأزم على مستوى هيكلته ومؤسساته حسب شهادة البنك الدولي في تقريره الأخير حول المغرب ـ لم يسجل عليه أن قام بمبادرات تؤكد بالتالي نزاهته واستقلاليته.. ويمكن أن نسوق في هذا الصدد قضية "بانام"، فالدولة بادرت في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي إلى محاكمة "الوزراء المرتشين" في إطار ما سمي بقضية "بانام"، حيث توبع ستة من الوزراء وثلاثة موظفين سامين وأربعة رجال أعمال من أجل الرشوة أو محاولة الرشوة في قضية بيع قطعة أرضية لشركة "بانام" في مارس 1971. فالعدالة تجنبت التعمق في جوهر الملف لأسباب سياسية.. وبالرغم من قساوة الاحكام فقد لقي هؤلاء اهتماما من نوع خاص داخل السجن من حيث الضيافة.. كما أن ممتلكاتهم لم تمس.. لكن سرعان ما تم إطلاق سراحهم على اعتبار أن المحاكمة كان الغرض منها در الرماد في العيون بعد الاصداء السلبية التي أصبحت تتمتع بها صورة المغرب في المحافل الدولية آنذاك.
القضاة الخمسة بمحكمة الاستئناف بتطوان المتابعين في قضية "منير الرماش ومن معه"، تشكل مؤشرا يفيد الرغبة في تطهير جهاز القضاء ومحاربة جرثومة الرشوة المستشرية داخل هياكله، لكن التطورات التي من المتوقع أن يعرفها، دون شك، هذا الملف الحساس ـ الذي يستأثر باهتمام وتتبع الرأي العام الوطني وجزء هام من المؤسسات الدولية( البنك الدولي..) ـ هي الكفيلة وحدها بتوضيخ صدقية هذه الإرادة.
ومن ثمة فإن التصدي لهذه الظاهرة ليس مسؤولية الدولة فحسب بل وكذلك المجتمع، فمسؤولية الأولى (الدولة) تكمن في توفير إرادة سياسية حقيقية للقضاء على الاقتصاد غير المهيكل وإعادة النظر في منظومة الأجور ونظام الصفقات العمومية، لأن هذا الأخير لا يؤمن الشفافية، كما تكمن في تسريع مسلسل الدمقرطة وبناء دولة القانون والمؤسسات وإعادة النظر في المنظومة التربوية بشكل جذري وذلك من خلال إدراج فعلي وعملي لبرامج ثقافة حقوق الإنسان داخل مناهج التعليم والانخراط بقوة في محاربة الأمية من خلال وضع خطة وطنية لتحقيق هذا المبتغى.. أما مسؤولية المجتمع فتكمن في التجاوب الفاعل والفعال لأفراده مع مطلب التصدي لهذه الظاهرة، وهذا لن يتأثى إلا بتحصينه وتقوية مناعته الاجتماعية التي من شأنها تمكنه من قطع دابر الارشاء والارتشاء، وهذا يمر، طبعا، عبر التأطير والتوعية والتربية على ثقافة المواطنة.. وهذه مسؤولية تنخرط فيها الإدارة والأسرة والمدرسة والحزب والمعمل والنقابة والمسجد، والمجتمع المدني.
15إجراء لمحاربة الرشوة
حسب جمعية "ترانسبرانسي المغرب":
إن محاربة الرشوة تتم عبر تبني إصلاحات ذات طبيعة بنيوية في مختلف المجالات والميادين، وفي هذا الاتجاه نرى أنه من المستعجل:
الإصلاحات على الصعيد المؤسساتي والقانوني:
1- إصلاح العدالة وضمان استقلاليتها عن باقي السلطات، وهذا يتطلب في المقام الأول إلغاء محكمة العدل الخاصة، كما أن إخضاع ملفات الرشوة للمساطر العادية هو مستوى مجابهة أشكال النفوذ الإدارية أو السياسية في هذا المجال.
2- إن إعداد "قانون لمحاربة الرشوة" باستشارة وتشاور مع المنظمات غير الحكومية والمختصين المعنيين كفيل بسد الفراغات القانونية الحالية، ويجب أن يتسم هذا القانون بالقدرة على :
ـ النص على الحماية الأمثل لضحايا الرشوة (إعفاء الرشوة المنفعلة من العقاب في حال التعاون مع العدالة)،
ـ إلزام النيابة العامة بتحريك المعلومات القضائية و المتابعات المتعلقة بالرشوة أو الاختلاس التي تصل إلى علمها، وبخاصة من خلال تصريحات عمومية علىأعمدة الصحافة.
3- إصلاح وتفعيل إجراءات القانون المتعلقة بالتصريح بالممتكلات وبخاصة من خلال توسيع تطبيقه ليطال موظفي الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وكل الأشخاص الممارسين لمهمة عمومية أو مسؤولية إدارية، ويجب أن يشمل ذلك الزوجات والأبناء. كما أن تطبيق هذا القانون يستلزم أن يتم إبان التوظيف وعند الشروع في ممارسة الوظائف/ أو المهام. ويجب أن يكون هذا التصريح عموميا بالنسبة للمكلفين بمهمة عمومية.
ومن جهة آخرى فإنه يجب أن تكون فعلية التصريح مضمونة من قبل مؤسسة مختصة في مجال متابعة ومراقبة التصريحات المتعلقة بالممتلكات.
4- خلق وكالة لمحاربة الرشوة متمتعة بالاستقلال اللازم والضروري تكون مهمتها هي:
ـ رصد تجليات الظاهرة ودراسة أسبابها وتتبع تطوراتها.
ـ اقتراح الحلول الملائمة وتتبع تنفيذها وكذا مداها وتأثيرها
ـ تتبع واستغلال المعطيات المتعلقة بالتصريحات المتعلقة بالممتلكات.
الوصول إلى المعلومة والشفافية في تدبير المصالح العمومية:
إن أحد العوائق الكبرى التي تعوق محاربة الرشوة يتمثل في عدم احترام الإدارات العمومية للحق في الإعلام، ويمكن الارتقاء بالشفافية في تدبير المصالح العمومية بطريقة ملموسة عن طريق الأخذ بثقافة التواصل في الإدارة وتبني الإجراءات التالية:
5- تبني قانون يقر الحق في الإعلام وشروط الوصول إلى المعلومة، وينتظر من هذا القانون إنعاش مناخ الشفافية في العلاقات في ما بين الإدارة والمواطنين، كما ينتظر منه أيضا أن يجعل من إصدار نشرة سنوية بالتقارير المالية من قبل الهيآت العمومية والهيآت التي تتلقى دعما ماليا من الدولة مسألة إجبارية (الأحزاب السياسية، الصحف والجمعيات المدعمة ماليا من الدولة، النقابات... إلخ).
6- تشجيع الحكومة الالكترونية، ويتعلق الأمر هنا، وبالارتكاز على تكنولوجيات الاتصال أن يتم الوضع رهن إشارة المواطنين لكل المعلومات والمعطيات المتعلقة بالإجراءات الإدارية والشكايات والأسواق العمومية وطريقة اشتغال المصالح، وبشكل عام كل الوثائق التي من شأنها تقوية المساواة في الحظوظ والمعاملة والارتقاء بالشفافية في النشاط الإداري، وتصور الدليل المسطري الخاص بالتدبير العمومي وتوفيره عبر شبكة الأنترنيت هو أداة كفيلة بضمان المزيد من الشفافية والوضوح.
7- وضع مخطط عمل في كل مصلحة وهيأة عمومية يستهدف تقييم النتائج وإخبار المواطنين، كما يقدم للرأي العام كشفا بنتائج التحقيقات والافتحاصات والمتابعات.
8- توفير الوسائل الضرورية وعلى مقربة من المواطنين للإجابة على أسئلتهم المتعلقة بالإجراءات والمساطر الإدارية وللإنصات لشكاياتهم وتسجيلها (رقم تليفوني أخضر، مجيب شفوي، موقع إلكتروني...). توفير بنيات لامركزية، وذلك بشكل مؤسس، لميكانيزمات فعالة للإنصات ولمعالجة تظلمات المواطنين المتعلقة سواء بتحسين الشفافية أو بمحاربة أفعال الفساد والرشوة. وفي هذا الإطار يجب أن توفر للمجتمع المدني وسائل الإنصات والتشهير بحالات الفساد والرشوة وفضحها.
9- تنشيط إعمال القانون (1-03، الجريدة الرسمية رقم 5029) الذي يجبر الإدارات العمومية والجماعات المحلية على تبرير القرارات الإدارية التي تعني الرفض.
10- تأمين نشر نتائج تحقيقات محكمة الحسابات في أفق تقوية ردع المخالفات والإخبار عنها وكذا إنعاش الممارسات التدبيرية الجيدة.
التربية والتحسيس:
يعتبر مجال التربية والتحسيس مجالا في غاية الأهمية للحاضر وأكثر من ذلك بالنسبة لمستقبل مجتمع أكثر شفافية، إنه عمل يجب أن تحمل المؤسسات التربوية والمجتمع مهمة إنجازه على عاقتها، وترانسبرانسي المغرب في هذا المجال أيضا تقترح ما يلي:
12- توفير الوسائل اللازمة للقيام بعمل تربوي وتحسيسي ووضعها رهن إشارة ممثلي المجتمع المدني.
13- يجب أن يعرف نشاط المجتمع المدني في مجال التحسيس والتوعية بسلبيات الرشوة دعما وامتدادا من طرف المؤسسات العمومية، كما أن من المطلوب إلزام وسائل الإعلام العمومية بتخصيص مدد زمنية دنيا في برمجتها وتخصيصها لمناقشة موضوع الوسائل القمينة بمحاربة الرشوة والارتقاء بالشفافية قي قضايا الشأن العام.
14- إدراج وحدة مخصصة للتحسيس ومحاربة الرشوة في البرامج الرسمية للنظام التربوي وفي برامج مدارس تكوين الأطر (مهندسين، إداريين، جيش، جمارك، شرطة، أطباء، صيادلة... إلخ).
15- التفكير في قواعد أخلاقية وتعميمها بتشاور مع ممثلي الموظفين بداخل الإدارات والهيآت العمومية والخاصة.