هل من المعقول أن حل مشكلة الطاقة في العالم أصبح قاب قوسين أو أدنى بفضل تقنية الاندماج النووي الحراري؟ وهل أن مملكة تقنيات الطاقة الخيالية تلوح في الافق ولاتقل من حيث الأهمية عن جبروت الشمس نفسها؟ أم ان النظرة التفائلية بشأن الحل السحري لقضايا الاقتصاد والموارد التي في طريقها نحو الاستنفاد لاتزال سابقة لأوانها؟ وما هي ، في حالة كهذه، فرص المصادر الأخرى البديلة ؟ هذه المسائل نبحثها في برنامج " بانوراما".
تعلق الآمالُ منذ خمسين عاما خلت على الاندماج النووي الحراري كوسيلة مثمرة لتوليد الطاقة. فإن مَعين احتياطياته الوقودية لا ينضب في الواقع، وكميات الطاقة التي يولدها هائلة. والى ذلك يؤكد انصار التركيب النووي الحراري ان هذه التقنيات آمنة وسليمة من الناحية الإيكولوجية. ومن مزاياها على المحطات الكهرذرية انها لا تخلّف نفايات مشعة خطيرة. ويبدو ان البشرية اقتربت اليوم كثيرا من تحقيق امنيتها هذه. ففي مركز "كاداراش" للبحث العلمي الواقع قرب مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا يبنى احد اكبر مشاريع الطاقة في تاريخ الحضارات، وهو مفاعل "ايتر" الحراري النووي الدولي التجريبي.ويضاهي ارتفاع المفاعل عمارة من ثمانية طوابق. وقد صممت مختلف مكوناته ووحداته وصنعت في الولايات المتحدة وروسيا والصين والإتحاد الأوروبي والهند واليابان وكوريا. يقوم المشروع على نفس مبدأ معجّل النترونات الخاملة "توكاماك" الذي صنع في الإتحاد السوفيتي في حينه. وتقدر قيمة المشروع بعشرة مليارات يورو على وجه التقريب. المهمة الرئيسية لبناء هذا المفاعل هي توفير الأدلة التطبيقية على الإمكانيات التقنية لضبط الطاقة الحرارية النووية وصولا الى توفير مصدر دائم لطاقة كهربائية لا تنفد. ويعتقد بعض الخبراء ان ذلك سيكون فاتحة عصر جديد يضع، في آخر المطاف، حدا لأزمات الطاقة المتوالية. الا ان المتشائمين يدعون الى عدم التسرع في الإبتهاج مؤكدين ان كلفة الطاقة الكهرحرارية النووية، حتى وإنْ نجحت التجربة، ستكون في المستقبل المنظور اعلى من قيمة الكهرباء الناتج عنها