الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أمّا بعد:
فإن الواجب على جميع المكلفين هو التأدّب مع الله، وذلك بإخلاص العبادة له، وترك عبادة ما سواه، والإيـمان به، وبكل ما أخبر به سبحانه في كتابه العظيم، على لسان رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، عن أسمائه وصفاته وعن الآخرة، والجنة والنار، والحساب والجزاء وغير ذلك، يجب على كل مكلّف أن يؤمن بالله، وأن يخصّه بالعبادة، وألاَّ يشرك به شيئاً سبحانه وتعالى، فأعظم الأدب توحيد الله، والإخلاص له، وأعظم سوء الأدب، الشرك بالله وصرف بعض العبادة لغيره سبحانه وتعالى، يقول الله جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [2] ، ويقول سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [3] ، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [4] ، ويقول: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [5] . فأعظم الأدب وأهمه وأوجبه: إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه، وأن يُخَصَّ بالعبادة، من دعاء وخوفٍ ورجاءٍ وتوكل، ورغبة ورهبة وذبح ونذر، واستغاثة وغير ذلك، كما قال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) [6] .