وما ذات در لا يحل لحالبٍ ... تناوله واللحم منها محلل
لمن شاء في الحالين حياً وميتاً ... ومن شاء شرب الدر فهو مضلل
إذا بلغت في السن فاللحم طيب ... وآكله عند الجميع معقل
وخرفانها للأكل فيها كراهة ... فما لحصيف الرأي فيهن مأكل
وما يجتني معناه إلا مبرز ... عليم بأسرار القلوب محصل
فأجابني وأملي على الرسول في الحال ارتجالا:
جوابان عن هذا السؤال كلاهما ... صواب وبعض القائلين مضلل
فمن ظنه كرماً فليس بكاذب ... ومن ظنه بخلاً فليس يجهل
لحومهما الأعناب والرطب الذي ... هو الحل والدار الرحيق المسلسل
ولكن ثمار النخل وهي غضيضة ... تعاف وغصن الكرم يجنى ويؤكل
يكلفنا القاضي الجليل مسائلاً ... هي النجم قدراً بل أعز وأطول
ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها ... جديراً ولكن من يجيبك يقبل
فأجبته ثانياً بقولي:
أثار ضميري من يعز نظيره ... من الناس طراً بل أعز وأفضل
تساوي له سر المعاني وجهرها ... وسائرها بادٍ لديه مفصل
ومن قلبه كل العلوم بأسرها ... وخاطره في حدة النار تشعل
ولما أثار الحب قاد صنيعه ... أسيراً بأنواع البيان يكبل
وقربة من كل فهمٍ بكشفه ... وإيضاحه حتى رآه المغفل
وأعجب منه نظمه الدر مسرعاً ... ومرتجلاً من غير ما يتمهل
فيخرج من بحرٍ ويسمو مكانه ... جلالاً إلى حيث الكواكب تنزل
فهنأه الله الكريم بفضله ... محاسنه والعمر منها مطول
فأجابني مرتجلا وأملاه في الحال:
ألا أيها القاضي الذي بدهائه ... سيوف على أهل الضلال تسلل
فؤادك معمور من العلم آهل ... وجدك في كل المسائل مقبل
فإن كنت بين الناس غير ممولٍ ... فأنت من الفهم المصون ممول
إذا أنت خاصمت الخصوم مجادلاً ... فأنت وهم مثل الحمائم أجدل
كأنك علم الشافعي مخاطباً ... ومن قلبه تملي فما تتمهل
وكيف يرى علم ابن إدريس دارساً ... وأنت بإيضاح الهدى متكفل
تفضلت حتى ضاق ذرعي تكرماً ... فقلت وكفى عن جوابك أجمل
لأنك في كنه الثرياً فصاحةً ... وأعلى، ومن يبغى مكانك أسفل
فعذري في أني أحببتك واثقاً ... بفضلك فالإنسان يسهو ويذهل
وأخطأت في إنقاذ رقعتك التي ... هي المجد لي منها أخير وأول
ولكن عداني أن أروم احتفاظها ... رسولك، وهو الفاضل المتفضل
ومن حقها أن يصبح المسك غامراً ... لها وهي في أعلى المنازل تجعل
فمن كان في أشعاره متمثلاً ... فأنت امرؤ في العلم والشعر أمثل
تجملت الدنيا بأنك فوقها ... ومثلك حقاً من به يتجمل