لمقدمـة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فهذا بحث حول مسألة كثُـر الكلام حولها ، والحديث عنها ، قديماً وحديثاً ، ألا وهي : هل منع ابن الصلاح من تصحيح الحديث في العصور المتأخرة إطلاقاً ، أو منع من التصحيح إلا بِقُيود ؟
وهل خالف ابن الصلاح غيره من الأئمة ممن صححوا بعض الأحاديث ، فضعّفها أو العكس ؟
هذا ما سعيت إليه من خلال هذا البحث .
وقد تتبعت أحكام ابن الصلاح من خلال ثلاثة كُتُب :
الأول : فتاوى ابن الصلاح نفسه ، وقد جَعلتُ ما نقلته عنه في آخر البحث لبيان نتيجة البحث .
الثاني : سُبُل السلام ، للإمام الصنعاني .
الثالث : كتاب " نيل الأوطار " للإمام الشوكاني .
واستعنت بالكتابين الأخيرين لأنهما ينقلان أحكام ابن الصلاح على بعض الأحاديث ، وربما كان النقل من مصادر غير متوفِّرة في زماننا هذا .
وقد جعلت البحث من ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : في تحرير محلّ النِّـزاع .
و المبحث الثاني : في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان : الصنعاني والشوكاني .
وقد قسمته إلى أقسام ثلاثة :
القِسْم الأول : في موافقة ابن الصلاح لغيره من الأئمة .
و القِسْم الثاني : في مخالفة ابن الصلاح لغيره من الأئمة .
و القِسْم الثالث : فيما انفرد به ابن الصلاح من تصحيح أو تضعيف .
أما المبحث الثالث : فكان في أحكام ابن الصلاح من خلال " فتاواه " المطبوع بعنوان : فتاوى ومسائل ابن الصلاح في التفسير والحديث والأصول والفقه . ومعه أدب المفتي والمستفتي ( ) .
وإذا خرّجت الحديث ، فإن كان في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيتُ بِذكره لشهرتها ، مُكتفياً برقم الحديث ، وإليه الإشارة بحرف (ح) رمزاً لرقم الحديث .
وإن كان الحديث في غيرهما ذكرت رقمه أيضا مما اعتُمد فيها الرقم ، ولا أذكر الجزء والصفحة إلا عند الحاجة إليه ، كأن يكون الكلام عقب الحديث ، ونحو ذلك .
وإن كان الحديث فيما أنقله من أقوال الأئمة : ابن الصلاح والصنعاني والشوكاني فإني لا أُخرِّجه ، لخروجه عن المقصود ، إلا لزيادة فائدة ، كأن يكون من أخْرَج الحديث تكلّم في الحديث تصحيحاً أو تضعيفاً ونحو ذلك مما تدعو إليه الحاجة .
في مُخالفة ابن الصلاح أو موافقته لغيره قد يتكرر الحديث ، وذلك لأنه قد يُخالِف غيره ، فأذكره في المخالَفَة ، وقد يُوافق غيره فأذكره في الموافقة .
ومثال ذلك أن يُضعِّف حديثا صححه الحاكم – مثلاً – ، ويكون النووي – مثلا – أو ابن حجر ، ضعّفوا الحديث ، ويكون ابن الصلاح ضعّف الحديث ، فأذكره في الموضعين ، مرة لأنه خالِف غيره ، ومرة لأنه وافَق غيره .
وأسأل الله لنا وله العون والتوفيق والسَّداد .