فوائد هامة في الآيات الأولى من سورة آل عِمْران .
الۤمۤ * ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ * إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ * هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ * رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ * رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ . سورة آل عمران ، الآيات : 1 إلى 9 .
- روى مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا "هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ " الآية ثم قال : " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمّاهم الله فاحذروهم ".
- قال القرطبي : أحسن ما قيل في المتشابه والمحكم : أنَّ المحكم ما عُرف تأويله وفهم معناه وتفسيره ، والمتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه دون خلقه ولم يكن لأحدٍ إِلى علمه سبيل ، قال بعضهم : وذلك مثل وقت قيام الساعة ، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدجال ، وعيسى ، ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور .
- آيات القرآن قسمان : محكمات ومتشابهات كما دلت عليه الآية الكريمة ، فإِن قيل : كيف يمكن التوفيق بين هذه الآية وبين ما جاء في سورة هود أن القرآن كلَّه محكمٌ " كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ " الآية : 1 وما جاء في الزمر أن القرآن كلَّه متشابهٌ " نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً " الآية : 23 ؟! فالجواب أنه لا تعارض بين الآيات إذ كل آية لها معنى خاص غير ما نحن في صدده فقوله " أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ " هود : 1 بمعنى أنه ليس به عيب ، وأنه كلامٌ حقٌ فصيح الألفاظ، صحيح المعاني وقوله " كِتَاباً مُّتَشَابِهاً " الزمر : 23 بمعنى أنه يشبه بعضه بعضاً في الحُسن ويصدق بعضه بعضاً، فلا تعارض بين الآيات .
- روى البخاري عن سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس : إِني أجد في القرآن أشياءَ تختلف عليَّ ، قال : ما هو ؟ قال قوله تعالى :" فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ " المؤمنون : 101 وقال : " وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ " الصافات : 27 وقال تعالى : " وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً " النساء : 42 وقال " وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " الأنعام : 23 فقد كتموا في هذه الآية ، وفي النازعات ذكرَ خلق السماء قبل خلق الأرض ، وفي فصِّلت ذَكَر خلق الأرض قبل خلق السماء، وقال : " وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " النساء : 96 " وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً " النساء : 158 " وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً " النساء : 134 فكأنه كان ثم مضى .. فقال ابن عباس : " فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ " المؤمنون : 101 في النفخة الأولى " فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ " الزمر : 68 فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون ، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون ، وأما قوله " مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " الأنعام : 23 " وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً " النساء : 42 فإِن الله يغفر لأهل الإِخلاص ذنوبهم فيقول المشركون تعالوا نقول : لم نكن مشركين ، فختم الله على أفواههم فتنطق جوارحهم بأعمالهم فعند ذلك عُرف أن الله لا يكتم حديثاً وعنده يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ، وخلق الله الأرض في يومين ثم استوى إِلى السماء فسواهنَّ سبع سماوات في يومين ، ثم دحا الأرض أي بسطها فأخرج منها الماء والمرعى وخلق فيها الجبال والأشجار والآكام وما بينها في يومين آخرين فذلك قوله " وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا " النازعات : 30 فخلقت الأرض وما فيها في أربعة أيام وخلقت السماء في يومين ، وقوله " وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " النساء : 96 فسمّى نفسه ذلك أي لم يزل ولا يزال كذلك ، ويحكَ فلا يختلف عليك القرآن فإِن كلاً من عند الله .