قال الله تعالى :
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
معاني الآيات:
يتحدث الله تعالى في هذا القسم من سورة الفتح عن منزلة الرسول الكريم عند الله تعالى وعن بيعة الرضوان من (8-11) كما يبين اعتذارات المخلفين من (11 إلى 14).
لقد أرسلناك يا محمد شهيدا على الخلق يوم القيامة لتؤمنوا به أيها الناس إيمانا راسخا لاشك فيه. وقد جعل الله بيعة المؤمنين لرسوله بالحديبية بيعة لله تعالى وعهدا له. إن الله يعلم السر وما تخفي الأنفس. ومن نقض البيعة فلن يضر إلا نفسه لأنه حرمها الثواب وألزمها العقاب، ومن أوفى بعهده فسيجازيه الله الجزاء الحسن.
يخبر تعالى عن تخلف الأعراب المنافقين باعتذار يعود لكونهم كانوا منشغلين بالأموال والأولاد وهو تخلف اضطراري في رأيهم. والحقيقة أنهم ظنوا أن المسلمين سوف لن يرجعوا أحياء، ففضحهم الله تعالى وأعلم رسوله أنهم مجانبون الحق في اعتذارهم لأنهم منافقون عاصون، يقولون خلاف ما يبطنون.
مع أن الله تعالى يعلم ضمائرهم، فقل لهم يا محمد من يمنعكم من مشيئة الله وقضائه إذا أراد أن يلحق بكم الهزيمة أو النصر لقد كنتم فاسدين شجعهم أيها الرسول عن التوبة عن طريق الإخلاص في العمل الظاهر والباطن، وإلا فإن نار جهنم في انتظارهم. إن الله يرحم من يشاء ويعذب من يشاء.