والخمور و المسكرات معروفة منذ ما قبل التاريخ, كما كانت منتشرة في الجاهلية , فكان من بينتلك النباتات التي أستخدمها الإنسان نباتالقنب الذي يستخرج منه الحشيش و الماريجوانا ,و نبات الخشخاش الذي ينتج الأفيون و الذي يتمتصنيع المورفين و الهيروين و الكودائين منهحالياً , و بعض أنواع الصبار , ونبات الكوكاالذي يصنع منه الكوكائين في العصور الحديثة ,و نباتات ست الحسن و الداتورة وجوزة الطيب وعش الغراب.
فلما جاء الإسلام حرم تعاطيها و الاتجاربها , و أقام الحدود على ساقيها وشاربها والمتجر بها , و قد أكد العلم أضرارها الجسمية والنفسية و العقلية والاقتصادية , و مازالانتشارها , يشكل مشكلة خطيرة تهدد العالم كله .
فبمرورالزمن تعرف الإنسان في عصرنا الحالي علىالنتائج الخطيرة التي تنجم عن استخدام تلكالمخدرات و العقاقير و المركبات و المشروباتالكحولية , بعد أن أصبح الإدمان أحد مظاهرالحياة المعاصرة . وتبين أن استخدام العديد منهذه المواد يؤدي إلى ما يسمى بالاعتمادالبدني و الاعتماد النفسي .
ويشير الاعتماد البدني إلى حالة من اعتمادفسيولوجي للجسم على الاستمرار في تعاطيالمواد التي أعتاد المرء على تعاطيها . و إنالتوقف عن التعاطي يؤدي إلى حدوث أعراض بدنيةمرضية خطيرة يمكن أن تنتهي في ظروف معينة إلىالوفاة , الأمر الذي يجعل المرء يعود مقهوراًإلى استخدام تلك المواد لإيقاف ظهور هذهالأعراض البدنية الخطيرة .
وبعد أن كان المرء يتعاطى العقاقير أوالمركبات أو المخدرات أو الكحوليات بهدفالدخول في حالة من اللذة و البهجة , يصبح تعاطيهذه المواد هادفاً لإيقاف الأعراض البدنيةالمزعجة التي يثيرها التوقف عن التعاطي . وهكذا يصبح المرء أسيراً و عبداً للمادة التيأعتاد على تعاطيها و لا يستطيع الفرار منهاإلا إذا اتخذت أساليب علاجية معينة لفترةطويلة.
وعادة ما يتطور الموقف لأبعد من هذا , حيث يعمدالمتعاطي إلى استخدام مواد أخرى جديدةبالإضافة إلى المواد التي أدمن عليها بهدفنشدان المتعة و المشاعر الأولى التي كانيسـتمتع بها من قبل. إلا أنه بعد فترة وجيزةيعجز عن تحقيـق ذلك , و يصبـح التعاطي هدفـاًفقط إلى إيقـاف الأعراض المؤلمـة - المميتة في بعض الأحيان – التي يعانيمنها المرء بمجرد توقفه عن استخدام تلكالمواد .
وأما فيما يتعلق بالاعتماد النفسي , فان ذلكيشير إلى نشوء رغبة قهرية نفسية شديدة مننشدان الحصول على المادة التي أدمن عليهاالمرء لتعاطيها.
وتدور حياة المرء في حلقة مفرغة , إذ أنه ما أنيتعاطى الجرعة التي أدمن عليها حتى يبدأ فيالبحث عن مصادر يستمد منها الجرعات التالية ,الأمر الذي ينتهي به إلى التدهور اجتماعيا واقتصاديا و مهنياً و إهمال شئون نفسه و أسرته .
لذا يجب علينا أن لا نقف موقف المتفرج , بلعلينا أن نشارك بكل ثقلنا و بكل ما أوتينا منقوة و إمكانات مادية أو معنوية . فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته , فعلى الآباء و المربون وأولو الأمر ملاحظة أبنائهم و احتضانهم واحتوائهم . و في الوقت نفسه يكونوا القدوة والمثل لهم , و العين مفتوحة عليهم وعلىأصدقائهم و الأماكن التي يرتادونها هؤلاءالأبناء .
وعلينا أن نحمى أبنائنا و مستقبلنا الحضاري منهذا الخطر . بل أخطر المعارك التي تهددالمسلمين بالتخلف و التمزق و ضياع الأمل فيالتنمية . إنها مؤامرة تستهدف و تستدرجالمسلمين إلى حروب مهلكة تستهلك طاقاتهم كلها. مؤامرة لإغراق المسلمين في دوامة المخدرات .فبتضافرالجهود و بمزيد من الإيمان بالله سيتم القضاءعلى مشكلة المخدرات