منذ أحداث الحادي عشر من أيلول - سبتمبر 2001، وموضوع الإرهاب مطروح على الساحة الدولية والقطرية بشكل مستمر، وذلك في محاولة لإيجاد سبيل لمكافحته والانتصار عليه، إلا أن الجهود التي بذلت لتحقيق هذا الهدف باءت جميعها بالفشل، لأسباب كثيرة، فبدلا من تقليص قوة الإرهاب وفعاليته، زادت هذه القوة.
السبب في هذا التخبط يعود إلى الفشل الذريع الذي واجهته كل المحاولات التي بُذلت لتعريف الإرهاب، والفصل بين الإرهاب وبين مقاومة الاحتلال، أو الحرب من أجل التحرر والاستقلال، فكل متابع للحوارات التي دارت في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وغيرها من المحافل الدولية المعنية بالأمر، والتي حاولت مناقشة موضوع تعريف الإرهاب، يرى هذا المتابع أن العقبة الأساسية تكمن في تعنت بعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل، بوجوب عدم تعريف الإرهاب.
إضافة إلى ذلك، فإن اصرار هذه الدول على وضع جميع المنظمات المقاتلة ضد الاحتلال والغزو، والتي تعمل على الوصول إلى استقلال، وتلك التي تقود عمليات إرهابية حقيقية، وضعها في بوتقة واحدة، جزء المواقف الدولية وجعلها متفاوتة ومتناقضة في كثير من الأحيان.
كما أن إسقاط فكرة «ارهاب الدولة»، أي الدولة التي تقوم بعمليات ارهابية، من جدول أي أعمال في هذا المضمار، خلق مزيدا من التفاوت في تحديد مفهوم الإرهاب.
وإذا كان التعريف القانوني للارهاب هو استعمال العنف ضد المدنيين، بهدف تحقيق مآرب سياسية أو اجتماعية «على سبيل المثال قتل الأطباء الذين ينفذون عمليات الاجهاض، وتدمير المراكز التي تمارس بها هذه العمليات» فان المفهوم الأمريكي لا يتماشى مع ذلك، لأسباب سياسية محضة في النظرة الشمولية للولايات المتحدة، فلكي تحمي أمريكا إسرائيل، على سبيل المثال، أدرج اسم «حزب الله» على قائمة الارهاب الأمريكية، على الرغم من أن حزب الله قاتل الجيش الاسرائيلي المحتل ولم يقم بقتل المدنيين، في حين معظم ممارسات اسرائيل في لبنان وفلسطين هي ضد المدنيين.
فمنذ وصول جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض عام ألفين، وهو يحاول أن يقنع العالم بوجهة نظرة بالنسبة للإرهاب، فقد صنف بعض الدول على أنها «محور الشر» وأخرى انها تتبنى الارهاب، ووضع المفهوم الأمريكي للإرهاب، والذي تلخص في أن كل دولة لا تقبل هذا المفهوم، ستكون إما مشجعة للإرهاب، أو متبنية له، أي أنها تقف مع الجانب الآخر.