هو ابو عبدالله جابر بن حيان عبدالله الكوفي. ولد في حران في العراق ينسبه بعض المؤرخين الى الصوفية ، وينسبه الفلاسفة انهم واحد من أعيانهم. واهل صناعة الذهب والفضة وان الرئاسة انتهت اليه.ويعتبره الشيعة انه من كبارهم، وانه كان صاحب جعفر الصادق رضي الله عنه وهكذا اختلف المؤرخون في نسبة الرجل العلمية والعقدية،.. لكنه واحداً من الاعيان الذين برعوا في علم الكيمياء واعتمد منهج النظر في الاشياء والتدقيق فيها حتى يصل الى حقيقتها. فهو اول من بشر بالمنهج التجريبي، واعتبر ان التجربة من اهم مراحل العمل، العلمي ويقول (من عرف التجربة عرف كل ما فيها ولا يمكن للعالم ان يصل الى حقيقة الاشياء الا اذا بنى علمه على تجربة توصلّ الى الحقيقة). اورد في كتابه «الخواص الكبير»، ليس يمكن كل يوم العمل والتجربة لترى الرشد فيما نقوله لك، فميزان الاشياء خير اداة للتجربة ومعرفة الطبيعة .
وعلم الميزان عند جابر هو ما اعتبره علماء العصر الحديث بقانون الأوزان المتكاملة .. فليس لأحد ان يعمل ويجرب دون أن يعلم اصول الصنعة ، ومجالات العلم بصورة كاملة.
وخطوات جابر بن حيان في مجال البحث العلمي تنطبق وما يتفق عليه معظم المشتغلين بالمنهج العلمي اليوم وتتلخص في ثلاث خطوات رئيسية:
الخطوة الأولى: ان يستوحي العالم من مشاهداته فرضاً يفرضه ليفسر الظاهرة المراد تفسيرها.
الخطوة الثانية: ان يستنبط من مشاهداته نظرية يبني عليها ما يبحث فيه.
الخطوة الثالثة: ان يعود الى الطبيعة ليرى هل تصدق نظريته ام لا.
ان جابر بن حيان بمنهجه الاستقرائي. اعتمدت عليه النهضة الاوروبية منذ القرن السادس عشر والسابع عشر فهو من أئمة المنهج العلمي بالاضافة الى منزلته العالية في العلوم التي اكتسبها من تجاربه ومشاهداته.
جابر بن حيان، عالم كيميائي. توصل من خلال منهجه التجريبي والاستقرائي الى حقائق كيميائية. استقرت عليها كل علوم الكيمياء. ونورد هنا بعضاً من بحوثه الكثيرة التي توصل اليها بالتجربة والربط بين الملاحظاتالعلمية في مختبره فقد توصل الى انه عند تعريض مختلف مركبات النحاس الى اللهب تكسبه اللون الأزرق، وقد اثبتت صحة نظريته. النظرية الذرية الحديثة حيث ان الالكترونات التي تعود الى عناصر ما تملك من خواص مستويات معينة من الطاقة يتميز بها العنصر وعندما يأخذ العنصر أو احد مركباته طاقة فأن الالكترونيات الخارجية ترتفع الى مستويات اعلى من الطاق، وان هذه المستويات غير مستقرة، فعندما نضع مركبات عنصر ما في اللهب، يأ خذ هذا العنصر طاقة على شكل حرارة منه ، وان اللهب يتلون بلون معين خاص بالعنصر الموجود في اللهب. فاملاح النحاس مثلاً تلون اللهب باللون الأزرق، وهكذا كل عنصر له لون معين اذا تعرض للنار .
ومن البحوث التي توصل اليها جابر بن حيان، ان الشب يساعد على تثبيت الاصباغ على الاقمشة، فمن المعلوم في العلم الحديث ان الألمنيوم، له قابلية في الالتصاق على الالياف التي تصنع منها انسجة القماش، فالشب وهو من املاح الالمنيوم يلتصق على الالياف من ناحية .ومن ناحية اخرى يكون مع الاصباغ املاح معقدة، وبذلك يكون واسطة لربط جزيئات الالوان على القماش .
واستطاع جابر بن حيان ان يتوصل الى تحضير بعض المواد التي تمنع البلل عن الثياب، وهذه المواد هي املاح الالمنيوم. المشتقة من الحوامض العضوية ذات الاجزاء الهيدروكاربونية .
كما توصل جابر بن حيان الى استخدام (كبريتيد الانتيمون) الذي له لون الذهب وقدتمكن من صنع ورق غير قابل للإحتراق. والعلم الحديث لا يعرف هذا النوع من الورق حتى يومنا هذا، وربما استخدم جابر مادة اخرى تمنع احتراق الورق.
عرف جابر بن حيان كثيراً من العمليات الكيميائية. ووصفها وصفاً دقيقاً. ومن ذلك عمليات التبخير والتقطير. والتكليس، والاذابة والتبلور. والتصعيد،واستطاع تحضير
كثيراً من المواد، كنترات الفضة وحامض الازتيك واستطاع بطريقة علمية ان يفصل الذهب عن الفضة وذلك بمحاليل لا تزال مستخدمة حتى الان، ولها شأنها في تقدير عيارات الذهب في المشغولات والسبائك الذهبية حتى يومنا هذا .
مما لا شك فيه ان جابر بن حيان. عبقرية عربية علمية بارزة في علم الكيمياء كان تأثيره واضحاً وكبيراً في اوربا في القرون الوسطى حتي القرن الثامن عشر، عندما ظهر (لافوازيه) وغيره من علماء الكيمياء فى الغرب، ولم يقف جابر عند الآراء النظرية فقط، وانما دخل المختبر واجرى التجارب، وربط الملاحظات على اسس علمية. وهي الاسس التي بنى عليها العلم الحديث منجزاته العلمية في ميدان الكيمياء وفي غيره من الميادين العلمية الاخرى.
ان اعمال جابر بن حيان شهد لها كثير من العلماء في العصر الحديث كأمثال (برتلو ) الذي يقول: جابر بن حيان من اعظم علماء الكيمياء في العصر الوسيط، ويقول (هو لميارد) ان مؤلفات جابر في الكيمياء فتحت آفاق العلوم في هذا المجال، وان العرب في الاسلام، قادوا البشرية الى انوار المعرفة، ولا ينكر فضلهم على الانسانية الا حاقد جاحد.
يقول جابر بن حيان في كتبه: يجب ان يكون في نفس المتعلم استعداد لتلقي العلم، وعليه ان يستخدم عقله مع استخدام العوامل الخارجية. لتدله على درب المعرفة حتى يصبح عالماً من العلماء فان الله اعطى الانسان العقل وامره ان ينظر الى ماحول من ملكوت وان ينظر بالتجربة ليصل الى الحقيقة العلمية ولا يعتمد على ما يسمع بل على ما يرى. وعليه ان يجرب ويمتحن الاشياء فما هو حق اخذه وما هو باطل رفضه. لان الحقائق لا تعرف الا بالتجارب ودقة النظر واعمال العقل .
هكذا جعل جابر التجربة العلمية شرطاً للوصول الى الحقيقة، ووضع اسس الكيمياء الحديثة التي تقوم على اساس الكون الذي يتكون من عناصر مختلفة الخواص، التي منها الغازي والصلب مثل الاكسجين والزئبق والحديد. وقد جعل الله الكون صحيفة علمية مفتوحة . فمن نظر بها بعمق وتجربة. وصل الى حقيقة الاشياء واسعد نفسه وغيره. ومن هنا رفع الله درجة العلماء كلما نظروا في الكون، ابصروا عظمة المكون .
مؤلفات جابر بن حيان :
ألف جابر بن حيان كثيراً من فروع العلم غير الكيمياء، فكتب في الفلسفة، والفلك والطب، والطبيعة، ومن مؤلفاته الموثوق بها :
1ـ كتاب الأحجار وهو أربعة اجزاء.
2ـ كتاب الخاص وهو كتاب الكيمياء .
3ـ كتاب القمر أي كتاب الفضة .
4ـ كتاب الشمس ويعني به الذهب .
5ـ كتاب الأسرار .
6ـ كتاب الزئبق .
7ـ الوصية.
8ـ الحدود.
9ـ اخراج مافي القوه الى الفعل
10ـ كتاب الرحمه
ولجابر كثير من المؤلفات التي تنسب اليه ،ولكنني اوردت الثابت بها،ليعرف القارى ان العرب و المسلمون اسهموا في الحضاره الانسانيه ونقلوا ابجديات العلوم الى الغرب ، فاخذوا بها حيث اهملناها ، وسبقونا حيث تاخرنا، ولا زلنا نقف عند النصوص، دون اعمال العقل ، واستعمال التجربه، وهكذا سقطت عاصمه الحضاره، عندما سقطنا من اعين الدنيا .فلا دنيا اقمنا ولا دين اكتسبنا، اللهم الا مظاهر جوفاء، عمائم كالأبراج وجبب كالأفراج ، والعلم عند الله.