ذكرى المسيرة الخضراءمسيرة الفتح، بل أحدوثة الزمن ووثبة الحق، بل أعجوبة الحسن
لولا حقائق قد أبصرت واقعها لقلت : ضرب من الأوهام لم يكن
قد كنت أنكر أخبارا مشوقة من الملاحم عن سيف بن ذي بزن
حتى رأيت الذي فجرت من عجب فقلت قد نقل الراوي ؛ فلم يمن
فلو رأيت حشودا هب جحفلها ضاق الفضاء بها بلا وهن
تغزو وعدتها ذكر تردده وهمة عقدت عزما فلم تهن
لكنت أبصرت أفواجا مواكبها تمشي على نمط في السير متزن
ولا سلاح سوى إجماع امتنا على مواقفها في وحدة الوطن
لما دعاها من « الحمراء » عاهلنا غداة أبدع فتح القفل بالفطن
وصاح في مسمع الدنيا بخطبته فأذهلت كل ذي لب وذي إذن
دوت رواعدها في كل دانية وكل قاصيه في السهل والحزن
وزلزلت نفرا كانت ضمائرهم : تصلي بنار الأحقاد والاحن
اوهت عزائمهم، عرت مطامعهم فصار ما ستروا منها الى علن
وأحبطت خططا لهم مبيتة وأسقطت كيدهم من ذروة القنن
حتى راو لحج الأفراح مائرة كالسيل في حزن وعر وفي سنن
هبت بها جاريات البر هـــــــــادرة كما يشق عباب الماء بالسفن
عج الفضاء بها في كل ناحـــية واهتزت الأرض من وقع لها مرن (1)
وأجفلت قطر ملأى على ســـــكك شقت مسارب في قرى وفي مدن
تسابق الريح في جرى إذا عصفت كأنما قرنت بالريح في قرن (2)
وفي تخوم الصحراء مقـــــــــفلة دك المشاة سداد (3) الحيف والغبن (4)
واقبلوا يطأون الرمل في شغف ويسألون عن الأرحام والسكن
ويلثمون رمالا طالما حــــــــرموا منها، وطال بها ليل من المحن
ورقرق العلم المنصور مرتفعا وخيم القوم ـ كالأهليين ـ بالقطن (5)
وأحرموا بالصلاة بعد أن شكروا لله ما كف من هول ومن فتن
وحقق المصحف المحفوظ معجزة أخرى ؛ فلم يبق من ريب لممتحن
وتمت الخطة العذراء، وانتصرت عزيمة لم تهن يوما، ولم تلن
عادت الى أهلها « سمراء » نازحة كما يؤوب الى حماة ذو ظغن
وأقبلت ووفود السعد تـــــــــــلأها من بعد ما رسفت في القيد والشطن (6)
وإنجاب عن قطرنا ضيم تحــــــيفه دهرا طويلا مضى في الغم والشجن
فالآن قرت عيون كان يصرفها شجر اليم عن التهويم (7) والوسن
وحقق الشعب آمالا محببــــــــــة بفضل عاهله المستوفر (8) الفطن
قد أنجزت وحدة الأوطان همته فكان ـ حقا ـ عليها خير مؤتمن
أعظم بوقفته والجــــــــــو معتكر والناس ما بين مشدوه ومضطفس
وللمكايد ارقال (9) وقـــــــعقعة من كل ذي طمع مستبشع عفن
لكن عاهلنا جلا فجـــــــــــاء بها عصماء من مدد لديه مختزن
عذراء من فكرة المشبوب رائعة لم يغش غرتها عيب ولم يشن
فزق ما ترك الأذهان ســــــــادرة وخر منه أباة الحق للذقن
فطأطأت رأسها الدنيا لعـــــــاهلنا وقرظته رعاة الفكر واللسن
وبان من اخلصوا في ودنا، وبدأ من حاد عنا، ومن أمسى على دخن
أنا لنشكر همــــــــــــات لإخوتنا لم تنس آصرة القربى ولم تخن
هبت تؤازرنا كما نؤازرهـــــــــا وساندت حقنا في السر والعلن
ولا كآل « سعود » إن هتفت بهم لبوا إذا غيرهم اكبي ولم يعن
وسوف تذكرهم أجـــــيال مغربنا بخير صنع بطيب الذكر مقتون
هي المفاخر قد ألقــــــــت مقاومها الى سليل الكرام من بني حسن
الى الذي حرر الصحراء من رهق وفكها من وثاق الغاشم الخشن
فبورك الحسن الثاني وما صنعت يداه من شرف للدين والوطن
وحقق الله في نجليه بغــــــــــــيته وعاش مستبشرا باليمن والمنن
ودام عرشه للأمجاد يحــــــرسها كما حمى حرمة القرآن والسنن