La princesse Ferdaous نائبة المدير
الإسم الحقيقي : Ferdaous SAMLALI البلد : Maroc
عدد المساهمات : 4555 التنقيط : 56735 العمر : 25 تاريخ التسجيل : 28/10/2011 الجنس :
| موضوع: تفسير سورة هود عليه الصلاة والسلام الإثنين 27 مايو 2013, 13:36 | |
| [center] تفسير سورة هود عليه الصلاة والسلام عدد آياتها 123 ( ) وهي مكية { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ * إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }يقول تعالى: هذا { كِتَابٌ } عظيم، ونزل كريم، { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } أي: أتقنت وأحسنت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه.
{ ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي: ميزت وبينت بيانا في أعلى أنواع البيان، { مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ } يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته، { خَبِيرٌ } مطلع على الظواهر والبواطن.
[center] [center]{ 2 } فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير، فلا تسأل بعد هذا، عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة، وسعة الرحمة . وإنما أنزل الله كتابه لـ { أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ } أي: لأجل إخلاص الدين كله لله، وأن لا يشرك به أحد من خلقه. [center]{ إِنَّنِي لَكُمْ } أيها الناس { مِنْهُ } أي: من الله ربكم { نَذِيرٍ } لمن تجرأ على المعاصي بعقاب الدنيا والآخرة، { وَبَشِيرٌ } للمطيعين لله بثواب الدنيا والآخرة. [center]{ 3 } { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ } عن ما صدر منكم من الذنوب { ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ } فيما تستقبلون من أعماركم، بالرجوع إليه، بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه. [center]ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال: { يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا } أي: يعطيكم من رزقه، ما تتمتعون به وتنتفعون. [center]{ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } أي: إلى وقت وفاتكم { وَيُؤْتِ } منكم { كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي: يعطي أهل الإحسان والبر من فضله وبره، ما هو جزاء لإحسانهم، من حصول ما يحبون، ودفع ما يكرهون. [center]{ وَإِنْ تَوَلَّوْا } عن ما دعوتكم إليه، بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به { فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين، فيجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. [center]وفي قوله: { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } كالدليل على إحياء الله الموتى، فإنه قدير على كل شيء ، ومن جملة الأشياء إحياء الموتى، وقد أخبر بذلك وهو أصدق القائلين، فيجب وقوع ذلك عقلا ونقلا.
[center]{ 5 } { أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [center]يخبر تعالى عن جهل المشركين، وشدة ضلالهم، أنهم { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } أي: يميلونها { لِيَسْتَخْفُوا } من الله، فتقع صدورهم حاجبة لعلم الله بأحوالهم، وبصره لهيئاتهم. [center]قال تعالى -مبينا خطأهم في هذا الظن- { أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } أي: يتغطون بها، يعلمهم في تلك الحال، التي هي من أخفى الأشياء. [center]بل { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } من الأقوال والأفعال { وَمَا يُعْلِنُونَ } منها، بل ما هو أبلغ من ذلك، وهو: { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي: بما فيها من الإرادات، والوساوس، والأفكار، التي لم ينطقوا بها، سرا ولا جهرا، فكيف تخفى عليه حالكم، إذا ثنيتم صدوركم لتستخفوا منه. [center]ويحتمل أن المعنى في هذا أن الله يذكر إعراض المكذبين للرسول الغافلين عن دعوته، أنهم -من شدة إعراضهم- يثنون صدورهم، أي: يحدودبون حين يرون الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يراهم ويسمعهم دعوته، ويعظهم بما ينفعهم، فهل فوق هذا الإعراض شيء؟" [center]ثم توعدهم بعلمه تعالى بجميع أحوالهم، وأنهم لا يخفون عليه، وسيجازيهم بصنيعهم. [center] [center]تفسير الجزء الثاني عشر { 6 } { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }
أي: جميع ما دب على وجه الأرض، من آدمي، أو حيوان بري أو بحري، فالله تعالى قد تكفل بأرزاقهم وأقواتهم، فرزقها على الله.[center]{ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا } أي: يعلم مستقر هذه الدواب، وهو: المكان الذي تقيم فيه وتستقر فيه، وتأوي إليه، ومستودعها: المكان الذي تنتقل إليه في ذهابها ومجيئها، وعوارض أحوالها.[center]{ كُلِّ } من تفاصيل أحوالها { فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } أي: في اللوح المحفوظ المحتوي على جميع الحوادث الواقعة، والتي تقع في السماوات والأرض. الجميع قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، ووسعها رزقه، فلتطمئن القلوب إلى كفاية من تكفل بأرزاقها، وأحاط علما بذواتها، وصفاتها.[center]{ 7 - 8 } { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }[center]يخبر تعالى أنه { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة { و } حين خلق السماوات والأرض { كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } فوق السماء السابعة.[center]فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه، يدبر الأمور، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية. ولهذا قال: { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } أي: ليمتحنكم، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه، فينظر أيكم أحسن عملا.[center]قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه"[center]قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه" ؟.[center]فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل.[center]وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.[center]والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة، وهذا كما قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }[center]وقال تعالى: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته، وأمرهم بذلك، فمن انقاد، وأدى ما أمر به، فهو من المفلحين، ومن أعرض عن ذلك، فأولئك هم الخاسرون، ولا بد أن يجمعهم في دار يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم.[center]ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء، فقال: { وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }[center]أي: ولئن قلت لهؤلاء وأخبرتهم بالبعث بعد الموت، لم يصدقوك، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به، وقالوا: { إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } ألا وهو الحق المبين.[center]{ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ } أي: إلى وقت مقدر فتباطأوه، لقالوا من جهلهم وظلمهم { مَا يَحْبِسُهُ } ومضمون هذا تكذيبهم به، فإنهم يستدلون بعدم وقوعه بهم عاجلا على كذب الرسول المخبر بوقوع العذاب، فما أبعد هذا الاستدلال"[center]{ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ } العذاب { لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ } فيتمكنون من النظر في أمرهم.[center]{ وَحَاقَ بِهِمْ } أي: نزل { مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } من العذاب، حيث تهاونوا به، حتى جزموا بكذب من جاء به.[center]{ 9 - 10 } { وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ }[center]يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان، أنه جاهل ظالم بأن الله إذا أذاقه منه رحمة كالصحة والرزق، والأولاد، ونحو ذلك، ثم نزعها منه، فإنه يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط، فلا يرجو ثواب الله، ولا يخطر بباله أن الله سيردها أو مثلها، أو خيرا منها عليه.[center]وأنه إذا أذاقه رحمة من بعد ضراء مسته، أنه يفرح ويبطر، ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير، ويقول: { ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } أي: فرح بما أوتي مما يوافق هوى نفسه، فخور بنعم الله على عباد الله، وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس، والتكبر على الخلق، واحتقارهم وازدرائهم، وأي عيب أشد من هذا؟"[center]وهذه طبيعة الإنسان من حيث هو، إلا من وفقه الله وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده، وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا، وعند السراء فلم يبطروا، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.[center]{ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم، يزول بها عنهم كل محذور. { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وهو: الفوز بجنات النعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.[center]{ 12 - 14 } { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[center]يقول تعالى - مسليا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، عن تكذيب المكذبين-: { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ } أي: لا ينبغي هذا لمثلك، أن قولهم يؤثر فيك، ويصدك عما أنت عليه، فتترك بعض ما يوحى إليك، ويضيق صدرك لتعنتهم بقولهم: { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ } فإن هذا القول ناشئ من تعنت، وظلم، وعناد، وضلال، وجهل بمواقع الحجج والأدلة، فامض على أمرك، ولا تصدك هذه الأقوال الركيكة التي لا تصدر إلا من سفيه ولا يضق لذلك صدرك.[center]فهل أوردوا عليك حجة لا تستطيع حلها؟ أم قدحوا ببعض ما جئت به قدحا، يؤثر فيه وينقص قدره، فيضيق صدرك لذلك؟![center]أم عليك حسابهم، ومطالب بهدايتهم جبرا؟ { إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } فهو الوكيل عليهم، يحفظ أعمالهم، ويجازيهم بها أتم الجزاء.[center]{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } أي: افترى محمد هذا القرآن؟[center]فأجابهم بقوله: { قُلْ } لهم { فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أنه قد افتراه ، فإنه لا فرق بينكم وبينه في الفصاحة والبلاغة، وأنتم الأعداء حقا، الحريصون بغاية ما يمكنكم على إبطال دعوته، فإن كنتم صادقين، فأتوا بعشر سور مثله مفتريات.[center]{ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ } على شيء من ذلكم { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ } [من عند الله] لقيام الدليل والمقتضي، وانتفاء المعارض.[center]{ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } أي: واعلموا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أي: هو وحده المستحق للألوهية والعبادة، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أي: منقادون لألوهيته، مستسلمون لعبوديته، وفي هذه الآيات إرشاد إلى أنه لا ينبغي للداعي إلى الله أن يصده اعتراض المعترضين، ولا قدح القادحين.[center]خصوصا إذا كان القدح لا مستند له، ولا يقدح فيما دعا إليه، وأنه لا يضيق صدره، بل يطمئن بذلك، ماضيا على أمره، مقبلا على شأنه، وأنه لا يجب إجابة اقتراحات المقترحين للأدلة التي يختارونها. بل يكفي إقامة الدليل السالم عن المعارض، على جميع المسائل والمطالب. وفيها أن هذا القرآن، معجز بنفسه، لا يقدر أحد من البشر أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، بل ولا بسورة من مثله، لأن الأعداء البلغاء الفصحاء، تحداهم الله بذلك، فلم يعارضوه، لعلمهم أنهم لا قدرة فيهم على ذلك.[center]وفيها: أن مما يطلب فيه العلم، ولا يكفي غلبة الظن، علم القرآن، وعلم التوحيد، لقوله تعالى: { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }[center]{ 15 - 16 } { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[center]يقول تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } أي: كل إرادته مقصورة على الحياة الدنيا، وعلى زينتها من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة، من الذهب، والفضة، والخيل المسومة، والأنعام والحرث. قد صرف رغبته وسعيه وعمله في هذه الأشياء، ولم يجعل لدار القرار من إرادته شيئا، فهذا لا يكون إلا كافرا، لأنه لو كان مؤمنا، لكان ما معه من الإيمان يمنعه أن تكون جميع إرادته للدار الدنيا، بل نفس إيمانه وما تيسر له من الأعمال أثر من آثار إرادته الدار الآخرة.[center]ولكن هذا الشقي، الذي كأنه خلق للدنيا وحدها { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } أي: نعطيهم ما قسم لهم في أم الكتاب من ثواب الدنيا.[center]{ وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ } أي: لا ينقصون شيئا مما قدر لهم، ولكن هذا منتهى نعيمهم.[center]{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ } خالدين فيها أبدا، لا يفتَّر عنهم العذاب، وقد حرموا جزيل الثواب.[center]{ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا } أي: في الدنيا، أي: بطل واضمحل ما عملوه مما يكيدون به الحق وأهله، وما عملوه من أعمال الخير التي لا أساس لها، ولا وجود لشرطها، وهو الإيمان.[center]{ 17 } { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ }[center]يذكر تعالى، حال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من ورثته القائمين بدينه، وحججه الموقنين بذلك، وأنهم لا يوصف بهم غيرهم ولا يكون أحد مثلهم، فقال: { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } بالوحي الذي أنزل الله فيه المسائل المهمة، ودلائلها الظاهرة، فتيقن تلك البينة.[center]{ وَيَتْلُوهُ } أي: يتلو هذه البينة والبرهان برهان آخر { شَاهِدٌ مِنْهُ } وهو شاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصحيح، حين شهد حقيقة ما أوحاه الله وشرعه، وعلم بعقله حسنه، فازداد بذلك إيمانا إلى إيمانه.[center]{ و } ثم شاهد ثالث وهو { كِتَابُ مُوسَى } التوراة التي جعلها الله { إِمَامًا } للناس { وَرَحْمَةً } لهم، يشهد لهذا القرآن بالصدق، ويوافقه فيما جاء به من الحق.[center]أي: أفمن كان بهذا الوصف قد تواردت عليه شواهد الإيمان، وقامت لديه أدلة اليقين، كمن هو في الظلمات والجهالات، ليس بخارج منها؟![center]لا يستوون عند الله، ولا عند عباد الله، { أُولَئِكَ } أي: الذين وفقوا لقيام الأدلة عندهم، { يُؤْمِنُونَ } بالقرآن حقيقة، فيثمر لهم إيمانهم كل خير في الدنيا والآخرة.[center]{ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ } أي: القرآن { مِنَ الْأَحْزَابِ } أي: سائر طوائف أهل الأرض، المتحزبة على رد الحق، { فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } لا بد من وروده إليها { فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ منه } أي: في أدنى شك { إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ } إما جهلا منهم وضلالا، وإما ظلما وعنادا وبغيا، وإلا فمن كان قصده حسنا وفهمه مستقيما، فلا بد أن يؤمن به، لأنه يرى ما يدعوه إلى الإيمان من كل وجه.[center]{ 18 - 22 } { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ }[center]يخبر تعالى أنه لا أحد { أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } ويدخل في هذا كل من كذب على الله، بنسبة الشريك له، أو وصفه بما لا يليق بجلاله، أو الإخبار عنه، بما لم يقل، أو ادعاء النبوة، أو غير ذلك من الكذب على الله، فهؤلاء أعظم الناس ظلما { أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ } ليجازيهم بظلمهم، فعندما يحكم عليهم بالعقاب الشديد { يَقُولُ الْأَشْهَادُ } أي: الذين شهدوا عليهم بافترائهم وكذبهم: { هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } أي: لعنة لا تنقطع، لأن ظلمهم صار وصفا لهم ملازما، لا يقبل التخفيف.[center]ثم وصف ظلمهم فقال: { الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } فصدوا بأنفسهم عن سبيل الله، وهي سبيل الرسل، التي دعوا الناس إليها، وصدوا غيرهم عنها، فصاروا أئمة يدعون إلى النار.[center]{ وَيَبْغُونَهَا } أي: سبيل الله { عِوَجًا } أي: يجتهدون في ميلها، وتشيينها، وتهجينها، لتصير عند الناس غير مستقيمة، فيحسنون الباطل ويقبحون الحق، قبحهم الله { وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }[center]{ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ } أي: ليسوا فائتين الله، لأنهم تحت قبضته وفي سلطانه.[center]{ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ } فيدفعون عنهم المكروه، أو يحصلون لهم ما ينفعهم، بل تقطعت بهم الأسباب.[center]{ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ } أي: يغلظ ويزداد، لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم.[center]{ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ } أي: من بغضهم للحق ونفورهم عنه، ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا آيات الله سماعا ينتفعون به { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ } { وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ } أي: ينظرون نظر عبرة وتفكر، فيما ينفعهم، وإنما هم كالصم البكم الذين لا يعقلون.[center]{ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } حيث فوتوها أعظم الثواب، واستحقوا أشد العذاب، { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي: اضمحل دينهم الذي يدعون إليه ويحسنونه، ولم تغن عنهم آلهتهم التي يعبدون من دون الله لما جاء أمر ربك.[center]{ لَا جَرَمَ } أي: حقا وصدقا { أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ } حصر الخسار فيهم، بل جعل لهم منه أشده، لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون من المشقة والعذاب، نستجير بالله من حالهم.[center]ولما ذكر حال الأشقياء، ذكر أوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب، فقال:[center]{ 23 - 24 } { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }[center]يقول تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا, لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده.[center]{ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان. { وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ } أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.[center]{ أُولَئِكَ } الذين جمعوا تلك الصفات { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لأنهم لم يتركوا من الخير مطلبا، إلا أدركوه، ولا خيرا، إلا سبقوا إليه.[center]{ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ } أي: فريق الأشقياء، وفريق السعداء. { كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ } هؤلاء الأشقياء، { وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ } مثل السعداء.[center]{ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا } لا يستوون مثلا، بل بينهما من الفرق ما لا يأتي عليه الوصف، { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } الأعمال، التي تنفعكم، فتفعلونها، والأعمال التي تضركم، فتتركونها.[center]{ 25 - 49 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ }[center]إلى آخر القصة أي: ولقد أرسلنا رسولنا نوحا أول المرسلين إلى قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن الشرك فقال لهم: { إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي: بينت لكم ما أنذرتكم به، بيانا زال به الإشكال.[center]{ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ } أي: أخلصوا العبادة لله وحده، واتركوا كل ما يعبد من دون الله. { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } إن لم تقوموا بتوحيد الله وتطيعوني.[center]{ 27 } { فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ } أي: الأشراف والرؤساء، رادين لدعوة نوح عليه السلام، كما جرت العادة لأمثالهم، أنهم أول من رد دعوة المرسلين.[center]{ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا } وهذا مانع بزعمهم عن اتباعه، مع أنه في نفس الأمر هو الصواب، الذي لا ينبغي غيره، لأن البشر يتمكن البشر، أن يتلقوا عنه، ويراجعوه في كل أمر، بخلاف الملائكة.[center]{ وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } أي: ما نرى اتبعك منا إلا الأراذل والسفلة، بزعمهم.[center]وهم في الحقيقة الأشراف، وأهل العقول، الذين انقادوا للحق ولم يكونوا كالأراذل، الذين يقال لهم الملأ، الذين اتبعوا كل شيطان مريد، واتخذوا آلهة من الحجر والشجر، يتقربون إليها ويسجدون لها، فهل ترى أرذل من هؤلاء وأخس؟.[center]وقولهم: { بَادِيَ الرَّأْيِ } أي: إنما اتبعوك من غير تفكر وروية، بل بمجرد ما دعوتهم اتبعوك، يعنون بذلك، أنهم ليسوا على بصيرة من أمرهم، ولم يعلموا أن الحق المبين تدعو إليه بداهة العقول، وبمجرد ما يصل إلى أولي الألباب، يعرفونه ويتحققونه، لا كالأمور الخفية، التي تحتاج إلى تأمل، وفكر طويل.[center]{ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ } أي: لستم أفضل منا فننقاد لكم، { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } وكذبوا في قولهم هذا، فإنهم رأوا من الآيات التي جعلها الله مؤيدة لنوح، ما يوجب لهم الجزم التام على صدقه.[center]ولهذا { قَالَ } لهم نوح مجاوبا { يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي } أي: على يقين وجزم، يعني، وهو الرسول الكامل القدوة، الذي ينقاد له أولو الألباب، ويضمحل في جنب عقله، عقول الفحول من الرجال, وهو الصادق حقا، فإذا قال: إني على بينة من ربي، فحسبك بهذا القول، شهادة له وتصديقا.[center]{ وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ } أي: أوحى إلي وأرسلني، ومنَّ علي بالهداية، { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } أي: خفيت عليكم، وبها تثاقلتم.[center]{ أَنُلْزِمُكُمُوهَا } أي: أنكرهكم على ما تحققناه، وشككتم أنتم فيه؟ { وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } حتى حرصتم على رد ما جئت به، ليس ذلك ضارنا، وليس بقادح من يقيننا فيه، ولا قولكم وافتراؤكم علينا، صادا لنا عما كنا عليه.[center]وإنما غايته أن يكون صادا لكم أنتم، وموجبا لعدم انقيادكم للحق الذي تزعمون أنه باطل، فإذا وصلت الحال إلى هذه الغاية، فلا نقدر على إكراهكم، على ما أمر الله، ولا إلزامكم، ما نفرتم عنه، ولهذا قال: { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }[center]{ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على دعوتي إياكم { مَا لَا } فستستثقلون المغرم.[center]{ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ } وكأنهم طلبوا منه طرد المؤمنين الضعفاء، فقال لهم: { وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا } أي: ما ينبغي لي، ولا يليق بي ذلك، بل أتلقاهم بالرحب والإكرام، والإعزاز والإعظام { إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } فمثيبهم على إيمانهم وتقواهم بجنات النعيم.[center]{ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ } حيث تأمرونني، بطرد أولياء الله, وإبعادهم عني. وحيث رددتم الحق، لأنهم أتباعه، وحيث استدللتم على بطلان الحق بقولكم إني بشر مثلكم وإنه ليس لنا عليكم من فضل.[center]{ وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ } أي: من يمنعني من عذابه، فإن طردهم موجب للعذاب والنكال، الذي لا يمنعه من دون الله مانع.[center]{ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } ما هو الأنفع لكم والأصلح، وتدبرون الأمور.[center]{ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } أي: غايتي أني رسول الله إليكم، أبشركم، وأنذركم، وأما ما عدا ذلك، فليس بيدي من الأمر شيء، فليست خزائن الله عندي، أدبرها أنا، وأعطي من أشاء، وأحرم من أشاء، { وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } فأخبركم بسرائركم وبواطنكم { وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } والمعنى: أني لا أدعي رتبة فوق رتبتي، ولا منزلة سوى المنزلة، التي أنزلني الله بها، ولا أحكم على الناس، بظني.[center]{ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ } أي: ضعفاء المؤمنين، الذين يحتقرهم الملأ الذين كفروا { لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ } فإن كانوا صادقين في إيمانهم، فلهم الخير الكثير، وإن كانوا غير ذلك، فحسابهم على الله.[center]{ إِنِّي إِذًا } أي: إن قلت لكم شيئا مما تقدم { لَمِنَ الظَّالِمِينَ } وهذا تأييس منه، عليه الصلاة والسلام لقومه، أن ينبذ فقراء المؤمنين, أو يمقتهم، وتقنيع لقومه، بالطرق المقنعة للمنصف.[center]فلما رأوه، لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم، ولم يدركوا منه مطلوبهم { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من العذاب { إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } فما أجهلهم وأضلهم، حيث قالوا هذه المقالة، لنبيهم الناصح.[center]فهلا قالوا: إن كانوا صادقين: يا نوح قد نصحتنا، وأشفقت علينا, ودعوتنا إلى أمر، لم يتبين لنا، فنريد منك أن تبينه لنا لننقاد لك، وإلا فأنت مشكور في نصحك. لكان هذا الجواب المنصف، الذي قد دعي إلى أمر خفي عليه، ولكنهم في قولهم، كاذبون، وعلى نبيهم متجرئون. ولم يردوا ما قاله بأدنى شبهة، فضلا عن أن يردوه بحجة.[center]ولهذا عدلوا - من جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب، وتعجيز الله، ولهذا أجابهم نوح عليه السلام بقوله: { إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ } أي: إن اقتضت مشيئته وحكمته، أن ينزله بكم، فعل ذلك. { وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } لله، وأنا ليس بيدي من الأمر شيء.[center]{ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ } أي: إن إرادة الله غالبة، فإنه إذا أراد أن يغويكم، لردكم الحق، فلو حرصت غاية مجهودي، ونصحت لكم أتم النصح - وهو قد فعل عليه السلام - فليس ذلك بنافع لكم شيئا، { هُوَ رَبُّكُمْ } يفعل بكم ما يشاء، ويحكم فيكم بما يريد { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } فيجازيكم بأعمالكم.[center]{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } هذا الضمير محتمل أن يعود إلى نوح، كما كان السياق في قصته مع قومه، وأن المعنى: أن قومه يقولون: افترى على الله كذبا، وكذب بالوحي الذي يزعم أنه من الله، وأن الله أمره أن يقول: { قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ } أي: كل عليه وزره { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }[center]ويحتمل أن يكون عائدا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه الآية معترضة، في أثناء قصة نوح وقومه، لأنها من الأمور التي لا يعلمها إلا الأنبياء، فلما شرع الله في قصها على رسوله، وكانت من جملة الآيات الدالة على صدقه ورسالته، ذكر تكذيب قومه له مع البيان التام فقال: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } أي: هذا القرآن اختلقه محمد من تلقاء نفسه، أي: فهذا من أعجب الأقوال وأبطلها، فإنهم يعلمون أنه لم يقرأ ولم يكتب، ولم يرحل عنهم لدراسة على أهل الكتاب، فجاء بهذا الكتاب الذي تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله.[center]فإذا زعموا - مع هذا - أنه افتراه، علم أنهم معاندون، ولم يبق فائدة في حجاجهم، بل اللائق في هذه الحال، الإعراض عنهم، ولهذا قال: { قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي } أي: ذنبي وكذبي، { وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ } أي: فلم تستلجون في تكذيبي.[center]وقوله: { وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } أي: قد قسوا، { فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي: فلا تحزن، ولا تبال بهم, وبأفعالهم، فإن الله قد مقتهم، وأحق عليهم عذابه الذي لا يرد.[center]{ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } أي: بحفظنا، ومرأى منا, وعلى مرضاتنا، { وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا } أي: لا تراجعني في إهلاكهم، { إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } أي: قد حق عليهم القول، ونفذ فيهم القدر.[center]فامتثل أمر ربه، وجعل يصنع الفلك { وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ } ورأوا ما يصنع { سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا } الآن { فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ } نحن أم أنتم. وقد علموا ذلك، حين حل بهم العقاب.[center]{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا } أي قدرنا بوقت نزول العذاب بهم { وَفَارَ التَّنُّورُ } أي: أنزل الله السماء بالماء بالمنهمر، وفجر الأرض كلها عيونا حتى التنانير التي هي محل النار في العادة، وأبعد ما يكون عن الماء، تفجرت فالتقى الماء على أمر، قد قدر.[center]{ قُلْنَا } لنوح: { احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } أي: من كل صنف من أصناف المخلوقات، ذكر وأنثى، لتبقى مادة سائر الأجناس وأما بقية الأصناف الزائدة عن الزوجين، فلأن السفينة لا تطيق حملها { وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ }ممن كان كافرا، كابنه الذي غرق.[center]{ وَمَنْ آمَنَ } { و } الحال أنه { مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ }[center]{ وَقَالَ } نوح لمن أمره الله أن يحملهم: { ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } أي: تجري على اسم الله، وترسو على اسم الله، وتجري بتسخيره وأمره.[center]{ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } حيث غفر لنا ورحمنا، ونجانا من القوم الظالمين.[center]ثم وصف جريانها كأنا نشاهدها فقال: { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ } أي: بنوح، ومن ركب معه { فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } والله حافظها وحافظ أهلها { وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ } لما ركب، ليركب معه { وَكَانَ } ابنه { فِي مَعْزِلٍ } عنهم، حين ركبوا، أي: مبتعدا وأراد منه، أن يقرب ليركب، فقال له: { يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } فيصيبك ما يصيبهم.[center]فـ { قَالَ } ابنه، مكذبا لأبيه أنه لا ينجو إلا من ركب معه السفينة.[center]{ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ } أي: سأرتقي جبلا، أمتنع به من الماء، فـ { قَالَ } نوح: { لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ } فلا يعصم أحدا، جبل ولا غيره، ولو تسبب بغاية ما يمكنه من الأسباب، لما نجا إن لم ينجه الله. { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ } الابن { مِنَ الْمُغْرَقِينَ }[center]فلما أغرقهم الله ونجى نوحا ومن معه { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ } الذي خرج منك، والذي نزل إليك، أي: ابلعي الماء الذي على وجهك { وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي } فامتثلتا لأمر الله، فابتلعت الأرض ماءها, وأقلعت السماء، فنضب الماء من الأرض،{ وَقُضِيَ الْأَمْرُ } بهلاك المكذبين ونجاة المؤمنين.[center]{ وَاسْتَوَتْ } السفينة { عَلَى الْجُودِيِّ } أي: أرست على ذلك الجبل المعروف في أرض الموصل.[center]{ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } أي: أتبعوا بعد هلاكهم لعنة وبعدا, وسحقا لا يزال معهم.[center]{ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ } أي: وقد قلت لي: فـ { احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } ولن تخلف ما وعدتني به.[center]لعله عليه الصلاة والسلام، حملته الشفقة، وأن الله وعده بنجاة أهله، ظن أن الوعد لعمومهم، من آمن، ومن لم يؤمن، فلذلك دعا ربه بذلك الدعاء، ومع هذا، ففوض الأمر لحكمة الله البالغة.[center]فـ { قَالَ } الله له: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذين وعدتك بإنجائهم { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } أي: هذا الدعاء الذي دعوت به، لنجاة كافر, لا يؤمن بالله ولا رسوله.[center]{ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي: ما لا تعلم عاقبته،ومآله، وهل يكون خيرا، أو غير خير.[center]{ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [center]أي: أني أعظك وعظا تكون به من الكاملين، وتنجو به من صفات الجاهل [center] | |
|
La princesse Ferdaous نائبة المدير
الإسم الحقيقي : Ferdaous SAMLALI البلد : Maroc
عدد المساهمات : 4555 التنقيط : 56735 العمر : 25 تاريخ التسجيل : 28/10/2011 الجنس :
| موضوع: رد: تفسير سورة هود عليه الصلاة والسلام الإثنين 27 مايو 2013, 13:48 | |
| سورة هود سميت السورة بهذا الإسم لذكر قصة هود (ص)فيها كما فى قوله بسورة هود"وإلى عاد أخاهم هودا". "بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير"المعنى بحكم الله النافع المفيد آيات وحى فصلت أحكامه أى بينت من عند قاض عليم،يبين الله لنا أن اسم الله وهو حكم الرب الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو الر كتاب أحكمت آياته والمراد أحكام وحى فصلت أحكامه مصداق لقوله بسورة فصلت"كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا"وفسر هذا بأنه فصلت أى وضحت من لدن حكيم خبير والمراد من عند قاض عليم بكل شىء "ألا تعبدوا إلا الله إننى لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذى فضل فضله وإن تولوا فإنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير إلى الله مرجعكم وهو على كل شىء قدير"المعنى ألا تطيعوا سوى الله إننى لكم منه مخبر أى مبلغ وأن استعفوا إلهكم أى عودوا إليه يعطيكم نفعا طيبا إلى موعد محدد ويجازى كل صاحب عمل بثوابه وإن تكفروا فإنى أخشى عليكم عقاب يوم عظيم إلى جزاء الله عودتكم وهو لكل أمر يريده فاعل،يطلب من نبيه(ص)أن يقول للناس :ألا تعبدوا إلا الله والمراد ألا تتبعوا وحى سوى وحى الله ،إننى لكم منه نذير أى بشير والمراد إننى لكم منه مبلغ أى مخبر بأحكام الله ،وأن استغفروا ربكم أى استعفوا إلهكم والمراد اطلبوا الرحمة من إلهكم بعودتكم لدينه وفسر هذا بقوله توبوا إليه أى عودوا إلى اتباع دينه تكون النتيجة أنه يمتعكم متاعا حسنا والمراد يرزقكم رزقا واسعا فى كل الأنواع إلى أجل مسمى والمراد حتى موعد محدد هو موعد موتكم وبعد الموت يؤت كل ذى فضل فضله والمراد يعطى كل صاحب عمل صالح أجره مصداق لقوله بسورة النساء"ويؤت من لدنه أجرا عظيما"ويبين للناس أنهم إن تولوا أى كفروا فهو يخبرهم بقوله إنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير والمراد إنى أخشى عليكم دخول عقاب يوم محيط مصداق لقوله بسورة هود"وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط "،إلى الله مرجعكم والمراد إلى جزاء الله عودتكم وهو على كل شىء قدير والمراد لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"والخطاب للناس من النبى(ص). "ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور "المعنى ألا إنهم يعرضون نفوسهم ليبعدوا عنه ألا حين يخدعون أنفسهم يعرف ما يخفون وما يظهرون إنه خبير بنية النفوس ،يبين الله للمؤمنين أن الناس يثنون صدورهم والمراد يضلون أنفسهم أى يخدعون قلوبهم مصداق لقوله بسورة البقرة "يخدعون أنفسهم "والسبب أن يستخفوا من الله والمراد أن يبتعدوا عن طاعة حكم الله وهم فى وقت يستغشون ثيابهم أى وقت يخدعون قلوبهم يعلم ما يسرون وما يعلنون والمراد يعرف الذى يكتمون والذى يظهرون مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"وهو عليم بذات الصدور والمراد خبير بنية النفوس والخطاب للمؤمنين. "وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين "المعنى وما من متحركة فى الأرض إلا على الله نفعها ويعرف بيتها ومخزنها كل فى سجل عظيم ،يبين الله لنا أن كل دابة أى كائن حى فى الأرض على الله رزقه والمراد فرض على الله نفعه بالمأكل والمشرب وغيره والله يعلم أى يعرف مستقر الدابة وهو بيتها ويعلم مستودعها والمراد يعرف مخزنها وهو بيتها فى غالب الأحوال وكل ذلك وهو الرزق والمستقر والمستودع مسجل عند الله فى كتاب مبين أى سجل عظيم هو الزبر مصداق لقوله بسورة القمر"وكل شىء فعلوه فى الزبر"والخطاب وما بعده للناس. "وهو الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين "المعنى وهو الذى فطر السموات والأرض فى ستة أيام وكان ملكه من ماء ليختبركم أيكم أفضل فعلا ولئن قلت إنكم عائدون من بعد الوفاة ليقولن الذين كذبوا إن هذا إلا خداع كبير،يبين الله للمؤمنين أنه هو الذى خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "مصداق لقوله بسورة الأنعام وتم الخلق فى ستة أيام أى ستة آلاف عام بحساب البشر لقوله بسورة الحج "وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون"ويبين لنا أن عرشه وهو ملكه أى كونه من ماء أى مخلوق من الماء مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وجعلنا من الماء كل شىء حى"والسبب فى خلق الكون أن يبلونا أينا أحسن عملا والمراد أن يختبرنا ليعرف أينا أفضل دينا ،ويبين للنبى (ص)أنه إذا قال للكفار إنكم مبعوثون من بعد الموت والمراد إنكم عائدون للحياة بعد الوفاة فى الدنيا إلى حياة البرزخ والقيامة فسيكون رد الذين كفروا أى كذبوا حكم الله :إن هذا لسحر مبين والمراد إن هذا لخداع كبير وهم بهذا يقضون أنه يكذب عليهم. "ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "المعنى ولئن منعنا عنهم العقاب إلى موعد محدد ليقولن ما يمنعه ألا يوم ينزل بهم ليس ممنوعا عنهم ونزل بهم الذى كانوا به يكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن أخر عن الكفار العذاب إلى أمة معدودة والمراد إن منع عنهم نزول العقاب عليهم إلى موعد محدد هو موعد نزول العذاب يكون ردهم ما يحبسه أى ما يمنعه والمراد أنه لا يوجد عذاب لأنه لم ينزل على الفور وهم يعرفون أن الله أجل عذابهم من خلال الوحى المنزل ،ويبين له أن يوم يأتيهم والمراد يوم يصيبهم العذاب فهو ليس مصروفا عنهم والمراد ليس مبعدا عنهم أبدا وفى هذا اليوم يكون حاق بهم الذى كانوا به يستهزءون والمراد أصابهم العذاب الذى كانوا به يكذبون فى الدنيا والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص). "ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس قنوط ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير"المعنى ولئن أعطينا الفرد منا نعمة ثم أخذناها منه إنه لمحبط كاذب ولئن أعطيناه رحمة بعد أذى أصابه ليقولن زال الأذى عنى إنه لمسرور متكبر إلا الذين آمنوا وفعلوا الحسنات أولئك لهم رحمة أى ثواب عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا أذاق الإنسان رحمة منه مصداق لقوله بسورة هود"ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة" ثم نزعها منه والمراد إذا أعطى الفرد خير من عنده ثم سحبه منه فإن الفرد يكون يئوس قنوط والمراد خواف مكذب بحكم الله وأما إذا أذاقه نعماء من بعد ضراء مسته والمراد إذا أعطاه نفع من بعد أذى أصابه يقول ذهب السيئات عنى والمراد زالت الأضرار عنى وهو بهذا فرح فخور أى مسرور بالنفع متكبر بسبب هذا على طاعة حكم الله ما عدا الذين صبروا أى آمنوا بحكم الله وعملوا الصالحات وهم الذين فعلوا الحسنات فلهم مغفرة أى رحمة من الله وفسرها بأنها أجر كبير أى ثواب كريم مصداق لقوله بسورة الحج"فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كريم". "فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شىء وكيل "المعنى فلعلك مخالف بعض الذى يلقى لك وحزين به قلبك أن يقولوا هلا أعطى له مال أو أتى معه ملاك إنما أنت مبلغ للوحى والله على كل أمر حفيظ ،يبين الله لرسوله(ص) أنه لعله تارك بعض ما يوحى إليه والمراد لعله مخالف الذى يلقى له من الله وضائق به صدرا والمراد ومغموم به نفسا والسبب هو قول الكفار لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك والمراد هلا ألقى له مال عظيم أو جاء معه ملاك فيكون نذير معه مصداق لقوله بسورة الفرقان"لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذير أو يلقى إليك كنز"وهذا يعنى أنهم يطلبون منه معجزات هى الكنز والملاك ولكنه يعرف من الوحى المغموم به أن الله لن يعطى له معجزات ،ويبين له أنه نذير أى مبلغ أى مذكر بالوحى مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنما أنت مذكر"ويبين له أن الله على كل شىء وكيل والمراد لكل أمر حفيظ . "أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين"المعنى هل يقولون اختلقه قل فهاتوا من مصدره عشر سور مقولات واستعينوا بمن قدرتم من سوى الله إن كنتم عادلين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون افتراه أى اختلقه محمد(ص)والمراد تقوله من عنده مصداق لقوله بسورة الطور"أم يقولون تقوله"ويطلب منه أن يقول لهم فأتوا بعشر سور مثله مفتريات والمراد فهاتوا عشر مجموعات من مصدره مقولات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين والمراد واستعينوا بمن قدرتم من سوى الله إن كنتم عادلين فى قولكم أنه افتراه وهذا يعنى أنه يطلب من الكفار المجىء بعشر سور كسور القرآن مع الإستعانة بالآلهة المزعومة لجلب السور من عند الله . "فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون"المعنى فإن لم يحضروا السور فاعرفوا أنما ألقى بمعرفة الله وأن لا رب سوى الله فهل أنتم مطيعون له ؟يبين الله للمؤمنين أن الكفار إلم يستجيبوا لهم والمراد إن لم يحققوا طلبهم وهو المجىء بعشر سور مثل القرآن فعليهم أن يعلموا أى يعرفوا التالى أنما أنزل بعلم الله والمراد أن القرآن ألقى بأمر الله وأن لا إله أى رب إلا هو ويسأل الله الناس فهل أنتم مسلمون أى مطيعون لحكم الله والغرض من السؤال إخبار الكل أن دين الله هو الإسلام . "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم فى الآخرة إلا النار وحبط عنهم ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون "المعنى من كان يحب المعيشة الأولى أى متاعها نعطى لهم أجورهم فيها وهم فيها لا يظلمون أولئك ليس لهم فى القيامة سوى النار وبطل ما عملوا فيها أى خاسر الذى كانوا يصنعون،يبين الله للنبى(ص) أن من كان يريد الحياة الدنيا أى زينتها والمراد من كان يحب حرث المعيشة الأولى وهو متاعها مصداق لقوله بسورة الشورى "ومن كان يريد حرث الدنيا "نوف إليهم أعمالهم والمراد نعطى لهم أجورهم أى نؤت لهم متاعهم مصداق لقوله بنفس الآية "نؤته منها "وهم فيها لا يبخسون أى "لا يظلمون "كما قال بسورة آل عمران ويبين له أن ليس لطالبى الدنيا فى الآخرة وهى القيامة إلا النار وهى جهنم ويبين له أنه حبط ما صنعوا فيها والمراد خسر الذى عملوا فى الدنيا أى حبط مصداق لقوله بسورة الأنعام"لحبط عنهم ما كانوا يعملون" وفسر هذا بأنه باطل ما كانوا يعملون والمراد زائل أجر الذى كانوا يفعلون لأنهم أخذوا أجرهم وهو طيباتهم فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الأحقاف "أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا ". "أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك فى مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"المعنى هل من كان على هدى من إلهه ويطيعه الحاضر منه ومن قبله وحى موسى(ص)مرشدا أى نافعا أولئك يصدقون به ومن يكذب به من الفرق فجهنم مقامه فلا تصبح فى شك منه إنه العدل من إلهك ولكن معظم الخلق لا يصدقون ،يسأل الله :أفمن كان على بينة من ربه والمراد هل من كان على هدى من خالقه ويتلوه شاهد منه والمراد ويطيع الموجود من الهدى ومن قبله كتاب أى توراة موسى (ص)إماما أى مرشدا أى رحمة أى نفعا كمن زين له سوء عمله مصداق لقوله بسورة محمد"أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله"والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين والكفار أن المؤمن لا يستوى بالكافر وأن المؤمن يؤمن بوحى محمد(ص)ووحى موسى (ص) ويطيعه ،ويبين الله لنا أن المؤمنين يؤمنون به والمراد يصدقون بالوحى كله وأما من يكفر أى يكذب بالوحى من الأحزاب وهى الفرق فالنار موعده والمراد أن جهنم هى مقامه ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول فلا تك فى مرية منه والمراد فلا تكن فى شك من الوحى وهذا يعنى ألا يكذب الوحى لأنه الحق من ربه والمراد العدل من عند الرب ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يشكرون أى لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة البقرة "ولكن أكثر الناس لا يشكرون " والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى (ص). "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون "المعنى ومن أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا أولئك يدخلون نار إلههم ويقول الشهود هؤلاء الذين افتروا على الله ألا غضب الله على الكافرين الذين يردون عن دين الله ويريدونها منحرفة وهم بالقيامة هم مكذبون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأظلم وهو الكافر أى الأضل مصداق لقوله بسورة الأحقاف "ومن أضل"وهو الذى افترى على الله كذبا والمراد الذى نسب إلى الله أحكام الباطل وهم يعرضون على ربهم أى يعذبون فى نار خالقهم والمراد يمررون على نار ربهم غدوا وعشيا مصداق لقوله بسورة غافر "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا "ويقول الأشهاد وهم الأنبياء(ص)ورؤساء المسلمين فى عصورهم :هؤلاء الذين كذبوا على ربهم والمراد هؤلاء الذين افتروا على خالقهم الكذب ألا لعنة الله على الظالمين والمراد ألا غضب وهو عقاب الله للكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة"فلعنة الله على الكافرين"وهم الذين يصدون عن سبيل الله والمراد وهم الذين يبعدون أنفسهم عن طاعة حكم الله ويبغونها عوجا والمراد ويريدون الدنيا منحرفة أى محكومة بالجهل مصداق لقوله بسورة المائدة"أفحكم الجاهلية يبغون"وهم بالآخرة هم كافرون والمراد وهم بالقيامة هم مكذبون لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنعام"والذين لا يؤمنون بالآخرة ". "أولئك لم يكونوا معجزين فى الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم فى الآخرة هم الأخسرون "المعنى أولئك لم يصبحوا منتصرين فى البلاد وما كان لهم من سوى الله من أنصار يزاد لهم العقاب ما كانوا يتبعون الحق أى ما كانوا يطيعون أولئك الذين أهلكوا ذواتهم وتبرىء منهم الذى كانوا يزعمون لا كذب أنهم فى القيامة هم المعذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار لم يكونوا معجزين فى الأرض والمراد لم يصبحوا منتصرين فى البلاد مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على الهرب من عقاب الله وما كان لديهم من دون الله أولياء والمراد وما كان عندهم من سوى الله أنصار ينقذونهم من العقاب ،ويبين له أنه يضاعف لهم العذاب والمراد يزاد لهم العقاب مصداق لقوله بسورة النحل"وزدناهم عذابا فوق العذاب "والكفار ما كانوا يستطيعون السمع والمراد ما كانوا يطيعون حكم الله وفسر هذا بأنهم ما كانوا يبصرون أى لا يتبعون حكم الله ويبين له أن الكفار هم الذين خسروا أنفسهم والمراد الذين أهلكوا ذواتهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن يهلكون إلا أنفسهم "وضل عنهم ما كانوا يفترون والمراد تبرىء منهم الذى كانوا يزعمون وهم الآلهة التى زعموا عبادتها مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون"ويبين أن لا جرم أى لا كذب فى القول التالى أنهم فى الآخرة هم الأخسرون والمراد أنهم فى القيامة هم المعذبون فى النار مصداق لقوله بسورة النحل"لا جرم أن لهم النار". "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "المعنى إن الذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات أى أنابوا إلى خالقهم أولئك أهل الحديقة هم فيها مقيمون ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات وفسرهم بأنهم أخبتوا إلى ربهم أى أنابوا إلى دين الله مصداق لقوله بسورة الزمر "وأنابوا إلى الله"هم أصحاب الجنة أى سكان الحديقة هم فيها خالدون أى مقيمون أى ما كثين فيها مصداق لقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"والخطاب للنبى(ص). "مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون "المعنى شبه الجمعين كالمكفوف والأصم والرائى والسامع هل يتساويان جزاء أفلا تفهمون؟يبين الله للناس أن مثل الفريقين والمراد أن شبه جماعة المسلمين وجماعة الكفار كالأعمى وهو الضرير والأصم وهم الذى لا يتكلم والبصير وهو الرائى والسميع وهو مميز الكلام فالمسلمين يشبهون البصير والسميع فى أنهم يرون آيات الله ويسمعون كلامه فيطيعونه والكفار يشبهون الأعمى والأصم فى أنهم يتخبطون فى الطرق ولا يعلمون مصلحتهم ويسأل الله هل يستويان مثلا والمراد هل يتساويان جزاء ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلمين جزاءهم غير جزاء الكفار ويسأل أفلا تذكرون أى تعقلون مصداق لقوله بسورة يوسف"أفلا تعقلون"والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الواجب عليهم هو التذكر لما قاله حتى يفهموا الحق والخطاب للناس. "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إنى لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم "المعنى ولقد بعثنا نوحا (ص)إلى شعبه إنى لكم مبلغ أمين أن لا تطيعوا إلا الله إنى أخشى عليكم عقاب يوم شديد،يبين الله أنه أرسل والمراد بعث نوح(ص)إلى قومه وهم شعبه الذى يعيش معهم فقال لهم :إنى لكم نذير مبين أى "إنى لكم رسول أمين"كما قال بسورة الشعراء والمراد إنى لكم مبلغ صادق للوحى :أن لا تعبدوا أى لا تطيعوا حكم إلا حكم الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم والمراد إنى أخشى عليكم عقاب يوم عظيم مصداق لقوله بسورة الأعراف"إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"وهذا القول يريهم أنه خائف على مصلحتهم ولا يريد سواها والخطاب هنا وما بعده من قصص هو للنبى(ص)ومنه للناس . "فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين"المعنى فقال الكبار الذين كذبوا من شعبه ما نعلمك إلا إنسانا شبهنا وما نعلمك أطاعك إلا الذين هم أوساخنا أول الحكم وما نعلم لكم علينا من نعمة إنا نعرفكم مفترين ،يبين الله أن الملأ وهم السادة الذين كفروا أى كذبوا حكم الله من قومه وهم شعبه قالوا لنوح(ص)والمؤمنين :ما نراك إلا بشرا مثلنا والمراد إنا نعرفك إنسانا شبهنا وهذا يعنى أنه لا يزيد عنهم فى شىء حتى يكون رسولا لله ،وقالوا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا والمراد إنا نعرفك أطاع حكمك الذين هم أوساخنا بادى الرأى أى فى أول الأمر وهذا يعنى أنهم يسمون المؤمنين أوساخ وقمامة ،وقالوا وما نرى لكم علينا من فضل والمراد ولا نعلم لكم ميزة تتميزون بها علينا حتى تكونوا على الحق ونحن على الباطل ،بل نظنكم كاذبين والمراد إنا نعرف أنكم مفترين أى ناسبين الباطل لله. "قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون"المعنى قال يا شعبى أعلمتم إن كنت على علم من خالقى أى أعطانى حكم من لديه فخفيت عليكم أنجبركم عليها وأنتم لها باغضون ،يبين الله أن نوح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا شعبى أرأيتم إن كنت على بينة من ربى والمراد أعرفتم إن كنت على دين من إلهى أى أتانى رحمة من عنده والمراد أعطانى علم من لدنه؟والغرض من السؤال إخبارهم أنهم يعرفون أن الله أعطاه الدين وهو العلم الذى أبلغهم به ولكنه عمى عليهم أى ضلت عنهم والمراد بعد عنهم الإيمان وسألهم أنلزمكموها والمراد هل نجبركم على الدين وأنتم له كارهون أى مخالفون له ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الإجبار على الدين محرم . "ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجرى إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكنى أراكم قوما تجهلون " المعنى ويا شعبى لا أطالبكم عليه متاعا إن ثوابى من الله وما أنا بمبعد الذين صدقوا الوحى إنهم مقابلوا خالقهم ولكنى أعرفكم ناسا تكفرون ،يبين الله أن نوح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا شعبى لا أسألكم عليه مالا والمراد لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بمتاع وهذا يعنى أنه لن يطلب منهم متاعا له مقابل إبلاغ الدين،إن أجرى إلا على الله والمراد إن ثوابى من عند الله ،وما أنا بطارد الذين آمنوا والمراد وما أنا بمبعد الذين صدقوا الوحى عنى ،وهذا يعنى أنه لن يبعد المؤمنين عنه أبدا إنهم ملاقوا ربهم والمراد إنهم داخلوا جنة إلههم ولكنى أراكم قوما تجهلون والمراد ولكنى أعلمكم ناسا تكفرون وهذا يعنى أنه يتهمهم بالجهل وهو الكفر. "ويا قوم من ينصرنى من الله إن طردتهم أفلا تذكرون "المعنى يا شعبى من ينقذنى من عقاب الله إن أبعدتهم أفلا تعقلون ؟يبين الله أن نوح(ص)سأل قومه يا قوم من ينصرنى من الله إن طردتهم والمراد من ينجينى من عذاب الله إن أبعدتهم عنى ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن لا أحد منهم يقدر على إنقاذه من عذاب الله أفلا تذكرون أى تعقلون مصداق لقوله بسورة الأنعام"أفلا تعقلون "والغرض من السؤال إخبارهم أنهم مجانين لا يفهمون . "ولا أقول إنى ملك ولا أقول للذين تزدرى أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما فى أنفسهم إنى إذا لمن الظالمين "المعنى ولا أزعم إنى ملاك ولا أقول للذين تحتقر أنفسكم لن يعطيهم الله فضلا الله أعرف بالذى فى قلوبهم إنى إذا من الكافرين ،يبين الله أن نوح(ص)قال لقومه ولا أقول لكم أنى ملك أى ملاك من الملائكة وهذا يعنى أنه ينفى عن نفسه أنه من الملائكة ،ولا أقول للذين تزدرى أعينكم والمراد لا أقول للذين تحتقر أنفسكم وهذا يعنى أنهم يستصغرون المؤمنين الضعاف :لن يؤتيهم الله خيرا والمراد لن يعطيهم الله ثوابا وهذا يعنى أنه يخبرهم أن للمؤمنين ثواب خير،الله أعلم بما فى أنفسهم والمراد الله أعرف بالذى فى قلوبهم وهذا يعنى أن الله سيحاسبهم على ما فى قلوبهم ،إنى إذا لمن الظالمين أى الكافرين المخالفين لحكم الله. "قالوا يا نوح لقد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين"المعنى قالوا يا نوح(ص)لقد حاورتنا فزدت حوارنا فجئنا بالذى تقول لنا إن كنت من العادلين ،يبين الله أن القوم قالوا لنوح(ص):يا نوح لقد جادلتنا أى حاججتنا فأكثرت من جدالنا أى فزدت من حجاجنا والمراد أن نوح(ص)تكلم معهم كلاما كثيرا فيه حجج وبراهين وقد ملوا من الكلام،وقالوا ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعذاب الله الذى تخبرنا إن كنت من العادلين فى قولك مصداق لقوله بسورة العنكبوت"ائتنا بعذاب الله "وهذا يعنى أنهم يريدون إنهاء الحوار بإحضار نوح(ص)للعذاب من الله وهو الذى يهددهم به إن كان محقا فى قوله . "قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون "المعنى قال إنما يجيئكم به الله إن أراد وما أنتم بمنتصرين ولا يفيدكم قولى إن أحببت أن أفيدكم إن كان الله يحب أن يعذبكم هو إلهكم وله تعودون ،يبين الله أنه قال للقوم إنما يأتيكم به الله والمراد إن الله يجيئكم بالعذاب إن شاء أى أراد أن يعذبكم وفسر هذا بقوله وما أنتم بمعجزين والمراد ولستم منتصرين مصداق لقوله بسورة الذاريات "وما كانوا منتصرين"أى لستم هاربين من عذاب الله وفسر هذا بقوله ولا ينفعكم نصحى إن أردت أن أنصح لكم والمراد ولا يمنع عنكم وعظى إن أحببت أن أفيدكم إن كان الله يريد أن يغويكم والمراد إن كان الله يحب أن يعذبكم وهذا يعنى أن الوعظ لا يفيد إذا أراد الله أن يعذب القوم والسبب أنهم لا يؤمنون به ،هو ربكم أى إلهكم وإليه ترجعون أى "وإليه تحشرون"كما قال بسورة الملك والمراد تعودون إلى جزاء الله. "أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامى وأنا برىء مما تجرمون"المعنى هل يزعمون اختلقه قل إن اختلقته فعلى جزائى وأنا معتزل للذى تعبدون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الكفار يقولون افتراه أى تقوله من عند نفسه مصداق لقوله بسورة الطور "أم يقولون تقوله"ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إن افتريته فعلى إجرامى والمراد إن تقولته من عندى فعلى عقاب عملى وأنا برىء مما تجرمون والمراد وأنا معتزل للذى تعملون مصداق لقوله بسورة يونس"وأنا برىء مما تعملون "وهذا يعنى أنه معتزل لما يعبد القوم والمراد مخالف للدين الذى يطيع الكفار والخطاب للنبى(ص)والآية موضوعة فى وسط القصة دون سبب . "وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون "المعنى وألقى إلى نوح (ص)أنه لن يصدق من شعبك إلا من قد صدق فلا تحزن على ما كانو يعملون ،يبين الله أن الله أوحى أى قال لنوح (ص) إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن والمراد لن يصدق برسالتك من شعبك إلا من صدق من قبل وهذا يعنى أن المؤمنين لن يزيد عددهم أى زيادة فلا تبتئس بما كانوا يفعلون والمراد فلا تحزن على ما كانوا يعملون من الكفر مصداق لقوله بسورة لقمان "فلا يحزنك كفره"وقوله بسورة يوسف"فلا تبتئس بما كانوا يعملون "وهذا يعنى أنه عليه ألا يحزن بسبب استمرار كفر القوم لأن هذا الحزن لن يفيده. "واصنع الفلك بأعيينا ووحينا ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون"المعنى وابن السفينة بأمرنا أى كلامنا ولا تحدثنى فى الذين كفروا إنهم معذبون،يبين الله لنبيه (ص)أنه طلب من نوح(ص)أن يصنع الفلك والمراد أن يبنى السفينة بأعين الله وفسره بأنه وحى الله وهو حديث الله وهو أمر الله وطلب منه ألا يخاطبه فى الذين ظلموا والمراد ألا يحدثه فى رحمة الذين كفروا بحكمه والسبب أنهم مغرقون أى هالكون أى معذبون . "ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم "المعنى ويبنى السفينة وكلما فات عليه بعض من شعبه ضحكوا عليه قال إن تضحكوا علينا فإنا نضحك منكم كما تضحكون علينا فسوف تعرفون من يجيئه عقاب يذله أى يدخل فى عقاب مستمر ،يبين الله أن نوح(ص)كان يصنع الفلك والمراد يشيد السفينة وشيد نوح(ص)السفينة وكلما مر عليه ملأ من قومه والمراد وكلما فات عليه جمع من كفار شعبه سخروا منه أى استهزءوا به أى ضحكوا عليه فيقول لهم إن تسخروا منا والمراد إن تستهزءوا بنا أى تضحكوا علينا الآن فإنا نسخر منكم كما تسخرون والمراد فإنا نستهزىء بكم كما استهزءتم بنا والمراد فإنا نضحك عليكم كما ضحكتم علينا فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه والمراد فسوف تعرفون من ينزل به عقاب يذله وفسر هذا بقوله ويحل عليه عذاب مقيم أى ينزل به عقاب مستمر وهذا يعنى أنهم سوف يعرفون فى المستقبل لمن العذاب الباقى فى النار . "حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها إن ربى لغفور رحيم "المعنى حتى إذا أتى عذابنا وخرج الماء قلنا أركب فيها من كل نوع فردين اثنين وأسرتك إلا من صدق فيه الحديث ومن صدق وما صدق به إلا قليل وقال ادخلوا فيها بحكم الله مسيرها وموقفها إن إلهى لعفو مفيد،يبين الله أنه لما جاء أمرنا والمراد لما تحقق عقاب الله ففار التنور والمراد فخرج الماء من الأرض والسماء قلنا لنوح(ص)احمل فيها من كل زوجين اثنين والمراد أركب فيها من كل نوع فردين اثنين وهذا يعنى أن يحمل معه من كل نوع من مخلوقات الأرض ذكر وأنثى و أهلك إلا من سبق فيه القول والمراد وأسرتك إلا من نزل فيه الوحى أنه لا يؤمن وهو ابنه وزوجته والقول هو "لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن "ولم يكن ولده وزوجته قد آمنا ،ومن آمن والمراد ومن صدق برسالتك ،ويبين الله لنا أنه ما آمن معه إلا قليل والمراد أنه ما صدق برسالته سوى عدد قليل فقال لهم نوح(ص)اركبوا فيها والمراد ادخلوا فى السفينة بسم الله مجريها ومرسيها والمراد بحكم الله مسيرها وموقفها وهذا يعنى أن الله هو القادر وحده على تحريكها وهو القادر وحده على إيقافها ،إن ربى لغفور رحيم والمراد إن إلهى لنافع مفيد للمؤمنين . "وهى تجرى بهم فى موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين "المعنى وهى تسير بهم فى ماء متحرك كالجبال وحدث نوح(ص)ولده وكان فى منعة يا ولدى ادخل معنا ولا تصبح مع المكذبين ،يبين الله أن السفينة كانت تجرى بالمؤمنين فى موج كالجبال والمراد تسير بهم فى ماء يشبه فى ارتفاعه ارتفاع الجبال فنادى نوح(ص)ابنه والمراد أن نوح (ص)حدث ولده خوفا عليه من الهلاك فقال يا بنى اركب معنا ولا تكن من الكافرين والمراد يا ولدى ادخل السفينة معنا ولا تصبح مع المكذبين وهذا النداء يبين لنا أن عاطفة الأبوة غلبت الحق فى نفس نوح(ص)فمع علمه أن ابنه لن يؤمن كما قال الله "لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن "دعا ابنه للإيمان بالركوب فى السفينة . "قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين "المعنى قال سألجأ إلى مرتفع يمنعنى من الغرق قال لا مانع اليوم من عذاب الله إلا من نفع الله وفصل بينهما الماء المتحرك فكان من الهالكين ،يبين الله أن ابن نوح قال لنوح(ص)سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء والمراد سأصعد على مرتفع يحمينى من الغرق وهذا يعنى أنه ظن أن ارتفاع الجبل سيحميه من الغرق فى الماء فقال له نوح(ص)لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم والمراد لا مانع اليوم من عقاب الله إلا من نفعه الله وهذا يعنى أنه أخبره أن الله يمنع العذاب عن من آمن ،وبين لنا أن الموج وهو الماء المرتفع حال بينهما أى حجز بينهما فكان الولد من الغارقين أى الهالكين فى الماء . "وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء اقلعى وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين "المعنى وقيل يا يابس اسحب ماءك ويا سحاب كف وبعد الماء وانتهى الطوفان واستقرت على المنزل المبارك وقيل ويلا للقوم الكافرين ،يبين الله أنه قال للأرض يا أرض ابلعى ماءك والمراد يا يابس اسحب ماءك إلى جوفك فسحب الماء لجوفه وقال للسماء :يا سماء اقلعى أى يا سحاب كف عن المطر فكف عن المطر وبهذا غيض الماء أى نقص الماء وعاد للوضع الأساسى وقضى الأمر والمراد وانتهى العذاب وهو الطوفان واستوت على الجودى والمراد واستقرت السفينة عند البيت الحرام لأنه قال كما بسورة المؤمنون "وقل رب أنزلنى منزلا مباركا "والبركة هى فى مكة وقيل بعدا للقوم الظالمين والمراد وقيل هلاكا للناس الكافرين الذين لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فبعدا لقوم لا يؤمنون". "ونادى نوح ربه فقال رب إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين "المعنى ودعا نوح(ص)خالقه فقال خالقى إن ولدى من أسرتى وإن قولك الصدق وأنت خير القاضين،يبين الله أن عاطفة الأبوة غلبت نوح(ص)فنادى ربه والمراد فدعا الله إلهه فقال رب إن ابنى من أهلى والمراد خالقى إن ولدى من أسرتى وإن وعدك الحق أى وإن وحيك الصدق وأنت أحكم الحاكمين والمراد وأنت خير القضاة وهذا الدعاء يبين لنا أن نوح(ص)يطلب من الله إنقاذ ابنه من العذاب بدعوى أنه من أهله ويعلن فى الدعاء إيمانه بوعد الله وهذا تناقض لأن الوعد صريح فى وجوب إدخال الإبن النار كبقية الكفار بينما الدعاء يطلب إخراجه منه . "قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين "المعنى قال يا نوح إنه ليس من أمتك إنه فعل غير حسن فلا تطلبن الذى ليس لك فيه حق إنى أنصحك ألا تصبح من الكافرين،يبين الله أنه رد على طلب نوح(ص)فقال له :إنه ليس من أهلك والمراد إن الولد الغريق ليس من أمتك وهذا يعنى أن أهل نوح(ص)هم شيعته المؤمنون برسالته وليس أحد غيرهم ،إنه عمل غير صالح والمراد إنه صنع غير صالح ،وهذا يعنى أن سبب عدم كون ابنه من أمته هو أنه فعل السيىء وهو الكفر ،فلا تسئلن ما ليس لك به علم والمراد فلا تطلبن الذى ليس لك فيه حق تعرفه،وهذا يعنى أنه ينهاه عن طلب ما ليس له بحق وهو الذى لم يبحه الله له فى الوحى ،إنى أعظك أن تكون من الجاهلين والمراد إنى أنصحك ألا تصبح من الظالمين مصداق لقوله بسورة الأنعام"فتكون من الظالمين"وهذا يعنى أنه يذكره بالحق حتى لا يكفر به . "قال رب إنى أعوذ بك أن أسألك ما ليس لى به علم وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين "المعنى قال إلهى إنى أحتمى بطاعتك أن أطلب منك الذى ليس لى فيه حق وإلا تعفو عنى أى ترأف بى أصبح من المعذبين،يبين الله أن نوح(ص)قال :رب أعوذ بك أن أسألك ما ليس لى به علم والمراد إلهى احتمى بطاعة حكمك أن أطلب منك الذى ليس لى فيه حق وهذا تراجع من نوح(ص)عن طلبه بنجاة الإبن فهو يطلب من الله حمايته حتى لا يطلب هذا الطلب أو مثله ،وإلا تغفر لى أى ترحمنى والمراد وإلا تعفو عن ذنبى أى تنفعنى بعفوك أكن من الخاسرين والمراد أصبح من المعذبين وهذا يعنى أنه يستغفر الله لذنبه حتى لا يخسر دنياه وأخرته . "قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم "المعنى قيل يا نوح انزل بنفع منا وخيرات لك ولجماعات ممن معك وجماعات سنرزقهم ثم يصيبهم منا عقاب شديد ،يبين الله أنه أوحى إلى نوح(ص)أى قال له :اهبط بسلام منا والمراد إنزل بنفع منا مصداق لقوله بسورة المؤمنون "وقل رب أنزلنى منزلا مباركا"والمراد اسكن بخير فى مكة وفسر الله السلام بأنه بركات أى أرزاق له ولأمم ممن معه والمراد لجماعات من الذين ركبوا الفلك وهى المخلوقات عدا الناس ولأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم والمراد وجماعات هى الناس سنرزقهم قليلا ثم يصيبهم منا عقاب موجع أى غليظ مصداق لقوله بسورة النور"أو يصيبهم عذاب أليم "وقوله بسورة لقمان"نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ "وهذا إخبار لنوح(ص)أن من نسل ممن معه سيكون كفار فى المستقبل يدخلون النار . "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين "المعنى تلك من أخبار المجهول نلقيها لك ما كنت تعرفها أنت ولا شعبك من قبل نزولها فأطع إن الجنة للمطيعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن تلك وهى قصة نوح(ص)من أنباء الغيب والمراد أخبار المجهول نوحيها إليك والمراد نقصها عليك مصداق لقوله بسورة طه"كذلك نقص عليك "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك والمراد ما كنت تعرفها أنت ولا شعبك يعرفونها من قبل هذا أى من قبل نزولها عليك وهذا يعنى أن الناس فى عصر النبى (ص)لم يكونوا يعرفون قصة نوح(ص)كما هى فى القرآن ويطلب الله من نبيه(ص)أن يصبر أى يطيع حكم الله ويبين له أن العاقبة وهى عقبى الدار أى الجنة هى من نصيب المتقين أى المطيعين لحكم الله . "وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون "المعنى وأرسلنا إلى عاد صاحبهم هودا(ص)قال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه إن أنتم إلا كاذبون ،يبين الله أنه أرسل هود(ص)إلى قومه عاد فقال لهم :يا قوم أى يا شعبى اعبدوا الله أى اتقوا الله مصداق لقوله بسورة الشعراء"فاتقوا الله "أى أطيعوا حكم الله ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من رب سواه إن أنتم إلا مفترون أى كاذبون فى قولكم بوجود آلهة أخرى معه . "يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الذى فطرنى أفلا تعقلون "المعنى يا شعبى لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بمال إن ثوابى من الذى خلقنى أفلا تذكرون ؟،يبين الله لنبيه (ص)أن هود(ص)قال لقومه يا قوم لا أسألكم عليه أجرا والمراد يا أهلى لا أطلب منكم مالا مقابل إبلاغ الوحى مصداق لقوله بسورة هود" ويا قوم لا أسألكم عليه مالا "إن أجرى إلا على الذى فطرنى والمراد إن ثوابى إلا من الذى خلقنى وهذا يعنى أنه يأخذ ثوابه من الله وليس يأخذ مالا منهم ، أفلا تعقلون أى "أفلا تذكرون "كما قال بسورة الجاثية وهذا يعنى أنه يقول لهم أنهم مجانين باتباعهم دين أباءهم . "ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين "المعنى ويا شعبى استعفوا إلهكم أى أنيبوا له يبعث السحاب عليكم متتابعا ويضاعفكم بأس إلى بأسكم ولا تصبحوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن هود(ص)قال لعاد :يا قوم أى يا شعبى استغفروا ربكم أى اطلبوا العفو عن ذنبكم من إلهكم وفسر هذا بقوله توبوا إليه والمراد عودوا لدين الله يرسل السماء عليكم مدرارا والمراد يبعث السحاب لكم متتابعا وهذا يعنى أنه يبعث لهم المطر باستمرار على فترات ليرووا أرضهم وأنعامهم وأنفسهم ،ويزدكم قوة إلى قوتكم والمراد يضاعف لكم بأسكم بأسا والمراد يزيد عزكم عزا ويطلب هود(ص)منهم التالى ألا يتولوا مجرمين أى ألا يصبحوا مكذبين بوحى الله . "قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك وما نحن لك مؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إنى أشهد الله واشهدوا إنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون "المعنى قالوا يا هود ما أتيتنا بحجة وما نحن بمعتزلى أربابنا بسبب رأيك وما نحن لك بمصدقين إن نقول لقد أصابك بعض أربابنا بضرر قال إنى أعلم الله واعلموا إنى معتزل لما تعبدون من غير الله فامكروا بى كلكم ثم لا ترقبون،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا لهود(ص)يا هود ما جئتنا ببينة أى ما أتيتنا بحجة وهذا يعنى أنهم يقولون له أنك لم تأت بدليل على رسوليتك ،وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك والمراد وما نحن بمعتزلى أربابنا بسبب زعمك وهذا يعنى أنهم يتمسكون بأربابهم وفسروا هذا بقولهم وما نحن لك بمؤمنين أى مصدقين لك وهذا يعنى تكذيبهم للوحى المنزل عليه ،إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء والمراد إن نقول لقد أصابك بعض أربابنا بأذى وهذا يعنى أنهم يتهمونه بالجنون الذى أصابه به فى زعمهم آلهتهم ،فرد عليهم فقال إنى أشهد الله واشهدوا والمراد إنى أعلم الله واعلموا إنى برىء مما تشركون من دونه والمراد إنى معتزل للذى تعبدون من سوى الله وهذا يعنى أنه ترك عبادة كل آلهتهم ما عدا الله ،فكيدونى ثم لا تنظرون والمراد فامكروا بى ثم لا تتربصون والمراد فكذبونى ولا تترقبوا منى أترك دينى . "إنى توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم "المعنى إنى احتميت بطاعة الله إلهى وإلهكم ما من مخلوق إلا هو ممسك بنفسه إن إلهى على حكم عادل ،يبين الله لنبيه (ص)أن هود قال لقومه :إنى توكلت على الله والمراد إنى احتميت من العذاب بطاعة حكم الله ربى وربكم أى إلهى وإلهكم ،وهذا يعنى أن آلهتهم لا تقدر على إصابته بشىء مما ذكروا ،وقال ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها والمراد ما من مخلوق إلا هو ممسك بنفسه وهذا يعنى أنه المتصرف فى كل مخلوق موتا وحياة ورزقا وغيره ،إن ربى على صراط مستقيم والمراد إن إلهى على دين حق وهذا يعنى أن الله شرع لنفسه حكم كله قائم على العدل فى كل شىء ومن ثم لا يظلم أحد. "فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربى قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربى على كل شىء حفيظ "المعنى فإن كفروا فقد أخبرتكم الذى بعثت به ويمكن إلهى ناسا سواكم ولا تؤذونه بأذى إن إلهى على كل مخلوق وكيل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال لهود (ص)فإن تولوا أى كفروا برسالتك فقل لهم لقد أبلغتكم ما أرسلت به والمراد لقد أوصلت لكم الذى بعثت به وهذا يعنى أنه أخبرهم بالوحى كله ،ويستخلف ربى قوما غيركم أى "يستبدل قوما غيركم "كما قال بسورة محمد وهذا يعنى أن الله يعطى الوحى والأرض لناس سواهم يطيعونه ولا تضرونه شيئا والمراد ولا تصيبونه بضرر وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إصابة الله بأى أذى مهما قل أو كثر،إن ربى على كل شىء حفيظ والمراد إن إلهى على كل مخلوق وكيل وهذا يعنى أن الله قائم يدبر لكل مخلوق ما يحفظه . "ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب عظيم "المعنى ولما أتى عقابنا أنقذنا هودا(ص)والذين صدقوا به بأمر منا أى أنقذناهم من عقاب أليم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لما جاء أمر الله والمراد لما أتى عذاب الله نجى هودا (ص)والذين آمنوا معه والمراد أنقذ هودا(ص)والذين صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر أصدره للملائكة ألا يصيبهم العقاب وفسر هذا بأنه نجاهم من عذاب عظيم أى أنقذهم من عقاب غليظ مصداق لقوله بسورة هود"ونجيناهم من عذاب غليظ ". "وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد واتبعوا فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عاد كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود"المعنى وتلك عاد كفروا بآيات خالقهم أى خافوا مبعوثيه أى أطاعوا حكم كل متكبر طاغى وأخذوا فى هذه الأولى عقاب ويوم البعث ألا إن عاد كذبوا خالقهم ألا عذابا لعاد ناس هود(ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن عاد جحدوا بآيات ربهم أى كفروا بأحكام إلههم كما جاء قبل نهاية الآية وفسر هذا بأنهم عصوا رسله والمراد خالفوا حكم الله المنزل على مبعوثه لهم هود(ص)وفسر هذا بأنهم اتبعوا أمر كل جبار عنيد والمراد أطاعوا حكم كل طاغى متكبر وهذا يعنى أنهم أطاعوا حكم سادتهم ولذا فقد اتبعوا فى هذه الدنيا لعنة والمراد أصيبوا فى هذه الأولى بعذاب هو الريح الصرصر ويوم القيامة وهو يوم البعث لهم لعنة أى عذاب ،ألا إن عاد كفروا أى جحدوا أى كذبوا أحكام خالقهم كما جاء فى بداية الآية ويبين لنا أن البعد وهو العذاب هو لعاد قوم أى شعب هود(ص) . "وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب"المعنى وإلى ثمود صاحبهم صالحا (ص) قال يا شعبى أطيعوا الله ما لكم من رب سواه هو خلقكم من التراب واستخلفكم فيها فاستعفوه أى أنيبوا له إن إلهى عالم خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل لثمود أخاهم وهو صاحبهم صالح(ص)فقال لهم يا قوم أى يا أهلى اعبدوا أى "فاتقوا الله "كما قال بسورة الشعراء والمراد أطيعوا حكم الله ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من خالق سواه وهذا يعنى أنه يقول لهم أن الله يستحق العبادة وحده لأنه الخالق وحده ،هو أنشأكم فى الأرض والمراد هو خلقكم من التراب وهذا يعنى أن الله خلقنا من تراب الأرض واستعمركم فيها أى استخلفكم فيها أى طلب منكم عمارتها وهى صلاحها فاستغفروه أى اطلبوا من الله العفو عن ذنبكم وفسر هذا بأن يتوبوا أى ينيبوا لدين الله ،إن ربى قريب مجيب أى إن إلهى سميع خبير والمراد إن الله يعلم بكل شىء تفعلوه يغفر لكم إن استغفرتموه وهذه هى الإجابة المقصودة. "قالوا يا صالح قد كنت مرجوا فينا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب"المعنى قالوا يا صالح قد كنت فينا عظيما قبل هذا أتزجرنا أن نطيع ما يطيع آباؤنا وإننا لفى ريب مما تنادينا له عظيم ،يبين الله لنا أن الكفار قالوا :يا صالح قد كنت مرجوا فينا قبل هذا والمراد يا صالح قد كنت عظيم الشأن بيننا قبل دعوتك هذه وهذا يعنى أنه كان بينهم عاقلا يحترمون رأيه،أتنهانا أن نعبد ما يعبد أباؤنا والمراد هل تزجرنا أن نطيع الذى يطيع أباؤنا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صالح(ص)أنهم لن يتركوا دين الأباء مصداق لقوله بسورة هود"أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا"،وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب والمراد وإننا لفى تكذيب للذى تنادينا لإتباعه عظيم مصداق لقوله بسورة البروج"بل الذين كفروا فى تكذيب"وهذا يعنى أنهم لن يتبعوه. "قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى منه رحمة فمن ينصرنى من الله إن عصيته فما تزيدوننى غير تخسير"المعنى قال يا شعبى أعلمتم إن كنت على دين من خالقى أى أعطانى منه حكم فمن ينقذنى من عقاب الله إن خالفته فما تريدون بى غير هلاكى ،يبين الله لنبيه(ص)أن صالح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا أهلى أرأيتم إن كنت على بينة من ربى والمراد أعرفتم إن كنت على حكم من خالقى وفسره بقوله وأتانى منه رحمة أى جاءنى منه دين أى رزقنى منه رزقا مصداق لقوله بسورة هود"إن كنت على بينة من ربى ورزقنى منه رزقا حسنا" فمن ينصرنى من الله إن عصيته والمراد فمن يمنع عنى عقاب الله إن خالفته ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أنه سيتبع دين الله لأنهم لا يقدرون على منع عذاب الله عنه إن هو أطاع رأيهم ،وقال فما تزيدوننى غير تخسير والمراد فما تريدون بى سوى عذابى ،يبين الله لنا أنهم يريدون إنزال عقاب الله به وليس غير هذا . "ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب"المعنى ويا شعبى هذه ناقة الله لكم دليل فاتركوها ترزق فى بلاد الله ولا تصيبوها بأذى فيصيبكم عقاب دانى،يبين الله لنبيه(ص)أن صالح(ص)قال لقومه هذه ناقة الله لكم آية والمراد هذه ناقة الله لكم برهان أى معجزة دليل على صدقى فذروها تأكل فى أرض الله والمراد فاتركوها ترعى فى بلاد الله وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يتركوا الناقة تفعل ما يحلو لها ،ولا تمسوها بسوء والمراد ولا تصيبوها بضرر فيأخذكم عذاب قريب والمراد فيصيبكم عقاب أليم مصداق لقوله بسورة الأعراف"فيأخذكم عذاب أليم "وهذا يعنى أنه بين لهم
| |
|