بعضهم يدار بـ .. الريموت كنترول (1 من 2 )
أذكر أنني كنت في غرفة قاضي الأحوال الشخصية بقصر الدل لإجراء بحث حول كيفية نمو المشكلات الأسرية ، فإذا بشاب في أوائل العشرين من عمره ، يدخل إلى القاضي ويطلب تطليق زوجته ، فما كان من القاضي إلا أن أشار للشاب بأن يحكي لي سبب عزمه على التطليق ، فقال الشاب إن سبب عزمه على تطليق زوجته هو شدة تعلقها بأمها ، فسألته ومنذ متى وأنتما متزوجان ، فعجبت من الرد عندما قال : إننا قد عقدنا القران قبل أسابيع وكنا ننوي الزواج بعد أشهر ، وأن كثرة ترديد زوجتي لكلمة ( استشارة ) أمها وأهمية رأيها قد جعلتني أقدم على أسلوب الوقاية خير من العلاج ولذا سأعيد النظر في الارتباط بالفتاة خوفاً من تدخل والدتها المستقبلي في حياتي ، بدل محاولة علاج تبعات ذلك الأمر . بعد جلسة لم تزد على 15 دقيقة أوضحت له معنى الارتباط والفرق بينه وبين تسيب الحدود الأسرية ، وفعلاً اقتنع الشاب ولم يعد للمحكمة – على الأقل – طيلة فترة وجودي لإجراء البحث والتي امتدت لمدة أربع أشهر.
إن مشكلة تدخل الآخرين في شؤون الزوجين لا تقتصر على مجتمع بعينه أو ثقافة بعينها أو حتى عمر محدد ، وإنما هي ظاهرة عالمية ، ولعل أول من طرقها في العصر الحديث هو الباحث الأمريكي ( دوفول ) والذي أكد : أن تدخل الأهل يعتبر إحدى المشاكل الأساسية في المجتمع الأمريكي ، أما في مجتمعنا الكويتي ، ففي إحدى الدراسات التي قمت بها اتضح لي أن التدخل في الشؤون الزوجية للزوجين لا يقتصر على تدخل والديّ الزوج أو الزوجة .
أخت الزوجة
وإن كان الشائع هو اتهام والدتيّ الزوجين بالتدخلات ، فأخت الزوجة قد تلعب دوراً أحياناً ، خاصة إن كانت ذات طبيعة تسلطية في بيت أهلها ، إذ نجدها تحاول نقل خبراتها وإسقاط إحباطاتها على علاقة أختها الصغرى ، فعلى سبيل المثال أذكر في إحدى الحالات التي تعاملت معها حصل الخلاف قبيل ليلة الزفاف حين أصرت الأخت الكبرى والمتزوجة على أن يقيم عريس أختها الصغرى حفلة بأحد الفنادق ، ظناً منها أن ذلك دليل أولي على احترام وتقدير الزوج لأختها ولعائلتها مما سبب خلافاً بين العروسين تحملت نتائجه الأخت الصغرى ( العروس ) التي استسلمت وسمحت لأختها بالتدخل والحديث مع زوجها نيابة عنها .
أخي قاسٍ
وبالمقابل قد تلعب أخت الزوج دوراً وخاصة في حالة ازدواجية دور الأخ ( الزوج ) ، فعندما تجده جافاً مع إخوته وسلساً ودوداً مع زوجته ، تبدأ مشاعر الغصب والرغبة في الانتقام بالفوران فتحصل التوترات والمناوشات وتكون الضحية ليست أخت الزوج وليس الزوج نفسه وإنما زوجة الأخ ، والتي تتأثر بالتالي درجة ارتباطها وثقتها بنفسها وبزوجها من جراء تدخل أهل الزوج ممثلاً بأخته .
أخبرني أخبرك
إن عملية تدخل الآخرين سواء أكانوا أهلاً أو أصدقاء تأتي نتيجة عوامل عدة يمكن تحديدها بالعناوين التالية :
- أخبرني عن أهلك أخبرك كيف هو زواجك :
إن طبيعة الأسرة التي نشأنا فيها وترعرعنا في كنفها تحدد كثيراً من السمات الشخصية والحياتية لأسلوبنا ونمط حياتنا ، ففي الأسر التي تمارس السلطوية وتضيع فيها الحدود الشخصية للفرد تجده سواءً كان رجلاً أو امرأة عديم الوضوح في إدراك أطر وحدود العلاقة الزوجية ومدى ارتباطها بالآخرين وتدخلاتهم . وهذا النوع من الأسر يعيش حالة من الحدود السائبة التي ليس بها خصوصيات أو حفظ للأسرار أو احترام لكرامة الزوجين .
وبالمقابل هناك أسر تبرز بها الفردية المطلقة فينشأ الأبناء بها محدودي العلاقة بل وقد تنقط روابط الدم والقربى مع الأهل بحجة ضمان عدم تدخلهم في شؤونهم الخاصة ، وهذا النوع من الحدود الزوجية يسمى بالحدود المغلقة ، وكلا النوعين مضر بالعلاقة الزوجية إذ إن النسبية والمرونة مطلوبان للوصول لحالة من التوازن